لم ينتظر النوّاب الاربعة الخارجين من تحت خيمة التيّار الوطني الحرّ كثيراً ليرسموا لأنفسهم خارطة طريق لهم بعيداً عن التيّار البرتقالي ورئيسه النائب جبران باسيل الذي كان خلافهم معه أبرز أسباب خروجهم أو إخراجهم؛ إذ وجّهوا بوصلتهم في أوّل تحرّك لهم نحو البطريرك الماروني، معلنين عن أنفسهم كتكتل نيابي مستقل، ومنطلقين في مرحلة جديدة من حياتهم السياسية لم تتضح معالمها بعد.
فبعدما أقصى باسيل، بقرار منه، نائب رئيس مجلس النوّاب النائب إلياس بو صعب من عضوية التيّار، في شهر نيسان الماضي، واتبعه بإقصاء نائبين هم آلان عون وابراهيم كنعان، في حين اختار زميلهم سيمون أبي راميا الإستقالة، في شهر آب الماضي، خطا النوّاب الأربعة أول خطوة لهم في مسارهم السياسي الجديد نحو الديمان، حيث استقبلهم البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومن هناك أكد كنعان باسم زملائه أن “حراكنا يتخطى الأشخاص والمصالح الشخصية إلى دعوة للقاء مع الجميع حول مجموعة من الخطوات بعيداً عن كلّ التراكمات الماضية، لأنّه لا يمكن بناء مستقبل مشترك بروحية التفرقة والتشرذم والأحقاد والتخوين بين اللبنانيين والإخوة والشّركاء بالوطن”.
كلام كنعان هذا يبدو أشبه بالنفخ في قربة مقطوعة بعدما نسفت التطورات كلّ جسور العودة بينهم وبين باسيل والتيّار الوطني الحرّ، وبعدما شهدت قواعد التيّار البرتقالي ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي حملة إتهامات متبادلة بين النوّاب ومناصريهم من جهة وباسيل والتيّار من جهة أخرى، تركت إنطباعاً أنّ إمكانات ردم الهوة بينهم قد أصبحت مستحيلة، خصوصاً بعدما أرسل باسيل وفداً منه إلى البطريرك الراعي قبل زيارة النواب الأربعة إليه، في مسعى منه للقوطبة عليهم، لكنّ نتائج الزيارة الإستباقية لم تكن على قدر الآمال التي علّقها باسيل.
معالم الخطوة التالية للنوّاب الأربعة لم تتضح بعد، وسط تساؤلات حول إذا ما كانوا سيشكلون تكتلاً نيابياً خاصّاً بهم، أم سيتحالفون أو ينضمون إلى تكتلات سياسية حليفة أو على خصومة مع باسيل والتيّار الوطني الحرّ، ولا كيف ستكون علاقتهم مع قوى المعارضة أو حلفاء التيّار البرتقالي مثل الثنائي الشيعي وتيّار المردة وسواهم، ولا ما هي صورة علاقتهم المستقبلية مع النواب المستقلين.
لا يبدو أنّ النواب الأربعة في عجلة من أمرهم، وهم ليسوا واقعين تحت عامل الضغط، خصوصاً أنّه ليس ثمّة إستحقاق داهم، سواء إنتخابات نيابية أو رئاسية، لكنّ مصادر مقربة منهم نقلت عنهم قولهم إنّه “سيتم العمل على إنشاء لقاء تشاوري نيابي يشكل قوة ضاغطة، وهو لن يكون تكتلاً ولا حزباً، ووظيفته الأساسية الراهنة إنتاج حلّ لرئاسة الجمهورية”.
وعُلم أنّ “ثمّة تحضيرات بدأت لولادة لقاء تشاوري نيابي موسّع في الأسبوعين المقبلين سيضم نواباً مستقلين ومن كتل مختلفة، للسعي إلى فتح أبواب الحلّ داخلياً، حتى لا تأتي التسويات الخارجية على حساب لبنان”، كما نُقل عن النواب الأربعة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني