رغم الضغوط المستمرة لإحداث خرق في جدار مفاوضات وقف إطلاق النار، إلّا أن كل المؤشرات الميدانية تشير بوضوح إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدفع باتجاه استمرار الحرب على كل الجبهات، من غزة والضفة الغربية وصولاً إلى جنوب لبنان، وهو لا يُريد وقف إطلاق نار دائمٍ مع “حماس”.
هذا الواقع دفع بآلاف الاسرائيليين من معظم المدن في الأراضي المحتلة إلى التظاهر بالشارع والإضراب عن العمل، لمطالبة نتنياهو بإبرام اتفاق الإفراج عن الأسرى، لكن رد نتنياهو كان سريعاً بتفشيل الاتفاق مع إعلانه الإصرار على البقاء في محور فيلادلفيا.
“حماس” توقفت عند تفشيل نتنياهو كل المساعي للهدنة، وقرأت في تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن اعترافاً خطيراً يؤكّد عرقلة رئيس الوزراء الإسرائيلي مفاوضات الهدنة، حينما قال بايدن إنه لا يعتقد أن نتنياهو يبذل ما يكفي من جهود للتوصّل إلى اتفاق.
مصادر مراقبة أشارت في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية إلى أن المناورات التي يقوم بها نتنياهو “تهدف إلى إفشال اتفاق الافراج عن الرهائن، فبعد موافقة “حماس” على تأجيل البحث في إنسحاب إسرائيل من معبري فيلادلفيا وتنساريم إلى ما بعد إنجاز صفقة الرهائن، لجأ نتنياهو إلى إشعال الحرب في الضفة الغربية، وعندما واجه مقاومة شرسة من قبل الفلسطينيين في خان يونس والمخيمات القريبة منها أمر جيشه بقصف الأنفاق في غزة بصواريخ تزن نصف طن بحجة البحث عن قائد “حماس” يحي السنوار، ما أدّى إلى مقتل ستة من الرهائن”.
ورأت المصادر في ممارسات نتنياهو “رفضاً للحل الذي تقدّم به بايدن”، وتوقعت أن تشهد كل من غزة والضفة وجنوب لبنان “تصعيداً عنيفاً في المواجهات الميدانية تساعد نتنياهو على الهروب الى الأمام بتخلّيه عن شرط الموافقة على الهدنة التي تعمل عليها أميركا بالتعاون مع مصر وقطر بموافقة حماس، ما يعني استمرار الحرب حتى الصيف المقبل، موعد الانتخابات الاسرائيلية، فيكون نتنياهو قد ضمن بقاءه على رأس الحكومة لولاية ثانية”.
إلى ذلك، وفي المواقف السياسية المحلية، وبعد الحديث عن تحرك اللجنة الخماسية لإعادة البحث عن حل لأزمة الاستحقاق الرئاسي، أشار النائب بلال الحشيمي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أن “الأمور ما زالت على حالها وليس هناك من جديد يمكن البناء عليه لحل هذا الملف، بإنتظار وقف الحرب في غزة وجنوب لبنان”.
ولفت الحشيمي إلى أن “أعضاء اللجنة الخماسية أنفسهم ليسوا على تفاهم تام لحل هذا الموضوع، ففي الوقت الذي يفضّل فيه بعضهم الذهاب الى الخيار الثالث، يعتبر البعض الآخر أن انتخاب رئيس الجمهورية شأن لبناني ولا علاقة لهم به، وجلّ ما يقومون به تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، وهذا يعني أن الأمور تراوح مكانها، بانتظار الانتهاء من حرب غزة، وليس انتهاء الانتخابات الاميركية فقط”.
وقلّل الحشيمي من أهمية الضغط الاميركي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، “لأن كل أميركا في الوقت الحاضر منشغلة بأمن إسرائيل وليس رئيس جمهورية لبنان”، معوّلاً على وقف الحرب لإمكانية إحداث خرق معيّن.
إذاً، فإن الإنسداد سيّد الموقف، ولا أفق رئاسياً أو عسكرياً في الجنوب مع استمرار التصعيد الإسرائيلي على كل الجبهات لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية، ولا أفق داخلياً لإحداث حد أدنى من التوافق، ما يضع البلاد في مهب ريح الخطر.