في مناخ تراكم الفشل على الفشل في سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، انفجر الشارع في الكيان بوجه الحكومة، بحيث يمكن القول منذ اليوم إن «غضب إسرائيل» يواجه نتنياهو هذه المرّة، ذلك أن الإضراب العام الذي أعلنه اتحاد العمال «الهستدروت» وأيّدته مئات النقابات والهيئات الأهلية والبلديات، قابل للتحوّل الى إضراب مفتوح وهو خطوة نحوه ما لم يؤتِ ثماره بقبول الحكومة إنجاح مسار التفاوض والتوصل الى صفقة تعيد الأسرى من غزة قبل أن يعودوا جثثاً، كما عاد ستة من الأسرى من غزة، وفشلت رواية الحكومة والجيش في إقناع الرأي العام في الكيان أنّهم قتلوا من قبل حركة حماس، التي قالت إنهم قتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي الذي يستهدف القطاع بلا توقف وبلا رحمة، ويستخدم أشدّ الأسلحة فتكاً وتسبباً بالدمار.
كان واضحاً أن المشهد يدخل منعطفاً كبيراً مع تزامن عودة جثث الأسرى الى الكيان مع الفشل في منازلة الردع مع حزب الله، بعد استهداف المقاومة اللبنانية مقر الوحدة 8200، وبعد العمليات التصاعدية التي بدأت في الضفة الغربية رداً على الحرب التي أعلنتها حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال على الضفة الغربية، وتبلورت صورة مشروع الحرب كعمل مكلف لكن بلا أفق، وشعرت القيادات النقابية والسياسية أن الكيان ذاهب للانهيار ما لم يمسك أحد بيد نتنياهو ويأخذه رغماً عنه الى الاتفاق في غزة، ولم يكن غير الشارع قادراً على فعل ذلك، فخرج ثلاثمئة ألف من هذا الشارع يدعون لصفقة تُخرج الأسرى وتنهي الحرب فوراً.
في الضفة الغربية معارك ضارية يخوضها المقاومون في مدينة جنين، وخصوصاً في مخيمها، حيث سقط قتلى وجرحى لجيش الاحتلال، لكن المفاجأة التي أصابت الكيان كله بالذهول كانت عملية ترقوميا شمال الخليل حيث قتلت المقاومة ثلاثة جنود كانوا في سيارة وتلقوا إحدى عشرة رصاصة من سيارة، قال جيش الاحتلال إن مقاوماً كان يقودها بينما تولى المقاوم الآخر فتح النار وقتل الثلاثة.
قوى المقاومة في الضفة الغربية قالت إنها أعادت ترتيب صفوفها بما يتناسب مع فرضية طول أمد المواجهات لأسابيع وشهور، احتمال اتساع رقعة المواجهات لتشمل مدناً ومخيمات جديدة، ودخول المستوطنين على الخط بالاعتداء على مدن ومخيمات الضفة الغربية بصورة تستنفر الفلسطينيين لتوسيع المشاركة في المواجهة.
لبنانياً، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة الى اللبنانيين والعرب بمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، قال فيها إن سقوط غزة هو سقوط للأمة، وفتح الطريق أمام مشاريع التقسيم.
وجدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمته بمناسبة الذكرى 46 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر التأكيد على «التزامنا ببنود ومندرجات القرار الأمميّ رقم 1701 وتطبيقه حرفياً، وللإشارة هنا أن كلّ الموفدين الدوليّين والأمميّين ومنذ اللحظات الأولى لصدور هذا القرار، يشهدون أن منطقة عمل قوات الطوارئ الدوليّة منذ عام 2006 وحتى السادس من تشرين الأول 2023 كانت المنطقة الأكثر استقراراً في الشرق الأوسط».
ولفت الرئيس بري إلى أن «الطرف الوحيد المطلوب إلزامه بهذا القرار هو «إسرائيل» التي سجلت رقماً قياسياً بانتهاك كل القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي ومن بينها القرار 1701 الذي خرقته «إسرائيل» براً وبحراً وجواً بأكثر من 30 الف مرة».
ودعا بري «الحكومة لا سيما الوزارات المختصة الى وجوب مغادرة مساحة الاستعراضات الإعلامية باتجاه إعداد الخطط والبرامج الطارئة والحضور اليومي في مراكز الإيواء، وتأمين أبسط المستلزمات التي تحفظ للنازحين كرامتهم وعيشهم الكريم. إن الذي يحصل في الجنوب أبداً ليس حوادث كما يحلو للبعض ويدعو هذا البعض أيضاً الحكومة الى التبرؤ مما يحصل، إن ما يتعرّض له لبنان من بوابة الجنوب هو عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان، وما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وفريقه الحكومي هو واجب الوجوب وبمنتهى الصراحة والوضوح ولبعض الواهمين والمراهنين على متغيّرات يمكن ان تفرض نفسها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي نقول لهؤلاء: اتقوا الله».
وفي الملف الرئاسي، أكّد بري بـ»اسم الثنائي الوطني حركة امل وحزب الله أن هذا الاستحقاق هو استحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، بل العكس كّنا أول من دعا في جلسة تجديد المطبخ التشريعي وأمام رؤساء اللجان إلى وجوب أن تبادر كافة الجهات السياسية والبرلمانية الى التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد».
وقال: «اليوم نعود ونؤكد على ما طرحناه في 31 آب من العام الماضي في مثل هذا اليوم ، هو لا زال دعوة مفتوحة للحوار أو التشاور، لأيام معدودة تليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي جانب كان. تعالوا غداً إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه».
ولفتت أوساط سياسية في الثنائي حركة امل وحزب الله لـ «البناء» إلى أن الرئيس بري أعاد إحياء مبادرته الحوارية كأحد الحلول العملية المطروحة والوحيدة للخروج من الأزمة الرئاسية ووضع الكرة في ملعب أطراف المعارضة التي تتخذ من الدستور ذريعة لقطع الطريق على مبادرة بري وعرقلة انتخاب الرئيس لا سيما أن بعض هذه المعارضة تراهن على معطيات خارجية تتعلق بحرب غزة والمشاريع الإسرائيلية والحشود الأميركية في المنطقة لقلب موازين القوى في المنطقة، وبالتالي في لبنان. وتشير الأوساط الى ان الرئيس بري مستمر بطرحه الحواري وسيقرّر موعد الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس التي تعتبر في صلب صلاحياته الدستورية.
وكان بري استقبل اليوم في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة السفير السعودي وليد بخاري، وكان بحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
وفي إطار ذلك علمت «البناء» أن اللجنة الخماسية الدولية من أجل لبنان ستستأنف اتصالاتها ولقاءاتها على الخط الرئاسي بعد عودة عدد من أعضائها من إجازاتهم الصيفية بموازاة لقاءات بين الفرنسيين والسعوديين في الرياض.
ميدانياً، واصل العدو عدوانه على لبنان اذ أعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أنّ «الغارة الإسرائيليّة المعادية الّتي استهدفت بلدة بيت ياحون، أدّت إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح».
في المقابل، استهدف مجاهدو المقاومة التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى تدميرها.
وردًا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وخصوصًا بلدة رميش، استهدف مجاهدو المقاومة دورية للجيش الصهيوني قرب حاجز «كفريوفال» بالأسلحة المناسبة وحققوا إصابات مؤكدة فيها.
كذلك استهدفوا انتشارًا لجنود العدو في محيط موقع المرج بالأسلحة الصاروخية.
وفي وقت لاحق استهدف المجاهدون التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارون بِمحلقة هجومية انقضاضية أصابتها بشكلٍ مباشر مما أدى إلى تدميرها. كما استهدفوا موقعي جل العلام وراميا بقذائف المدفعية وأصابوا الموقعين إصابةً مباشرة.
واستهدف مجاهدو المقاومة أيضًا موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
وردّ مجاهدو المقاومة مرة أخرى على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، فاستهدفوا مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة.
كما استهدفت المقاومة الإسلامية في إطار ردها على الاعتداءات الصهيونية مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة «شتولا» بالأسلحة الصاروخية وأصابوها إصابة مباشرة.
ومساء امس قصف مجاهدو المقاومة تموضعًا لِكتيبة الاستخبارات 8200 التابع لِفرقة الجليل في ثكنة ميتات بِصليات صاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.