لا خلاف أن ضربة حزب الله الردعية التأديبية على الكيان المؤقت فجر 25 آب، والتي سميت "عملية الأربعين" ليست كسابقاتها، بل أحدثت انكشافاً خطيراً في إسرائيل، وقامت بتشتيت المجهود السياسي وتوهان حركة العسكر إلى أكثر من 6 ساعات كما قال الإعلام الصهيوني، وإسرائيل إلى اليوم لا تسمح بتصوير أو تناول المواقع المستهدفة!
نعم تاهت إسرائيل، ولم تتمكن من السيطرة على ما يحدث، إنها هستيريا الدهشة والصدمة والمفاجأة، وصواريخ قبتها الحديدية ضَربت أراض فلسطينية تحتلها وتحديداً أصابت أهدافاً إسرائيلية، لذلك جاءت الروايات الإسرائيلية إعلامياً متناقضة بخبريات كثيرة وعجيبة بالمفهوم العسكري كدليل على فقدانها للمعلومات الاستخباراتية وللمصداقية فكذبت، ومن ثم كذبت، ولا تزال تفرض الكذب على عكس ما قام به إعلام المقاومة وبياناتها، ومن ثم الحسم بالمصداقية، وبكشف ما استهدف على لسان الأمين السيد حسن نصرالله!
لم تتناول بيانات حزب الله بعد الضربة التفاصيل المرجوة من قبل العدو والصديق، واكتفت بالتبليغ عن وقوع الضربة دون ذكر أماكنها، وحاولت أن تتجمل في تقديم السرد والهدف، وهذا زاد من ارباك الصهاينة في البداية، وجعلهم يُفبركون ويؤلفون ويثرثرون في إعلامهم كثيراً مما اخاف الشارع الإسرائيلي، وجعل حزبها في لبنان شامتاً بعملية المقاومة إلى حين الإعلان بعد ساعة من العملية عن ظهور السيد حسن ليحدد الأهداف، وليخاطب الصهاينة بمصداقية يؤمنون بها منه هو وليس من زعاماتهم!
...وهذا ما حدث، اطل السيد ضاحكاً ومرتاحاً وواثقاً ويمتلك الكثير من المعلومات التي لم يقل إلا القليل منها، وأهمها إعلانه عن قصف "قاعدة غليلون"، تاركاً فخاً كبيراً فيه اللعب على البعد النفسي الخطير من خلال عدم تأكيده لقوة الضربة وما نتج عنها، وفي حال لم توفق الضربة ستعاد في وقت يحدد لاحقاً!
خلال هذا الحديث الوصف الذي زاد الصهاينة تشويشاً في فكرة الخطر الوجودي لهم على أرض فلسطين كانت لغة جسد السيد ملكة ومتفوقة وعالية الثقة، وهذا يعني أنه يعلم ما أصابته العملية بتفاصيلها، وما نتج عنها ومنها، وما الأهداف التي طالتها، ولكن ابتسامة السيد تركت لهم الشك العميق، وأكدت أنه يمتلك الكثير من المعلومات الخطيرة، وسيكشفها في حينه بعد أن يعري نتنياهو الكذاب السفاح وفريقه الدجال الدموي!
حاولت إسرائيل قبل الضربة بنصف ساعة أن تذهب في ضرباتها من خلال بنك معلومات جاهزة وأيضاً من خلال الحدث والمراقبة، وانشغلت بالحركة الميدانية وليس بمخابرات اللحظة، أي ذهبت إلى الحاجة وأمانة التمني وليس على تعطيل الضربة، وبالنسبة لها هي قامت بعملية استباقية بأهداف اعتقدت انها تُستخدم، ومنها ما كان مستخدماً، أقصد تفرغت لبنك أهداف جراء حركة كبيرة قامت بها المقاومة قصداً، وليس إلى تعطيل بنك الأهداف التي افرغها حزب الله منذ مدة ليست ببعيدة!
وهذا يعني لا معلومات استخباراتية دقيقة لديها، وما أن وقعت العملية الصدمة أخذت إسرائيل تنشغل بالكذب في بياناتها، وتكذب ومن ثم تكذب فضخمت ما تصدت له من صواريخ" قالت إنها أكثر من 600 صاروخاً"، ودمرت منصات ومنشآت عسكرية حتى صدقت ما فبركته، ولم تعرف أن تتعاطى مع ساحتين مختلفتين مركبتين في قلب حزب الله "لن نشير إليهما الآن"، وأعتقدت إنها تمكنت من القدرة النوعية والقدرة الاستراتيجية والقدرة الدقيقة، وفي الحقيقة لم تدمر أي قدرة مما ذُكر، ولم تصل إلى تدمير 1 %، ولم تقدر إسرائيل من خلال بنك التحركات أن تطال القدرة الصاروخية في المقاومة، ولم تصب أي صاروخ إلا منصات وهمية اعتمدت قصداً وكُشفت عمداً من قبل المقاومة، وهذه المقاومة تعمدت كل الليل على "ثعلبة" تمويه وتضليل العدو قبل العملية وخلالها!
نتج عن "عملية يوم الأربعين" انكشاف الردع الإسرائيلي بمعادلات تكتيكية لصالح من قام بالعملية أي لصالح المقاومة!
نعم حزب الله في بياناته بعد إدارة متميزة ل" عملية الأربعين" رداً على جريمة الضاحية الجنوبية لبيروت وإغتيال القائد السيد فؤاد شكر اعتمد التجمل، وإسرائيل خلال وبعد الضربة كذبت ومن ثم كذبت حتى صدقت كذبها إلى أن أطل السيد حسن نصرالله فزرع الشك في صفوف العدو، وكشف القليل مما يعرفه عن ما نتج من " ضربة الأربعين"...!