في خطوة هي الأولى من نوعها في العالم العربي، شرعت صيدليات المغرب رسمياً في بيع مكملات غذائية ومنتجات تجميلية مصنوعة من القنب الهندي (الحشيش) بعدما منحت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي (حكومية) رخصة التوزيع لشركة توزيع وطنية واحدة توافرت فيها الشروط القانونية اللازمة لإدارة عملية توزيع المنتجات المصنّعة من هذه النبتة ذات المفعول المخدر.
ويأتي هذا المستجد، بعدما كانت الحكومة المغربية قد أصدرت قراراً يقضي بتقنين استخدام الحشيش لأغراض طبية وتجميلية، وذلك في سياق مساعيها لمحاربة الإتجار غير القانوني بالمادة والحد من آثارها الصحية والاجتماعية، لا سيّما في صفوف الشباب.
في الصيدليات حصراً
وفي خطوة لاقت ترحيباً من مهنيي الصيدليات وإقبالاً من المواطنين، بات اليوم حوالي 19 منتجاً من القنب الهندي معروضاً للبيع في الصيدليات بصفة حصرية، إذ لن يجري تداوله في أي مكان آخر، بحسب ما أعلنته كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، التي نوّهت بهذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة المغربية من أجل تعزيز الاستخدام الطبي والتجميلي للقنب الهندي، مستبعدة الجوانب التخديرية لهذا النوع من النباتات.
وتم بالفعل تسجيل 9 مكملات غذائية و10 مواد تجميلية لدى مديرية الأدوية والصيدلة، وستحتوي المكملات على الكانابيديول (CBD)، وهي مادة كيماوية تُستخرَج من نبات الماريغوانا، بنسبة تتراهيدروكانابينول (THC) أقل من 0.3 في المئة، فيما يجب أن تصنع المنتجات التجميلية من أكانابيديول بنسبة تتراهيدروكانابينول 0 في المئة.
وقال رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب محمد الحبابي لـ”النهار العربي”، إن المنتجات المستخلصة من القنب الهندي التي رخّص لها المغرب لا علاقة لها بالتخدير، وليس لها أي تأثير على العقول، مورداً أن هذه النبتة تتكون أساساً من مادتين أساسيتين هما الكانابيديول والتتراهيدروكانابينول المسؤولة عن التأثير النفسي أو التخدير، فيما تتميز الأولى بخصائصها الوظيفية لإكمال العلاجات.
الجانب الإيجابي
وأشار إلى أن المغرب ومن خلال تقنينه الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي عمد إلى استخلاص الجانب الإيجابي من هذه النبتة من خلال إدراجها في المكملات الغذائية والمستحضرات التجميلية، والتي لاقت إقبالاً لافتاً من المغاربة، فالجميع بات يعلم الخصائص الوقائية والعلاجية لهذه المنتجات القانونية.
يُشار إلى أن هذه المنتجات تخضع لتنظيم قانوني من مرحلة زراعة البذور حتى وصولها إلى الصيدليات، تحت إشراف الوكالة الوطنية لتقنين منتجات القنب الهندي. وأكد الحبابي أن المختبرات المصنعة ملزمة بإبلاغ الوكالة عند تلقي أي طلبية من الصيدليات، متضمنة تفاصيل الطلبية لضمان التتبع والمراقبة.
وفي اجتماع عقد في الدار البيضاء، حضره المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين منتجات القنب الهندي ومدير مديرية الأدوية والصيدلة في وزارة الصحة، لفت الحبابي إلى أنه تم خلال الاجتماع وضع أسس صرف هذه المنتجات في الصيدليات، فيما حصلت خلال الاجتماع 9 مكملات غذائية و10 مستحضرات تجميل على الترخيص الرسمي.
وكانت الحكومة المغربية قد أقرّت في 25 شباط (فبراير) 2021، قانوناً لزراعة القنب الهندي واستخدامه، عقب سنوات من رفضها ذلك، وبموجب القانون الذي أقره البرلمان لا يسمح باستخدام النبتة لأغراض شخصية خارج الأطر المدرجة ضمن القانون الذي يهدف إلى تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من مهربي المخدرات الذين يسيطرون على تجارة القنب ويصدرونه بطريقة غير قانونية إلى أوروبا.
الضوء الأخضر
وأعطت الحكومة المغربية في نيسان (أبريل) 2023 الضوء الأخضر لزراعة أول محصول من القنب الهندي، كما جرى توزيع البذور على الفلاحين والتعاونيات في كل من أقاليم الحسيمة وشفشاون وتاونات شمال المغرب، بغرض الاستعمالات الطبية والصناعية، كما منحت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي قبل أشهر عشرة تراخيص تتيح لأصحابها تصنيع النبتة الخضراء التي يستخرج منها مخدر الحشيش، وتسويق منتجاتهم لأغراض طبية وصيدلية وصناعية وتصديرها. واشترط القانون على المزارعين الانخراط في تعاونيات، مع إلزامية استلام المحاصيل من قبل شركات التصنيع والتصدير، تحت طائلة توقيع عقوبات، إذ يسعى المغرب إلى استهداف السوق الأوروبية وتحقيق دخل سنوي يصل إلى 630 مليون دولار، وفقاً لتقديرات رسمية.
وبلغت عائدات السوق العالمية للقنب الطبي 16.5 مليار دولار عام 2019، فيما تقول التوقعات إن هذا الرقم سيصل الى 44.4 مليار دولار عام 2024. وأفادت دراسة أصدرتها وزارة الداخلية عام 2021 بأن عدد المغاربة الذين كانوا يعملون في الزراعة غير المشروعة لنبتة القنب الهندي بنحو 400 ألف شخص، بيد أنه بعد تقنين هذه الزراعة في المملكة، بدأ المزارعون في المناطق المحددة قانونياً طلب التراخيص لدى الوكالة المكلفة، لينتقل عددها من 609 رخصة العام الماضي إلى 2342 رخصة هذا العام، كما منحت السلطات 168 ترخيصاً لمصلحة 61 مستثمراً، ليضافوا إلى 82 مستثمراً العام الماضي.
وتمت أول عملية تصدير لمادة “الحشيش” المستخرج من القنب الهندي قانونياً في نيسان الماضي نحو سويسرا لأغراض دوائية، وتوالت شحنات تصدير المنتجات من طرف شركات مغربية نحو أوروبا، لتصل حالياً إلى ما مجموعه 55 كيلوغراماً بيعت بمعدل 1500 دولار للكيلوغرام الواحد، بحسب معطيات الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.