عاد الرهان من جديد على إنجاز وقف لاطلاق النار في قطاع غزة وإرساء هدنة دائمة، لكن ما رشح من ترويج إيجابيات لا تزال ضمن دائرة التوقعات، ملامسة نظر مسطحات ماء والأرض يباب..! اما الرهان الثاني فهو على عامل الوقت المثبت عَلى ساعة نتنياهو فيما الادارة الاميركية تحاول تسريع العقارب حاجة الانتخابات الرئاسية عَلَّ توقيت تل ابيب يُدَمج مع واشنطن. ثم ان كلا الرهانين يؤكدان مفاوضات الوهم لجملة اسباب طال شرحها لَيسَ اقلها انتفاخ الشروط حينآ ثم تنفيسها تكرارآ حجة زعيم الدَّهْماء على ما صرح “مزيد مِن الضغوطات على حماس لفرض شروط التسوية” على حساب نزيف مستمر ومجازر تتوالى بحق المدنيين الفلسطينيين..!
تاليآ؛ من ثوابت العنوان العريض لتجدد المفاوضات عَلى أهميتها تلافي او تخفيف وطأة رد ايران وحزب الله عَلى اغتيال كل من الشهيدين اسماعيل هنية وفؤاد شكر، تجدد مانع اندلاع حرب أوسع نطاقا وأشد فتكا وتدميرا ينتظرها نتنياهو بفارغ الصبر.
ثم ان الجبهة الجنوبية لا تزال تشكل عامل ضغط اضافي ديموغرافيآ، إقتصاديآ وعسكريآ لإنجاز وقف النار، في فك ارتباطها بحرب القطاع ما يسمح بدء محادثات اليوم التالي بهدف ارساء ترتيبات امنية متقدمة الصيغة والشروط تحت غطاء تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته مع تثبيت الحدود البرية؛ سيَما ان التجديد لقوات الطوارئ الدولية سيأخذ طريقه رغم تقلص الدور والزخم وفق المسودة التي قدمتها فرنسا دون تعديل، تزامنآ وفي استكمال لمسلك التسوية تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي لتعاود اللجنة الخماسية نشاطها بدفع اميركي – فرنسي يؤمن ما يشبه الدوحة-2 لا اكثر ولا اقل..!
تأتي الزيارة التاسعة منذ بدء العدوان لوزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن تل أبيب لتؤكد الحاجة الى هدنة تستثمر انتخابيآ، وعلى هذا الاساس تم تجفيف حبر مبادرة الرئيس الاميركي بايدن ليتم تبني شروط نتنياهو الجديدة، والتي اعتبرت تعجيزية من حركة حماس من اهمها تمركز دائم للجيش الاسرائيلي في محور نتساريم ومعبر فيلادلفيا عَلى الحدود الفلسطينية ـ المصرية ..!
في السياق وقبل ان يصل بلينكن الى القاهرة والدوحة استبق الامور والنتائج ليرسم خط الوساطة الجديد المفخخ بأللا ممكن مصرحآ “إنها لحظة حاسمة، على الأرجح أفضل وربما آخر فرصة لإعادة الرهائن إلى ديارهم والتوصل إلى وقف إطلاق نار ووضع الجميع على طريق أفضل إلى سلام وأمن دائمين”..
تزامنآ؛ تضاربت الرؤى والتصريحات حول الهدنة المطلوبة ووقف اطلاق النار مِن اركان السلطة المحتلة بين مؤيد لمناورات نتنياهو ومعارض التلاعب بمصير الرهائن، فيما سجل بيني غانتس وزير الدفاع المستقيل مِن حكومة الطوارئ ترجمة لانقسام الشارع الاستيطاني مطالبآ نتنياهو (أن يكون شجاعًا ولو لمرة واحدة والتوقف عن اللعب بمصير إسرائيل وقبول صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس!..)
ضمن الحركة الديبلوماسية للوزير بلينكن وفي كل تصريح ادلى به امام وسائل الاعلام سواء قبل بدء لقاءاته او بعدها كان تكرار لعبارة (الفرصة الاخيرة) ورقة رميت في وجه قيادة حماس وعلى طاولة الوساطة المصرية – القطرية؛ هي حمالة اوجه قد تدخل في باب تشجيع الوسيطين لبذل مزيد مِن جهود إنجاحها، كما قد تترجم صنف تهديد يقارب صفة ابتزاز وقف الرعاية الاميركية لوساطة ديبلوماسية في اساسها واشنطن طرف منحاز؛ كذلك يمكن ادراجها في خانة الدفع والتحفيز (لحظة حاسمة ربِما تكون الافضل) سند استنتاج من مجمل الحركة الديبلوماسية بعد عناء السعي لإنجاحها. لكن العبرة لا تقتصر على موافقة طرفي الصراع (المحتل والمقاوم) بَل تحتاج مصداقية تنفيذ والتزام.. لِذا فإن آليات التطبيق امر ضروري مانع انحراف او خديعة..
يَبقى السؤال كيف السبيل لكبح نتنياهو عن تعطيل المفاوضات وانجاح وقف إطلاق النار..؟ طالما ان الوسيط الديبلوماسي الاميركي لا يستطيع الموازنة في الرؤية والتفكير بين طرفي الصراع..! اذ هو يتبع النَفَس العدو في سياسته واهدافه، كما عشب البرية ان مالت الريح مال معها ليسقط الحال والمآل في دوامة الفشل..! ثُم ان تصريح يوآف غالانت امام اركانه ان الثقل العسكري للوحدات المدرعة ينتقل مِن الجنوب (جبهة غزة) الى الشمال (الحدود اللبنانية) قَرار تصعيد عسكري متوقع عَلى الجبهة الجنوبية، توتر متسارع كمآ ونوعآ سواءً في صنوف الاسلحة المستخدمة ام في العمق الجغرافي ولائحة الاهداف لَيسَ اقلها طموح العدو في عودة مستوطني الشمال قسرآ الى مساكنهم قبل 7 اكتوبر القادم..! ..
مما لا شك فيه ان حركة حماس وفصائل المقاومة بيدها الرهائن “كارت احمر” لإنجاز تَسويَة توقف العدوان وتؤمن عودة الاهالي واعادة الاعمار الخ..! لكن ما يتجاهله نتنياهو ووزراء السِفاح (بن غفير، سموتريتش.الخ.) ان العمليات الاستشهادية احدى قدرات القوة لا بَل اشدها كذلك فتح فوهات بنادق مقاتلي الضفة الغربية … اذ يثبت التاريخ ومحطات النضال والتحرير مهما بلغت التضحيات ان الشعوب لا تعدم وسيلة لحريتها؛ أوَ ليست ثورة الحجارة مِن أسسها والبدايات..؟
الانسانية تتحدى سياسة (الفرصة الاخيرة) وحماس ما زالت تمنع انتفاخ عقل نتنياهو وحلم النصر، ما سيردع العدوان لَيسَ تأييد معنوي مِن دول شقيقة وصديقة ولا دعم بعلب الدواء والغذاء يكفل صمود المقاومة ونصرها، الايمان صلب الوجود الامر ان يكون هنالك شعب فلسطيني ام لا يكون، والمِعَدُ الخاوية تأقلمت اجسادها مع جوع وعطش؛ أيتام غزة في مدافنها والعلياء قوافل الردع المؤثر والمُحرِر، لهم الحسم مُكرس لهم مستقبل فلسطين..!
الكاتب: العميد منذر الأيوبي
عميد متقاعد، كاتِب وباحث..
موقع سفير الشمال الإلكتروني