في الوقت الذي تنصب فيه الجهود الدبلوماسية الدولية على محاولة ضبط رد إيران وحلفائها في المنطقة، تبقى العراقيل وحسابات بنيامين نتنياهو في سباق مع هذه الجهود، ما يبقي المشهد في الشرق الأوسط على كف عفريت، وفي سباق دائم بين الدبلوماسية وقرقعة الأعمال الحربية.
ذلك أن التفاؤل الذي عكسه البيان الثلاثي الأميركي – القطري – المصري بعد مفاوضات الدوحة، سرعان ما ووجه برفض حماس التي اعتبرت أن ما أُبلغت به "حول نتائج المحادثات في الدوحة لا يتضمن الالتزام بما تم الاتفاق عليه في 2 تموز". وكان بيان عن الدول الثلاثة اعتبر أن المحادثات كانت "جادة وبناءة وأُجريت في أجواء إيجابية"، مشيراً إلى أن "كبار المسؤولين" سيلتقون "مرة أخرى في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل آملين التوصل إلى اتفاق وفقًا للشروط المطروحة اليوم".
وسياق الدبلوماسية بقي منسحباً على بيروت، التي استقبلت اليوم وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي الذي التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب. وأكد عبد العاطي العمل مع واشنطن والدوحة على "وقف فوري لإطلاق النار ووقف قتل المدنيين وتبادل الأسرى والرهائن" لأن "هذا هو المفتاح لبداية الحلّ في المنطقة"، مشدداً على تنفيذ القرار 1701.
على خطٍ مواز، كان رئيس "القوات" سمير جعجع يفكّر بالإنتخابات النيابية المقبلة، مواصلاً استلحاقه بركبِ مواجهة النزوح السوري بعد تأخرٍ منذ العام 2011. ففي مؤتمر صحافي استخدم جعجع حرفياً المفردات التي بادر إلى إطلاقها التيار الوطني الحر ورئيسه لجهة مصطلح "غير الشرعي" في توصيف النزوح السوري، قبل أنْ يعيد سلسلةً من المواقف ويربطها بانتخابات 2026، وهو العارف ألا ورقة لديه إلا هذا الإستغلال المتأخر، بعدما سقطت شعارات الكذِب والزيف، على مذبح "نحن بدنا ونحن فينا".
وقد طالت سهام جعجع كلاً من "التيار"، وحزب الله، ونجيب ميقاتي من زوايا مختلفة ومختلطة عشوائياً. فجدد التهجم على "التيار" والرئيس العماد ميشال عون شخصياً معتبراً أنه هو من "أدخلنا في الجحيم".
كما اعتبر أن "الحكومة اللبنانية ترتكب خيانة عظمى في احداث الجنوب، ولا سيما انها المسؤولة عن الشعب اللبناني". وطالب بأن "تسلم الحكومة زمام الأمور كما يجب من خلال البدء بتحديد المسؤوليات والتواصل مع هوكستين والاطلاع منه على اقتراحه ومناقشته، ولا سيما انه يتمثل بإنهاء الوضع في الجنوب اذا تم تطبيق القرار 1701 كاملاً بمراحله المتعددة، بدءاً من الخطوة الاولى اي انسحاب “الحزب” لمسافة 8 أو 10 كيلومترات عند الحدود الجنوبية واستلام الجيش اللبناني لهذه النقطة”.
وقد سارع مكتب ميقاتي للرد على جعجع سائلاً: "اذا كان ما يعتبره الدكتور جعجع حلا سهل التطبيق بعيدا عن المواقف الاعلامية، فليصارح الناس لماذا لم يتم تنفيذ ما قاله وحل القضايا العالقة منذ سنوات؟
وتابع: "ان التنظير عن بُعد ومن عُلو، رغم معرفة الظروف الدقيقة التي تعمل فيها الحكومة والمعطيات غير الخافية على احد هو قمة الافتراء والتجني. واعتبر مكتب ميقاتي "أن الحكومة تبذل كل ما هو مطلوب من عمل لتجاوز الصعوبات وهي لم تقصّر في اي امر يتعلق باي ملف لا سيما بالنسبة لايجاد حل للوضع في الجنوب ومعالجة تداعياته المباشرة وغير المباشرة".