2024- 12 - 23   |   بحث في الموقع  
logo الاستراتيجية والتكتيك لدى الحلف الصهيو-أمريكي منذ تسعينيات القرن الماضي!.. بقلم: المحامي عبد الناصر المصري logo سوريا بين نيل الحرّية وتحدّي الكرامة الوطنية!.. بقلم: حمد رستم logo جلسة 9 كانون الثاني: التفاؤل والتّشاؤم متساويان… عبدالكافي الصمد logo جنبلاط في قصر الشعب في زيارة سياسية وجدانية بأوجه عدّة!.. غسان ريفي logo الاحتلال يستهدف مستشفى كمال عدوان.. والفاتيكان يندد بـ"القسوة الإسرائيلية" logo جنبلاط أول الواصلين إلى سوريا "الجديدة": مغادرة الماضي المرير logo الشرع يستوعب الفصائل بالجيش الجديد: الانضمام أو التفكيك بالقوة logo عن الطغيان الذي زال وسوريا التي نريد
حسابات المواجهة الهادئة
2024-08-10 10:55:30


في البدء:منعاً لاختلاط النقاش، ودفعاً لالتباسه، فلا يداخله ما لا ينتمي إليه، فتضيع وجهته وموقعه... تنتمي المساهمة هذه، مثل سابقاتها، إلى وجهة النظر التي تجادل في أدبيات المواجهة القتالية ضد العدو الإسرائيلي، وتسعى إلى الإدلاء برأي متواتر حول إدارة المواجهة بطريقة تفصل بين ما هو أفضل وما هو قليل "الفضل"؛ إذن، الهاجس الذي يواكب القول، هو هاجس التمييز بين الخلاف السياسي الداخلي بين القوى اللبنانية، وبين العداوة المستدامة مع إسرائيل، التي ما زالت تحتفظ بزخم عدواني تتنوع أشكاله وأساليبه، في فلسطين، وحيال سائر البلاد العربية.في الموضوع:ارتفعت حدَّة المواجهة، في الآونة الأخيرة، بعد اغتيال فؤاد شكر، المسؤول القيادي في المقاومة الإسلامية اللبنانية، وبلغت الحدَّة مستوى عالياً بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اسماعيل هنية. عدوانٌ واحد فوق ساحة مواجهة واحدة، هي مساحة "وحدة الساحات" التي انتظم ضمن إطاراها المركز الإيراني، ومن يدور في فلكه في العراق وفي اليمن وفي لبنان.
يدور السؤال اليوم، حول الردود المحتملة من قِبل أطراف "وحدة الساحات"، وإذ يؤكد المعنيون، في إيران وفي لبنان، حتميَّة حصول الردّ على العدوان، فإن الذي يظلّ طيّ "المجهول" هو حجم الضربة الثأرية – الانتقامية، ومعها حجم ونوع الردّ المضاد المعادي، نوعاً ومساحة واتساعاً.يتبادل أطراف المواجهة التحذير والإنذار والتنبيه، فيشدّدون على شدّة وتدميرية الأعمال العسكرية المرتقبة، مثلما يتبادلون الاتهام بالمسؤولية عن التصعيد، فيتخذ كل طرف منهم موقع الدفاع عن النفس، حتى ولو كان ما سيقدم عليه من صنف الأعمال الهجومية. حتى الآن يبدو أن الدفاعية والهجومية معادلة تخصّ أصحابها، لكنها لا تجدي نفعاً ولا تترك أثراً في المواقف الدولية، التي صارت واضحة، وعلى صورة لا تحتمل خداع النظر، ولا تترك مجالاً للرائي، لينفي معاينة الخطوط البيّنة النافرة، لما شاهده ولما رآه.في المشهد الدولي:تقدمت الولايات المتحدة الأميركية ببيانها الانحيازي الجاهز. هي إلى جانب إسرائيل في الدفاع عن نفسها. هذا هو الموقف المعروف منذ اندلاع طوفان الأقصى، وحتى عشيّة البارحة.الإدارة الأميركية، ومن خلال أصوات رئيسها ووزير خارجيتها ومسؤولي القيادة العسكرية فيها... توبّخ إسرائيل أحياناً لأنها عرقلت الوصول إلى هدنة مؤقتة في غزّة، ثم تشفع توبيخها بشحنات قنابل تلبية لطلبات المستويين، العسكري والسياسي، الإسرائيليين.تبدي السياسة الأميركية الرسمية "قلقها" من بعض التجاوزات الإسرائيلية. تطالب بالتحقيق في الأفعال المشينة لقوات الاحتلال. تحثّ على تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين... والحصيلة، ما يعرفه القاصي والداني، من عشرات الآلاف من الضحايا والمصابين من الفلسطينيين.تدعو الإدارة الأميركية إلى ما تدعو إليه، وتعطّل كل مشاريع القرارات الداعية إلى وقف إطلاق النار في غزّة!!
تطلب ذات الإدارة من حزب الله، ومن إيران، استيعاب الضربة الأخيرة، وتدعم طلبها بالحشد العسكري بحراً وجوّاً... وفي ذات الوقت، لا تسقط عن حزب الله صفة "المنظمة الإرهابية". هي مفارقة تسقط عن الإدارة الأميركية شبهة السعي إلى توازنٍ ما، بين الضحيّة والجلاّد، توازن يشير بإصبع واحد إلى العدوانية الإسرائيلية، وهو يشير إلى أعداء إسرائيل بكل الأصابع.
هذا أميركيّاً، أمّا غربيّاً، وعلى صعيد التعميم، تعلو مطالبات فرنسية وبريطانية وألمانية... بضرورة عدم الانجرار إلى توسيع رقعة الحرب، لكن من دون أن يرافق ذلك ضغطاً مطلبيّاً ناعماً على إسرائيل، يشدّد على ضبط نبرة التهديدات العالية، ويركّز على دعوتها إلى الامتناع عن أخذ المنطقة إلى تطورات خرابية، مفتوحة على كل الاحتمالات.في تقدير الموقف:عرض أحوال المواقف الدوليّة الغربية، هدفه الوصول إلى تقدير موقف خاص يتناول الاحتمالات العملية المرجّحة لأصحاب تلك المواقف، ويتناول في الوقت عينه، الممكنات الذاتية التي تجمع بين السياسي والعملي، بحيث يضع من يلخص الموقف في اعتباره، حساب الفوز وحسابات الإخفاق، في السياسة وفي الميدان.
من دون بذل كبير جهد. خلاصة الموقف الغربي العام، منع وتحجيم ردود "محور المقاومة"، ودعم إسرائيل في حال المواجهة. هذه خلاصة واضحة يجب أن يضعها المقرّر "الاستراتيجي" على رأس جدول تقديره.
ومع قليل من الجهد، خلاصة تقدير الموقف "المقاوم" العام، ينطوي على حذر كبير من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وينطوي على سياسة محسوبة، من جانب المقاومة الإسلامية اللبنانية. الحذر من جهة "الجمهورية" والتحسّب من جهة "المقاومة"، أمران مفهومان يمليهما واقع كل منهما، الذي هو واقع المسؤول عن الدولة، في إيران، والمسؤول في داخل "الدولة" في لبنان. الجامع بين الإثنين وحدة القرار، والمشترك بينهما أيضاً، مساحة حرية "الحركة" في الأطراف، بالتناسب مع الظروف المحيطة بكل جغرافيا سياسية واجتماعية فيها.
اقتصار تسمية الذاتي على "إيران" وعلى "لبنان"، حقيقة تفيد أن الإسناد الصاروخي العراقي، والإسناد "الجوي" اليمني، لا يقدمان إضافة ميدانية نوعية إلى ساحة القتال، فالمجدي من هذا الأخير، قتال القرب، خاصةً عندما يكون البعيد ذا إمكانيات ضعيفة، وذا تركيز غير عالي "التركيز".رأي آخر:الرأي الآخر يميّز مضمونه عن مضامين الآراء التي يدلي بها المعنيون بالمواجهة المباشرة. التمييز له مادته السياسية التي تقدمها يوميّات المتدخلين، وله قاعدته السياسية، التي ينطلق منها ويبني فوقها، من يريد مقاربة الموضوع من موقع الاستقلالية في التقدير، ومن موقع الانتماء إلى المسؤولية عن كل تدبير.الانحياز الغربي، بقيادة السياسة الأميركية، واضح. الدعوة إلى عدم التصعيد لها وجهان، أولهما إبداء الحرص على السلم والأمن، عالمياً وفي الإقليم، والثاني إبلاغ المُطالَب بالتخفيف، بالاستعداد للتصدي له في حال المخالفة.
إضافة الوزن الغربي، إلى حجم الاستعداد الإسرائيلي المستند إلى دعم أميركي مفتوح، ليس له ما يوازنه ذاتيّاً، وليس له ما يوازنه دوليّاً على صعيد تقديم الإسناد المستدام في حال اندلاع الأعمال الحربية المفتوحة. هل يعني ذلك القول بعدم قدرة "محور المقاومة" على إلحاق ضرر كبير بالبنية الإسرائيلية؟ لا بالتأكيد، لكن، هل محور المقاومة بصدد مبادلة التدمير بالتدمير؟ أم أن المحور بصدد توظيف التهديد بالتدمير في معادلة إحداث تبديل وتغيير؟ هذا على صعيد "جيوسياسي" إن جاز القول، وعلى صعيد ضمانات طويلة الأمد، تمنع انفلات العدوانية الإسرائيلية، في فلسطين، وفي ما يحيط بفلسطين.
في سياق ما ورد أعلاه، قد يكون من الأجدى تغليب تقديم السياسي على العسكري، والدعوة إلى تنفيذ الاتفاقات الدولية، في لبنان كما في فلسطين، وطلب تقديم الضمانات من قبل الغرب الساعي إلى حفظ مصالحه، لترجمة ما هو منصوص عليه في كل اتفاق، واقعاً ملموساً، يكفل الأمن الوقائي لأطراف الصراع، في هذه اللحظة التاريخية الشديدة الاختلاط.
المبادرة إلى حشر الغرب في زاوية التزاماته الدولية، خطوة هامة في سياق إدارة المعركة الحالية، والمبادرة إلى المطالبة بتنفيذ القرار 1701 بصيغته السابقة أم بصيغة معدّلة لاحقة، خطوة مفيدة في سياق مواجهة الغرب بواجباته وبإخفاقاته، في ميدان المسؤولية الدولية.
هل لدى "المقاومة" ما تجنيه من جنوحها إلى إعلان طلب تخفيف التوتر، ومن مبادرتها إلى تعيين كيفية حصول ذلك؟ وهل لدى المقاومة ما تخسره في حال عدم الاستجابة لما تدعو إليه؟ إذا كان الجواب عن الجنى متفائلاً بحذر، فإن الجواب عن الخسارة هو نفيٌّ بالتأكيد.هامش أخير:ما قام به العدو في بيروت، وفي طهران، هو من طبيعة أمنية، ليكن الردّ من ذات الطبيعة. وفي الأثناء لا شيء يمنع إنضاج التسويات الكبرى على نار الالتزام بقواعد الاشتباك... ففي ذلك أداء محسوب لا يلحق ضرراً إضافياً بلبنان، ولا يتخلى عن هدف إسناد فلسطين.


أحمد جابر-المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top