بدأت وزارة النفط السورية بعملية تقنين تستهدف البنزين "أوكتان-95"، غير المدعوم، وذلك عبر ربطه ببرنامج "وين"، المربوط بدوره بالبطاقة الذكية، على غرار باقي المشتقات النفطية، المدعومة.
ويبدو ظاهرياً أن هدف الخطوة هو تجفيف منابع السوق السوداء، إذ يشكّل "الأوكتان-95"، المصدر الأول لها، بينما "الأوكتان-90"، المدعوم، مقنن بالأصل. إلا أن جملة من التساؤلات تبرز خلف هذه الخطوة، خصوصاً لجهة توقيتها، مع وصول الأزمة الاقتصادية إلى وضع حرج جداً، وبالتالي صعوبة تحصيل الدولار، فهل هي حقاً خطوة للقضاء على السوق السوداء؟ أم هي أزمة دولار؟
"تخفيف الازدحام والمتاجرة"
وأعلنت وزارة النفط السورية أنها ستبدأ باعتماد نظام الرسائل، لبيع مادة البنزين "أوكتان-95"، معيدةً سبب الخطوة إلى "تخفيف الازدحام في المحطات، ومنع عمليات المتاجرة وضمان وصول المادة إلى مستحقيها"، مشيرة إلى أن تطبيق نظام البيع الجديد، يبدأ الجمعة.
وحدّدت الوزارة الكمية المخصصة للسيارات الخاصة، بـ30 ليتراً، كل 8 أيام، بينما تحصل السيارات العامة على 25 ليتراً، خلال شهر، موضحة أن آلية التوزيع ستكون من خلال اختيار المحطة من تطبيق "وين"، أو قناة "تلغرام" الخاصة بالمشروع، ثم يتم بعدها حجز المادة، "بناءً على رغبة المواطن".
أزمة دولار؟
ويشكّل "الأوكتان-95"، المصدر الأول لبيع مادة البنزين في السوق السوداء، والتي بدورها تعاني شحاً شديداً، إذ تعكس أسعار المادة في هذه السوق، والتي وصلت إلى 30 ألفاً لليتر الواحد، في دمشق، أزمة استيرادها إلى مناطق النظام، حيث كانت في السابق، تُباع بشكل مباشر من محطات مخصصة، بغض النظر عن الكمية. بينما البنزين "أوكتان-90"، مقنن بالأصل، والمستفيدون منه، يغرقون لأسبوعين في انتظار رسالة من برنامج "وين"، للحصول على كميات ضئيلة جداً.
وعليه، فإن تقننين البنزين "أوكتان-95"، وتحديد كميات توزيعه وتوقيتها، يعكس أزمة خفية، يرى الخبير الاقتصادي يونس الكريم أنها "أزمة مركبة".
ويقول الكريم لـ"المدن"، إن الأزمة تعود لثلاثة أسباب، أولها، "تأزم علاقة النظام مع إيران"، والتي تورّد جزءاً مهماً من احتياجاته من المشتقات النفطية. وثانيها، وصول الأزمة الاقتصادية إلى مرحلة حرجة جداً، وبالتالي تنعكس على قدرة النظام لإيجاد مصادر للدولار الأميركي، اللازم لشراء المحروقات.
أما السبب الثالث، فيعود لصعوبة يعانيها النظام في عملية تهريب المخدرات عبر البحر، بدلاً من طريق الأردن، جراء تأزم الوضع العسكري في المنطقة، وهو ما انعكس بدوره على قدرته في الحصول على الدولار، بحسب الكريم.
ولجملة الأسباب تلك، يرى الكريم أن إدارة توزيع البنزين "أوكتان-95"، والمحروقات عموماً، أصبحت لزاماً على النظام. ويوضح أن الهدف هو تخفيف الطلب على المادة، "غير المتوفرة في السوق السوداء كذلك"، فيما يلفت إلى أن المرونة الجديدة المتوفرة في عملية الحصول على المخصصات، هدفه التشديد على الحصول على المادة في السوق السوداء، وإعاقة قدرة الحصول على البديل.