يعيش اللّبنانيون مفاعيل حرب نفسية، على وقع التهديدات الاسرائيلية ضدّ لبنان وخرقه جدار الصوت على علو منخفض في الأجواء لبث الرعب في القلوب والتهويل بأن الحرب أتية لا محالة.
يأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله حتمية الرد، دون تحديد أيّ موعد يُذكر، ممّا يجعل المنطقة في حالة تأهب قصوى، ترقباً للأحداث المستجدّة.
وسط هذه الأجواء المقلقة، رأت مصادر مواكبة للتطورات الأمنية بأنها خلقت لدى غالبية اللبنانين حالة اعتراضية على كل ما يقترفه هذا العدو من جرائم وحشية ومجازر ضد المدنيين سواء في غزة والضفة أو في جنوب لبنان لدرجة احتضان المقاومة ودعمها بكل الوسائل المتاحة.
المصادر لفتت في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية الى الاجراءات المتخذة على أكثر من صعيد لدعم صمود اللبنانيين في مواجهة الغطرسة الاسرائيلية والتهويل بنقل الصراع من غزة الى لبنان.
في الشأن السياسي الداخلي، ذكّر الرئيس وليد جنبلاط بأنَّ طريق فلسطين رسمها الشهيد كمال جنبلاط ونحن على هذه الطريق مستمرون، وذلك بعد تقديمه واجب العزاء باستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” اسماعيل هنية على رأس وفد.
ومواكبةً للتطوّرات المتسارعة، شهدت السراي الحكومي اجتماعات موسعة، حيث عقد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقاءات مطوّلة مع وزراء الخدمات لدارسة كيفية مواجهة الأزمة.
مصادر حكومية أشارت عبر “الأنباء” الالكترونية الى أن ميقاتي أجرى سلسلة اتصالات مع سفراء الدول ذات التأثير على مجريات الأمور في المنطقة وتبلغ منها بأن الوضع في المنطقة بالغ الخطورة، وأن احتمالات توسيع الحرب أصبحت واردة جداً في ظل التعنت التي تمارسه حكومة الحرب الاسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو الذي يرفض حتى الساعة الحديث عن هدنة أو وقف إطلاق النار.
وإذ نقلت المصادر عن ميقاتي تخوّفه من جرّ لبنان إلى حرب لا قدرة له على تحملها في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها منذ خمس سنوات، لافتةً إلى أن وزارات الخدمات شكلت كل منها خلية أزمة لمواكبة التطورات، ضمن الإمكانيات المحدودة، وقد تركز البحث على تأمين حاجة الأفران من الطحين والمحروقات والدواء والطلب الى المستشفيات استقبال كل المصابين، كما ضرورة توفير المواد الغذائية لكل المواطنين، وسط تحذيرات للتجار من عمليات الاحتكار ورفع الأسعار.
بدوره، توقع النائب السابق وهبي قاطيشا في حديث مع جريدة “الأنباء” الالكترونية تحويل المواجهات بين حزب الله واسرائيل الى حرب استنزاف طويلة، مقدّراً بأن رد حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر سيبقى بحدود المواجهات القائمة ولن تتحوّل الأمور أبعد من ذلك لأن نتنياهو يعمل ما بوسعه لتوسيع الحرب، على عكس حزب الله الذي يريد الخروج منها اليوم قبل الغد، لافتاً إلى أن نتنياهو بدأ يواجَه بضغوط دولية وأميركية على وجه الخصوص لثنيه عن توسيع الحرب والقبول بوقف اطلاق النار.
قاطيشا أشار إلى أن تداعيات الحرب على لبنان أصبحت كارثية قياساً لحجم الدمار والخراب في الجنوب، وانعكاس ذلك على الاقتصاد اللبناني، قائلاً إن حزب الله بدأ يمارس سياسة الغموض الاستراتيجي التي أشار لها نصرالله في خطابه الأخير، وهذا يعني بالعلم العسكري أنه انتقل من سياسة الهجوم والتهويل بالهجوم الى سياسة الاحتفاظ بحق الرد.
على صعيد الملف الرئاسي، رأى قاطيشا بأن لا جديد في هذا الملف وقد أصبح بحكم المؤجل إلى ما بعد الانتخابات الاميركية الا في حال حصول معجزة ما قد تساعد على انتخاب الرئيس قبل هذا التاريخ.
وعليه، فإنَّ حرب الاستنزاف القائمة تُلقي بثقلها على مكونات الدولة كافة، فيما المواطن يتكبّد عناء المواجهة، سعياً لتأمين متطلبات المرحلة المقبلة خشيةً من أيّ تصعيد قد يطرأ في المستقبل القريب.