“دائماً في الشجرة هناك اغصان ضعيفة واخرى قوية. القوية نتركها تنجح وتكبر والضعيفة يتم تشحيلها”. بهذه العبارة التبريرية من بين عبارات اخرى مماثلة، اوجد الرئيس المؤسس للتيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون مخرجا وغطاء للقرار الذي اتخذه رئيس التيار النائب جبران باسيل القاضي بفصل النائب الان عون من عضوية التيار البرتقالي، وابعاده عنه.
قرار فصل النائب البرتقالي عن تيّاره، والذي استغرق وقتاً طويلاً وجدلاً واسعاً في صفوف وقواعد التيّار، جاء وفق بيان صدر عنه “بناءً على توصيتين صادرتين عن مجلس الحكماء في التيّار برئاسة الرئيس السّابق العماد ميشال عون، الأولى بتاريخ 18/4/2024، والثانية بتاريخ 13/5/2024″، قبل أن يُوقّع باسيل قرار فصل إبن شقيقة الجنرال عن التيّار الوطني الحرّ.
الجنرال الذي قال إنّه وافق على قرار فصل عون الصغير، أوضح أن “لا أحد يُفصل من التيّار بلا أسباب”، مشيراً إلى أنّ “بعض المنتسبين لديهم طموحات خارج التيّار (لم يكشف ما هي)، وهذا ما يجعل المسؤولين فيه يقولون لهم حقّقوا طموحاتكم لكن لوحدكم ولا تسخّروا التيّار لكم، ولا تستخدموه بهذا الموضوع؛ لأنّ للتيّار سياسته وهو ليس للإيجار”.
لكن قرار فصل النائب عون ليس الأوّل من نوعه الذي يُتخذ داخل القلعة البرتقالية؛ فقد اتخذ قرار مثله في 6 آذار الماضي يقضي بفصل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من صفوف التيّار، وبعده وزير الصناعة النائب جورج بوشكيان، بعدما كان سبق ذلك فصل نواب سابقين هم زياد أسود وحكمت ديب وماريو عون، إضافة إلى ابتعاد النائب محمد يحيى عن التيّار وانضمامه إلى تكتل التوافق الوطني، ما جعل كتلة التيّار النيابية تتراجع من 21 نائب إلى 17، خلف القوات اللبنانية التي باتت تعتبر بعد هذه التطورات أكبر كتلة نيابية مسيحية، بما يُغيّر الكثير من المعادلات داخل مجلس النوّاب، وسط توقعات أن يستمر عدد نواب كتلة التيّار البرتقالي في التقلّص بعدما لوّح 3 نوّاب بتقديم إستقالاتهم وأنّهم لن يسكتوا في حال تم فصل زميلهم عون، تضامناً معه، ما ينذر بانهيار دراماتيكي للتيّار البرتقالي لا أحد يمكنه التنبؤ إلى أين سيصل، وأنّ ما يشهده التيّار هذه الأيّام أشبه بانتحار ذاتي.
“عاصفة” الفصل التي بات يتخذها باسيل كمقصلة في وجه معارضيه داخل التيّار بتغطية كاملة من عمّه عون الذي يبدي دائماً دعماً كاملاً لصهره، أمر تنبّأ له الجنرال لمعرفته خطورته على واقع التيّار ومستقبله؛ إذ أنّ من شأن تجمّع هؤلاء الذين جرى فصلهم، من نواب حاليين وسابقين وكوادر، في إطار سياسي معيّن أن يُشكل خطورة على التيّار، ويؤدّي إلى تراجع حضوره ونفوذه في الوسطين السّياسي والشّعبي، بعدما لم يخفِ الجنرال قلقه من التمادي في فصل أو استقالة نواب التيّار بعد فصل إبن شقيقته عندما قال: “هذا خطير، لكن الأخطر أن يبقوا سويّاً”.