سجّل الاقتصاد اللبناني أداءً واهناً خلال النصف الأول من العام 2024، جراء التداعيات السلبية للحرب في الجنوب وتأثيرها السلبي على القطاع السياحي والمجاميع الاستثمارية. وكان القطاع السياحي الأشد تأثراً بتداعيات الحرب سواء خلال العطل الموسمية التي شهدها النصف الأول من العام أو من خلال حجوزات فصل الصيف.
في موازاة ذلك، وضعت الاعتداءات الإسرائيلية المستثمرين في حال من الترقب وعدم اتخاذ القرار بالاستثمار أو بأقل تقدير دفعتهم لتأخير تنفيذ قراراتهم السابقة. لقد بات المستثمرون في حال انتظار في ظل ضبابية الأوضاع الأمنية في البلاد والتي من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على الآفاق الماكرو-اقتصادية والمالية في لبنان.
ورأى "بنك عوده" في تقريره الاقتصادي الفصلي الجديد إن التقلص الذي شهدته مختلف مؤشرات القطاع الحقيقي خلال الأشهر الستة الماضية إنما يثبت نظرية الوهن الاقتصادي.
من ضمن المؤشرات السلبية، يذكر تقرير "عودة" نشاط المطار مع انخفاض عدد المسافرين القادمين بنسبة 5.3 في المئة وتقلص الصادرات عبر المطار بنسبة 9.3 في المئة خلال الفترة المغطاة. إلى ذلك، تراجع النشاط السياحي عموماً خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 مع تقلص عدد السياح الوافدين إلى لبنان بنسبة 14.5 في المئة. من ناحية أخرى، تحسّنت حركة البناء خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024، كما يستدل من خلال زيادة رخص البناء بنسبة 20.4 في المئة سنوياً. كذلك، زاد حجم البضائع في مرفأ بيروت بنسبة 0.8 في المئة سنوياً خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024.
ويضيف التقرير أنّه على الرغم من الاستقرار النقدي الملحوظ خلال الأشهر الــ15 الفائتة، إلا أنّ لبنان لا يزال بحاجة إلى اتفاق شامل مع صندوق النقد الدولي، من أجل الحفاظ على الاستقرار النقدي في المدى المتوسط والطويل إضافة إلى كون المسار الإصلاحي يؤمن نهوضاً اقتصادياً مستداماً بشكل عام. هذا الاستقرار النقدي المسجّل منذ عام ونيف مرحّب به، ولكنه لا ينفي الحاجة الملحة للإصلاحات الهيكلية والمالية وعلى صعيد المالية العامة والتي بحاجة إلى رعاية دولية من أجل حسن التطبيق، ألا وهي صندوق النقد الدولي.
في نظرة مستقبلية، إنّ السيناريو الإيجابي المأمول يعتمد على إنهاء الحرب في الوقت القريب، وانتخاب رئيس للجمهورية سريعاً وتشكيل حكومة فاعلة وكفوءة، وإطلاق عجلة الإصلاحات، والتوصل الى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي والحصول على الدعم الدولي المرجوّ.
في هذا السياق، يرى التقرير أنّ التوصل إلى اتفاق شامل مع صندوق النقد الدولي أمر محوري. فلبنان بحاجة ماسة إلى الدعم الدولي الذي يؤمنه برنامج صندوق النقد. إلى ذلك، يعتبر الاتفاق مع صندوق النقد ضرورة لكي تقدم الدول المانحة والمؤسسات الدولية الدعم المالي للبنان تطبيقاً لوعودها السابقة والتي لم تترجم على الأرض حتى الآن في ظل غياب مراقب دولي للإصلاحات، ألا وهو صندوق النقد.