منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة وجنوب لبنان بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأوّل من العام الماضي ردّاً على الإعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، بقي لبنان بعد مرور 300 يوماً على العدوان، الذي يصادف يوم غد، يقف على صفيح ساخن طيلة الأيّام الماضية، ولا يتوقع أن ينزل عن هذا الصفيح في الأيّام المقبلة كما يتضح من تطوّر الصراع في المنطقة.
فحالة الهلع التي دبّت في لبنان والمنطقة بعد حادثة بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل يوم السبت الماضي، واتهام العدو الإسرائيلي لحزب الله بوقوفه خلفها وهو ما نفاه الأخير بشكل رسمي، ليست الأولى من نوعها طيلة الأشهر الماضية، منذ اندلاع المعارك على جبهات قطاع غزّة والضفّة الغربية ولبنان، ولا يتوقع أنْ تكون الأخيرة.
منذ ذلك الحين لم تبارح أجواء القلق والخوف لبنان خشية إتساع رقعة القتال من قطاع غزّة إلى لبنان، وبأن تتعرّض أماكن حيوية في لبنان لاعتداء من قبل العدو الإسرائيلي، مثل مطار بيروت الدولي ومعامل إنتاج الكهرباء وغيرها، فضلاً عن استهدافه مراكز ومقار يُرجّح العدو بأنّها تعود للمقاومة، إنتقاماً ومحاولة منه لرد إعتباره، ما دفع عدّة سفارات دول عربية وأجنبية في دعوة مواطنيها لعدم السفر إلى لبنان، ومن يقيم منهم فيه دعته إلى مغادرته فوراً “نظراً للمخاطر المحدقة وخشية تدهور الأوضاع الأمنية في لبنان نحو الأسوأ”، على حدّ قولها.
طيلة الأشهر العشرة ونيّف التي مضت على بدء الحرب الأخيرة، إستمرت السّفارات العربية والأجنبية العاملة في بيروت في توجيه هذه التحذيرات والدعوات إلى مواطنيها برغم أنّ الخشية من إنفجار الأوضاع الأمنية على نطاق كبير، واتساع رقعة القتال، لم تتحقق، وبقيت الجبهة بين لبنان والعدو الإسرائيلي خاضعة لـ”قواعد إشتباك” لم تُخرق إلا بشكل نادر قبل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها وتبقى تحت السقف.
غير أنّ هذا الإطمئنان إلى أنّ جبهات الحرب بين المقاومة والعدو الإسرائيلي ستبقى تحت السيطرة تلاشى بعد حادثة مجدل شمس، وقرأ فيها سياسيون ومراقبون عديدون على أنّها خطوة أولى لانزلاق المنطقة نحو حرب مفتوحة على مختلف الجبهات.
وزاد من المخاوف الإعتداء الإسرائيلي مساء أمس على الضاحية الجنوبية من بيروت الذي أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، ما اعتبره عديدون أكثر من مجرد ردّ يُبقي الوضع تحت السيطرة وضمن قواعد الإشتباك، بل جرّ المقاومة والمنطقة إلى مواجهة شاملة، وخرق للخطوط الحمراء، وهو ما هدّد به كثيرون داخل كيان الإحتلال منذ بدء العدوان، ما ترك إنطباعاً أنّ الحرب هذه المرة مع العدو ستكون طويلة جدّاً، ولن تنتهي في المدى المنظور، لأسباب مختلفة، وأنّ أيّاماً صعبة تنتظر اللبنانيين وشعوب المنطقة خلال الفترة المقبلة، بعدما فشلت جميع المساعي التي بًذلت بهدف التوصّل إلى تسوية توقف القتال، نتيجة تعنّت الجانب الإسرائيلي ورفضه كلّ طروحات التسوية قبل تحقيق أهدافه من عدوان لم يستطع تحقيقها طيلة 300 يوم، ولا يبدو أنّه سيحققها في الأيّام المقبلة، سواء في قطاع غزّة أو في لبنان.
موقع سفير الشمال الإلكتروني