منذ وقوع مجزرة مجدل شمس، ظهرت المشاريع الإسرائيلية على حقيقتها، والتي تقوم على الفتنة والتحريض، وعلى التمييز العرقي. حاولت إسرائيل استغلال الجريمة البشعة بتحريض الدروز على “حزب الله” والمقاومة، لكنها فشلت بعد تحرّك العقلاء وتطويق مشاريع الفتنة.
تدارك الرئيس وليد جنبلاط المخطط الإسرائيلي، وهو الذي اختبر الخبث الإسرائيلي لعقود، وعرف أن العقل الإسرائيلي يُريد الاستثمار بما حصل لتحقيق شقاق بين المكونات العربية التي اتخذت موقفاً واحداً وهو مواجهة إسرائيل ودعم المقاومة بكافة أشكالها وأطيفاها.
أدار جنبلاط محركات اتصالاته بكل الاتجاهات المحلية والخارجية، وتم التشديد على وجوب تطويق كل مشروع إسرائيلي فتنوي من خلال مواقف الوحدة.
لاقى أهالي الجولان جنبلاط في مواقفه، فرفضوا استثمار إسرائيل بدماء أطفالهم ودانوا كل استهداف يطال المدنيين، وفي ذلك إشارة إلى مدنيي غزّة ولبنان، وتميّزت كلمتهم بترجيح لغة العقل على لغة الانتقام رغم جرحهم الكبير، فشدّدوا على المواقف الإنسانية بعيداً عن كل استثمار سياسي.
مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كرّوم أشاد بـ”حكمة أهالي الجولان المحتل ومجدل شمس، لأنهم مدرسة بالانتماء العربي والتمسّك بالهوية العربية والدفاع عن العروبة، وسيبقون سداً منيعاً في وجه المشروع الإسرائيلي الذي يُريد تحويل الدروز لحرس حدود دون نجاح”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، شدّد على أهمية “التعالي على الجراح والتصرف بحكمة”، لافتاً إلى أن “أهالي الجولان المحتل لا يخرجون عن الإطار العروبي، وهم قدموا التضحيات ورفضوا الهوية الإسرائيلية ويتمسكون بهويتهم السورية”.
وأكّد أبو كرّوم أهمية مقاربة القضية بطريقة عقلانية لعدم السماح لإسرائيل باستثمار الدماء لتحقيق أهدافها، وهذا ما حصل خلال كلمة أهالي الضحايا الذين شدّدوا على الموقف الإنساني وعلى عدم السماح لأي طرف باستثمار ما حصل لتبرير تحقيق أي هدف.
وبالفعل، كانت كلمة أهالي ضحايا مجدل شمس عقلانية تؤكّد على أهمية وحدة الموقف، إذ شدّدوا على أهمية الموقف الإنساني بعيداً عن كل توجّه آخر، ولفتوا إلى أن “الموقف هو موقف حزن وحداد وخشوع ورضا بقضاء الله وقدره، وإدانة بأشد العبارات الجريمة النكراء، واستهداف المدنيين في كل مكان وزمان ومن أي جهة كان”.
وأعلن الاهالي “رفض واستنكار استغلال الدماء لتحقيق أو تبرير أي هدف من أي جهة”.
بالحديث عن الرد الإسرائيلي، فإن الكابينيت العبري اجتمع لأكثر من ثلاث ساعات ليل الأحد ليقرّر شكل الرد، وحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن الهدف تحدّد، وسيكون رداً ذات تأثير قوي لكنه لن يستتبع حرباً واسعة، كما اشارت المعطيات، والساعات والأيام المقبلة كفيلة بكشف ما سيحصل.
إذاً، وقفت المنطقة على بعد خطوات من الحرب الإقليمية ليل السبت الأحد، لكن يبدو أن الروادع لا تزال تمنع إسرائيل من شن حرب شاملة على لبنان، لكن منسوب الخطورة يرتفع، ومن المهم إبقاء العين مفتوحة ويقظة على المشاريع الإسرائيلية التقسيمية الخطيرة.