كل يغني على ليلاه. في واشنطن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي افقدت خطوة انسحاب الرئيس بايدن من السباق الرئاسي، الزيارة رونقها، محولة اياها الى «حفلة علاقات عامة»، على ما يرى البعض، وسط مفاجأة المرشح الجمهوري باعلانه عن لقاء يجمعه بنتانياهو الجمعة. وفي بكين اتفاق فلسطيني بين مجموعة من الفصائل، في مقدمتها حماس ومنظمة التحرير، لتشكيل حكومة وحدة وطنية لادارة قطاع غزة في اليوم الثاني من الحرب.
اما صاحبة قرار الربط والحل، اي واشنطن، فغارقة في مستنقع انتخاباتها، بعد خلط الاوراق الذي سببه تسمية الرئيس جو بايدن لنائبته كاميلا هاريس، كمرشحة رئاسية، سارع آل كلينتون وغيرهم من قيادات ديموقراطية لدعمها، لاقفال الطريق امام الرئيس السابق باراك اوباما، في ترشيح زوجته ميشيل، لاستعادة المبادرة والعودة «رئيس ظل» لفترة جديدة في البيت الابيض.
واقع دفع بالعالم اجمع، الى رصيف انتظار ما سيحمله تشرين معه من نتائج، وسط ضعف قاتل بدا يظهر جليا في ادارة البيت الابيض للملفات والازمات، والاحباط البادي على فريق العمل الديموقراطي، العاجز حتى ان «يمون» على موقف اعلامي، يسجل لمصلحة الحملة الرئاسية، بعد النكسات المتتالية.
جبهة الجنوب
لبنانيا استمر الغليان «المدوزن» على الجبهة الجنوبية، سيد المعادلات، وسط استمرار الغارات والقصف المدفعي، ورد حزب االله بمهاجمة مواقع عسكرية إسرائيلية بالمسيرات والصواريخ الثقيلة، عشية المشاورات التي سيجريها مجلس الأمن حول تطبيق القرار ١٧٠١ ولمناقشة تقرير الامين العام للأمم المتحدة في هذا الخصوص، حيث ارتفعت حدة الضغوط السياسية، إذ كررت القوات اللبنانية، مواقفها من مسالة الحرب وتنفيذ القرار 1701، وتعطيل الانتخابات الرئاسية، الذي سيتضمنه التقرير الذي سيصدر، خلال لقاء رئيس الحزب بالمنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت،التي بدات جولة مشاورات داخلية، على ان تضمّن تقريرها خلاصة المواقف التي سمعتها من مختلف الاطراف.
وسط هذا المشهد الضبابي، اقليميا ودوليا، يبدو ان ثمة حراكا رئاسيا مخفيا، يدور بعيدا عن الكواليس، انطلق من نتائج اجتماع «زوم» الذي ضم كلا من الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، المستشار في رئاسة مجلس الوزراء السعودي نزار العلولا، المكلف الملف اللبناني من قبل ولي العهد محمد بن سلمان، سفير المملكة في بيروت وليد البخاري، والسفيرة الاميركية، والذي دام لاكثر من ساعة، دون ان يرشح عنه معلومات، رغم ان الاجواء التي سادت والتي امكن الحصول عليها نقلا عن احد السفراء العرب في الخماسية، الذي اصر على انه يتحدث من وجهة نظره، مؤكدا ان «الثنائي الشيعي» سيسير برئيس «الخيار الثالث» وان ملف الشغور الرئاسي سيقفل قبل الانتخابات الاميركية في تشرين.
غير ان مصادر على صلة باجواء الرياض اشارت الى ان البحث لم يدخل في التفاصيل، وان الاطراف عرضت وجهة نظرها، حيث بدا ان واشنطن مستعجلة لتحقيق انجاز لبناني، اقله رئاسي، في ظل تعثر المسار الجنوبي، حيث يحاول الفريق الديموقراطي، الحفاظ على نسبة التأييد الكاثوليكي نفسها التي حصل عليها الرئيس بايدن، علما ان المرشح الجمهوري سدد اكثر من هدف في هذه الشباك، معينا كبار مسؤولي حملته، من الكاثوليك، والكلدان.
وتتابع المصادر، ان هوكشتاين بدا يائسا من امكان تحقيق اي من الاهداف التي يطمح اليها، في وقت لم تبدِ المملكة السعودية حماسة كبيرة، معتبرة ان ايا من الاطراف المعنية غير حاضر لتقديم التنازلات في الوقت الراهن، حيث سعي الجميع الى تجميع الاوراق للعبها لاحقا متى حان الوقت.
ورأت المصادر ان تجربة العام 2017 مع تمرير العماد ميشال عون رئيسا، تختلف تماما ظروفها عن الوضع الراهن، مشيرة الى ان الواضح حتى الساعة ان الامور ذاهبة في حال وصول ترامب الى البيت الابيض في اتجاه رئيس تحد، ذلك ان التفاوض مع طهران، سيكون صعبا وشروطه ستكون قاسية، وعليه فان الامور ليست متجهة نحو حل في الامد المنظور.
واعتبرت المصادر ان رد الثنائي على المعارضة، بداية مع رفض خريطة طريقها، وثانيا مع تعليق قرار التفاوض والحوار الثنائي معها، ان دلّ على شيء فعلى ان الامور معقدة، خصوصا ان ثمة «نقزة» من موقف التيار الوطني الحر، الذي رفع سقفه الى اعلى الحدود، معتبرا ان طرح المعارضة لا يتعارض مع طرحه.
هذه الاجواء عكستها اللهجة العالية، نتيجة رفض الثنائي تلبية مطلب المعارضة بالدعوة لجلسة عامة لمناقشة الحرب جنوبا وطوفان الاقصى، مع اصرار الاخيرة على ان خلط جلسات التشريع بجلسات النقاش العام في مجلس النواب هو «فذلكة وتشاطر»، حيث يتصرف البعض «وكأن هذا المجلس أصبح مؤسسة خاصة» على حد تعبير النائب جورج عقيص، الذي لاقاه المكتب السياسي الكتائبي، مؤكدا «على ضرورة الاستجابة للعريضة التي تقدم بها نواب المعارضة».
استراتيجية المعارضة
وفيما كان وفد من نواب المعارضة يبحث خارطة طريقه الرئاسية مع عدد من النواب المستقلين، من الوسط، بدا واضحا خلال الايام الماضية ان جوا عاما في اوساط المعارضة بدا يتكون، يدعم مواقف رئيس حزب القوات اللبنانية، في هجومه على النواب المستقلين الذين يقفون في الوسط، من باب الضغط عليهم، لتحديد مواقفهم وحسم اصطفافهم.
عودة المسيحيين الى الحكومة
ازاء هذا الواقع الذي يفرض نفسه، كشفت اوساط سياسية مخضرمة ان ثمة رأيا في الصرح البطريركي، يدعم خيار عودة تكتل لبنان القوي الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء بوصفه ممثل المسيحيين الراهن في السلطة، انطلاقا من ان استمرار الفراغ بات قرارا عن سابق اصرار وتصميم من قبل البعض، من جهة، وثانيا لان تجربة المقاطعة «اضرت اكثر مما افادت» في ظل التحالف الذي قام في الحكومة، مذكرة بالنتائج الكارثية لمقاطعة عام 1992، التي اخرجت يومها المسيحيين من السلطة، وما زالوا حتى تاريخه.
واشارت الاوساط الى ان بكركي مدعوة اليوم الى دعوة القوى السياسية المسيحية الى الاتفاق على كيفية ادارة وجودها في الحكومة، في ظل النزف المسيحي الحاصل، وفقدان المواقع في الادارات العامة، والذي تخطى الخطوط الحمر، وهو ما دفع بوزير الشباب والرياضة الى جس النبض خلال الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء طارحا ضرورة اجراء التعيينات الادارية «لان الفراغ من تحت اخطر منه من فوق»، قبل ان يعترض وزير الاعلام، مشددا على ان لا تعيينات في ظل غياب رئيس للجمهورية.
ميقاتي
وامس شهد السراي اجتماعا ضم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة، ومدير عام كهرباء لبنان، بعيد عودتهم من زيارتهم السريعة الى بغداد ولقائهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وجرت متابعة لنتائج الزيارة الأيجابية ، رغم ان المطلعين على الامور يؤكدون ان الحلول الترقيعية ما عادت تنفع، وان ما حصل مجرد تأجيل للمشكلة لا حل لها، في ظل عدم رغبة الحكومة في اتخاذ القرارات اللازمة لحل ملف الكهرباء بشكل جذري، ومنها التسريع في بحث العرض القطري، والانتقال الى التنفيذ في اقرب وقت ممكن، في ظل النزيف الذي تعاني منه الدولة على صعيد العملة الصعبة، المحصلة من جيوب المواطنين، ثمن المازوت المستخدم من قبل اصحاب المولدات الذين راكموا الملايين، دون حسيب او رقيب، وعلى حساب الدولة.
الدواء
وفيما تناول وزير الصحة العامة عبر حديث اذاعي الازمات التي يعاني منها قطاع الدواء، معيدا ذلك الى الازمة الاقتصادية، اكد الخبراء ان سبب ازمة الدواء وانقطاعه، سببها الاول والاساس الآلية التي وضعها وزير الصحة ووافق عليها حاكم مصرف لبنان، والتي حصرت الاستيراد ببعض المنتفعين، وتسببت بكثير من الحالات في تأخير تأمين الاعتمادات وبالتالي حرمان المرضى، خصوصا الذين يعانون امراضا خطرة من سرطان وغسيل كلى، من العلاج.