أكثر من عصفور أصاب حجر إتفاق الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركتي فتح وحماس، في العاصمة الصينية بكين، وهو إتفاق ستكون له بلا شك إرتدادات على مجمل الساحة الفلسطينية، سواء في الضفّة الغربية أو قطاع غزّة أو عرب 1948 أو بين فلسطينيي الشتات، وتحديداً الموجودين في مخيمات لبنان.
تداعيات الإتفاق المذكور لم تظهر بعد، لكنّ تحليلات وقراءات سريعة أظهرت نقاطاً بارزة في الإتفاق، أبرزها ما يلي:
أولاً: أنهى الإتفاق الإنقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني وتحديداً بين حركتي فتح وحماس الذي وصل إلى حدود إنتفاء وجود أي حضور سياسي لأحدهما في منطقة نفوذ الفريق الآخر (فتح في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة)، وكاد يؤدي في أحيان كثيرة إلى التصادم المسلح، إلى أن فرضت التطوّرات الأخيرة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي نفسها، ودفعت الطرفين، وبقية الفصائل الـ14 التي وقعت الإتفاق، إلى التقارب وفتح صفحة جديدة من العلاقات.
ثانياً: إذا كان إتفاق بكين قد نصّ على تشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة، وإدارة مشتركة لقطاع غزّة بعد الحرب وإعماره، فإنّه أكّد بإجماع الحاضرين والموقّعين على الإتفاق على “حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي وفكّ الحصار الهمجي عن غزة والضفة الغربية، وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة”، ما أرسى توافقاً وطنياً فلسطينياً داخلياً كان غائباً، بسبب الإنقسام السياسي، وترجم هذا التوافق الفلسطيني حول المقاومة سريعاً بتنفيذ مقاومين من حركة فتح عمليات عسكرية ضد الإحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، الأمر الذي إثار غضب الصهاينة بعدما هدّد وزير خارجية الكيان يسرائيل كاتس من أنّ هذا الإتفاق “لن يحدث”.
ثالثاً: شكّل الإتفاق إختراقاً صينياً سياسياً للمنطقة، وتهديداً لنفوذ الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، ما أثار قلقاً واسعاً في مختلف الأوساط الغربية خشية من قيام الصين بسحب سجادة نفوذ دول الغرب في المنطقة من تحت أرجلها، خصوصاً أنّ هذا الإتفاق بين الفصائل الفلسطينية الذي اعتبره كثيرون نصراً سياسياً وديبلوماسياً للصين، أتى بعد توقيع السّعودية وإيران إتفاقاً لإعادة العلاقات الديبلوماسية بينهما، بعد قطيعة إستمرت قرابة 7 سنوات، وأنّ هذا الإتفاق وُقّع أيضاً في شباط الماضي في العاصمة الصينية بكين.
رابعاً: إذا كان إتفاق بكين بين الفصائل الفلسطينية قد ترك إرتياحاً واسعاً بين مختلف القوى في الداخل الفلسطيني والأراضي المحتلة، وأثار إرباكاً بين الإسرائيليين خشية أن يؤدّي الإتفاق إلى نقل مشهد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من قطاع غزّة إلى الضفّة الغربية، فإنّه ترك أيضاً إرتياحاً بين فلسطينيي الشتات، خصوصاً في مخيمات لبنان، كونه سينعكس بلا شك ضبطاً أكثر للوضع الأمني في المخيمات، وتنسيقاً أكبر في المجال السياسي، وتحديداً مع حزب الله والمقاومة في لبنان لتعزيز جبهة إسناد المقاومة في قطاع غزة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني