الشلل في السياسة الداخلية، لم يعد حكرا على الملف اللبناني، بعد ان بات العالم مشلولا، يراكم الملفات والازمات، ويترقب نهاية الفوضى السياسية والانتخابية في الولايات المتحدة الاميركية التي تمسك بعقد الحل والربط، في كثير من الازمات السياسية والامنية والعسكرية حول العالم، لقوة تاثيرها، فضلا عن تدخلاتها التخريبية التي انتجت فوضى ودمارا ومآس غير محدودة تدفع ثمنها شعوب ودول بات مصيرها مرتبطا بهوية الساكن الجديد في البيت الابيض، حيث يحل رئيس حكومة العدو “ضيفا ثقيلا” في توقيت “سريالي” حاملا معه ملف غزة وحزب الله واليمن، وقد كشفت صحيفة هآرتس” ان دعم الجيش الإسرائيلي للصفقة في غزة يتعلق بسلم الأولويات الاستراتيجية، لمواجهة التحديات في جبهات أخرى تقتضي متابعة أكثر يقظة والاستعداد وتخصيص الموارد لحرب محتملة، ويريدون تقليص حجم القوات في القطاع للاستعداد لاحتمالية تصعيد آخر في لبنان، محذرة من حسابات نتانياهو الخاطئة كما سبق واخطا في تقدير خطر انصار الله في اليمن.
لا تطمينات ولا ضمانات
وقد جاء توصيف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي للوضع القائم، واحتمالات التصعيد جنوبا من عدمه، معبرا حين اشار الى انه لا يملك تطمينات ولا ضمانات بعدم تفلت الاوضاع بل دعا الى الحذر في مقاربة الاحداث. وفي سياق متصل بتاجيل الملفات الحساسة في المنطقة الى ما بعد الانتخابات الاميركية، كشف مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون القانونية والدولية رضا نجفي، ان المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة لا تزال مستمرة،لكن اشار الى ان “الطرف الآخر غير مستعد للدخول بشكل جدي في المحادثات بسبب الانتخابات الحالية وشؤون داخلية”.
ماذا ابلغ العراقيون ميقاتي؟
فقد اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي إن التطورات الميدانية الحاصلة في الايام الاخيرة تدعو الى الحذر طبعا ولكننا نواصل البحث مع المعنيين والاتصالات الديبلوماسية المطلوبة لمنع تفلت الامور الى ما لا تحمد عقباه. وقال “لا يمكننا القول إن هناك تطمينات وضمانات لان لا احد يضمن نوايا العدو الاسرائيلي ولكننا نواصل السعي الحثيث لمعالجة الوضع”. ووفقا لمصادر مطلعة فان كلام ميقاتي مبني على تقييم عراقي سمعه من رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الذي ابلغه ان الاتصالات مع الاميركيين لا يمكن البناء عليها لانها غير حاسمة لجهة القدرة على منع الحرب بسبب الفوضى السياسية في الولايات المتحدة وضعف الادارة الحالية غير القادرة على التاثير على الحكومة الاسرائيلية، والقلق ينبع من احتمال استغلال اسرائيل لهذه الوضعية لمحاولة فرض وقائع وجر اميركا اليها؟!
التمديد السلس “لليونيفيل”
اما عن ملف التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب” اليونيفيل” فقال ميقاتي: إننا نواصل الاتصالات الديبلوماسية من اجل تأمين تمديد هادئ لولاية اليونيفيل التي نقدر عاليا الدور الاساسي الذي تقوم به في الجنوب والتعاون المثمر بينها وبين الجيش. ومن خلال الاتصالات التي اجريناها لمسنا حرصا على المحافظة على هذا الدور لا سيما في الظروف الدقيقة التي يمر بها الجنوب. وكان وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب اطلع ميقاتي على نتائج اجتماعته في الولايات المتحدة، وابلغه ان هناك شبه اتفاق على تجديد عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان لمدة سنة بالشروط ذاتها ومن دون اي تعديل، ووضعته في اجواء الاجتماعات التي عقدتها مع عدد من المسؤولين الاميركيين والأوروبيين الذين شددوا على اهمية عدم توسيع الحرب في الجنوب، والعمل على عدم تصعيد الاعمال العسكرية في الجنوب. لذلك هناك نوع من التفاؤل او اقل تشاؤمًا في موضوع نشوب حرب واسعة على لبنان.
“خارطة طريق” للحل؟
وفي هذا السياق، تشير المعلومات الى ان بو حبيب التقى عاموس هوكشتاين في نيويورك وابلغه انه سيلتقي نتانياهو، وهو مستعد للتحرك عندما تكون الظروف مؤاتية، ضمن خارطة طريق باتت معالمها شبه مكتملة، وهي تقوم وفق سياسية”خطوة مقابل خطوة” في تطبيق القرار الـ1701. وفيما حجم الانتشار العسكري للجيش يقرره لبنان اضافة الى كيفية التنسيق مع حزب الله على الارض، يبدو ان تثبيت ترسيم الحدود البرية لا مشكلة كبيرة تواجهه، لكن المشكلة الرئيسية تبقى تعنت اسرائيل ورفضها الانسحاب من مزارع شبعا، وعدم تقديم اي التزام بوقف الخروقات الجوية. واذا لم تحل تلك النقاط، فان النتائج ستكون متواضعة لجهة ايجاد حل مستدام، حيث ستكون اقصى الطموحات العودة الى الوقائع التي كانت سائدة قبل الثامن من تشرين الاول 2023؟
المعارضة وجلسة “المزايدات”
وفي اطار معادلة ان “اتكلم فانا موجود”، حسب تعبير احد المصادر السياسية البارزة، تقدم نواب المعارضة، بعريضة طالبوا فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعقد جلسة مناقشة حول مسألة الحرب القائمة وتداعياتها. ودعوا الى وضع حد للاعمال العسكرية كافة خارج إطار الدولة اللبنانية وأجهزتها التي تنطلق من الاراضي اللبنانية ومن اي جهة كانت.واعلان حالة الطوارىء في الجنوب وتسليم الجيش اللبناني زمام الامور فيه. وتكليف الجيش اللبناني بالتصدي لاي اعتداء على الاراضي اللبنانية. والتحرك على الصعيد الديبلوماسي من أجل العودة الى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 وتطبيق القرار 1701 كاملا. وفيما،لا مواعيد اعطيت لوفد المعارضة من كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير للبحث في مبادرة المعارضة الرئاسية، استبعدت مصادر نيابية ان يستجيب بري للمعارضة باعتبار ان جلسة مماثلة ستزيد من الانقسامات الداخلية، وستكون دون جدوى، ومجرد منبر للمزايدات.!
الموقف السعودي على حاله!
وفي هذا السياق، نصحت مصادر دبلوماسية بعدم التعويل كثيرا على الحراك الخاص بلبنان في دوائر القرار راهنا، لانه مجرد ملء للفراغ حيث لا جدوى من الرهان على اي حراك اميركي جدي في ظل معمعة الانتخابات الرئاسية، ولهذا فان نتائج زيارة المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى الرياض قبل ايام، مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لمناقشة تطورات الأوضاع اللبنانية، لم تكن منتجة، فواشنطن لا تملك الرغبة او القدرة للضغط على السعودية لتمرير الاستحقاق الرئاسي، قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية واحتمال وصول دونالد ترامب الى سدّة الرئاسة، فالتسوية ستكون مع الادارة الجديدة ،والسعودية غير مهتمة حالياً بالملف اللبناني، بل بترتيب اوراقها لمواجهة القادم الجديد الى سدة الرئاسة في ظل ارتفاع حظوظ دونالد ترامب الرئاسية، فضلا عن ارتفاع المخاطر الامنية والعسكرية بعد الضربة الاسرائيلية للحديدة اليمنية،ولهذا لا تبدو الاجواء ملائمة لفصل الملف اللبناني والانطلاق في تسويات لا يبدو ان وقتها مناسب الان.
“الضبابية” في واشنطن
وهذه الضبابية تنعكس ايضا على زيارة رئيس حكومة العدو الى واشنطن، حيث سيكون ملف الجبهة اللبنانية على “الطاولة” اضافة الى جبهتي غزة واليمن، فينما يرى محللون اسرائيليون ان اعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي يخدم رئيس حكومة اسرائيل الذي يلقي الاربعاء كلمة امام جلسة مشتركة للكونغرس الاميركي ويجتمع اليوم مع بايدن، ذلك انه سيرفع سقف مطالبه الى الحد الاقصى ولن يرضخ لرغبات رئيس سيغادر البيت الابيض في 5 تشرين الثاني المقبل، اي بعد اقل من خمسة اشهر، مراهنا على فوز ترامب. ووفقا لهؤلاء فان نتنياهو سيستخدم اوراق قوته هذه كلها في اجتماعاته في واشنطن وأمام الكونغرس، متيقناً ان الحزب الديموقراطي بعد انسحاب بايدن سيصبح اكثر حاجة للصوت اليهودي في الانتخابات ما يضطره لمسايرة اسرائيل ووقف الضغط على حكومتها لقبول مقترح وقف النار كما هو في غزة.
توقيت “بائس”
وبراي صحيفة “يديعوت احرنوت” فان نتنياهو يصل واشنطن بتوقيت بائس، فحتى لو كان مهتماً بواشنطن فهي غير مهتمة به. والاجتماع مع بايدن، بحال تم اليوم، سينطوي على معنى عملي محدود فقط فنتانياهو لا يحمل بشرى لواشنطن، لا في موضوع المخطوفين، ولا في موضوع اليوم التالي؛ والمسائل التي لن تقوم بدونها جبهة إقليمية واسعة ضد إيران. وبراي الصحيفة عندما يخرج نتنياهو من اللقاء، سيكثرون من سؤاله عن وضع الرئيس، هل كان يقظاً، هل تحدث موضوعياً، هل شفي من كورونا. قلة سيستمعون لرسائله عن غزة، وحزب الله، واليمن، وإيران، والمخطوفين.
ماذا يريد نتانياهو؟
فما يريده نتنياهو، الوصول إلى نهاية الشهر وبداية عطلة الكنيست، فالعطلة تمتد حتى تشرين الأول،، ولا يمكن خلالها اسقاط حكومته. ولو استطاع نتنياهو البقاء فإن أقرب انتخابات ستكون في الربع الأول من عام 2025. وبحلول هذا الوقت سيكون في البيت الأبيض ساكن جديد، ويأمل نتنياهو بأن يكون ترامب، الذي عزز حظوظه في الفترة الأولى.
اللقاء مع ترامب؟
في المقابل، لم يظهر المرشح الجمهوري أي اهتمام بنتنياهو، خلال الأشهر الأخيرة، فترامب لا يزال حانقاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويتهمه بالخيانة لأنه هنّأ بايدن على الفوز في عام 2020. كما أن اتفاقيات أبراهام، التي اعتبرها ترامب في حينه علامة على سياسته الخارجية، لم تعد مهمة في الوقت الحالي. وفي هذا السياق، يسعى نتنياهو لعقد لقاء مع ترامب، وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية “لا يزال مساعدو نتنياهو يحاولون ترتيب اللقاء وأرسلوا رسالة إلى مكتبه مفادها أن رئيس الوزراء يريد مقابلته، على أمل أن يتم ذلك، وهو سيتطرق نتنياهو إلى التهديد الإيراني والحاجة إلى منع طهران من الحصول على أسلحة نووية، وسيتناول تهديد،حزب الله ، وانصار الله لاسرائيل!
“الصندوق الاسود” الجمهوري!
اما لماذا يريد نتانياهو لقاء ترامب؟ فقد نقلت مجلة “بوليتيكو” الاميركية عن خبراء إسرائيليين قولهم انهم لاحظوا أنّ اللغة المستخدمة في برنامج الحزب الجمهوري لعام 2024، فيما يتعلق بإسرائيل، بدت وكأنّها اقل من برنامج عام 2016 حين ورد الدعم بشكل واضح ، وهم يتخوفون من ان يكون ترامب أكثر حرصاً على إخماد النيران في الشرق الأوسط مما يدرك نتنياهو. خصوصا ان المرشح الجمهوري لم يكن واضحاً بشأن ما سيفعله، ووفقا لخبير في الأمن القومي مطلع على ما يدور داخل حملة ترامب، فإنّ الأمور المتعلّقة بإسرائيل لا تزال في صندوق أسود إلى حدٍ ما وأكثر غموضاً من أجزاء أخرى من سياسته،علما أن ترامب كان ينتقد نتنياهو، ومن الواضح أنه غير سعيد به كفرد، وهو يميل الى عقد الصفقات.
“القومي” يزف شهيدا
ميدانيا في الجنوب، نفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة بصاروخين على بلدة شيحين استهدفت منزلاً في البلدة، وقد زف الحزب القومي السوري الشهيد ابراهيم اكرام الموسوي على طريق فلسطين فيما اصيب اثنين اخرين بجروح، وسجّل قصف إسرائيلي على أطراف بلدة الخيام وسهل مرجعيون، وتعرّضت المنطقة الواقعة بين كفركلا والعديسة لقصف اسرائيلي، مما تسبب باندلاع حريق في المكان، وشن الطيران غارة استهدفت بلدة ياطر في القطاع الاوسط وقد شن حزب الله سلسلة عمليات كان ابرزها استعداف موقع المالكية بمسيرة هجومية انقضاضية أصابت إحدى دشمه ممّا أدى إلى تدمير جزء منها واشتعال النيران فيها.كما اندلعت النيران في مستوطنة المطلة بعد استهداف منزلين بصواريخ موجهة.
“الرضوان” واختراق المستوطنات
وفي سياق متصل، نشر معهد (ألما) الاسرائيلي المُختّص بالشؤون العسكريّة تقريرا حذر فيه من قدرة وحدة “الرضوان” على اجتياح الجليل، ولفت الى انه وعلى الرغم من أشهر القتال بين إسرائيل وحزب الله، تستطيع هذه الوحدة تنفيذ خطط للاستيلاء على اراض في إسرائيل على غرار ما فعلته حماس .
خبرات قتالية عالية
واشار المعهد الى انه وعلى عكس قوات النخبة التابعة لحماس، تلقى عناصر وحدة الرضوان خبرة قتالية كبيرة في سوريّة بدلاً من التدريب فقط، واختبروا نقل وحدات من مئات المقاتلين في ساحة المعركة، وغزو المدن، والتنسيق بين مجموعة متنوعة من القوات في الميدان (المشاة، والمضادة للدبابات، والمدفعية، والاستخبارات).
تدريبات شاقة
ولفت المعهد الى انه يتم قبول المقاتلين في الوحدة بعد إجراء فرز دقيق. وبعد الفحص، يبدأ التدريب الشاق، والذي يتضمن، من بين أمور أخرى، تدريب القناصين، وإطلاق الأسلحة المضادة للدبابات، والقتال بالأيدي، والتدريب على المتفجرات، والقيادة العملياتية الدراجات النارية، والتدريب الخاص، مثل “ورشة الأسر” (الغرض من الدورة هو تعليم كيفية التصرف إذا وقعت في أسر العدو) وعملية جمع المعلومات الاستخبارية ومهاجمة الأهداف بالطائرات دون طيار، ويركز تدريب الوحدة أيضًا على اللياقة البدنية والجري لمسافات طويلة والزحف الجبلي والحرب الإرهابية التكتيكية. ويتلقى عناصر الوحدة التدريب مباشرة من وحدة كوماندوس “صابرين” التابعة للحرس الثوري الإيرانيّ.
استقلالية القرار؟
ووفقا للمعهد تستطيع فرق الرضوان العمل بشكل مستقل، دون تعليمات متتالية أوْ مساعدة لوجستية خارجية، ويتمتع قادة الفرق باستقلالية كبيرة في اتخاذ قرارات تكتيكية سريعة على الأرض والوحدة مجهزة بكل الأسلحة ذات الصلة بحرب المشاة والكوماندوس الموجودة في سوق الأسلحة اليوم.
المقاومة والحرب النفسية
وفي سياق الحرب النفسية التي يخوضها حزب الله مع كيان العدو، نشر الإعلام الحربي في المقاومة امس، فاصلاً جديداً موجَّهاً إلى ـ”جيش” الاحتلال الإسرائيلي، يحمل عنوان “لن تبقى لكم دبابات. وأظهر الفيديو قدرات حزب الله الصاروخية المضادة للدروع، وحمل صوت أمينه العام، السيد حسن نصر الله، وهو يهدد القادة الإسرائيليين إذا قرروا التوغل في الأراضي اللبنانية، قائلاً : “إذا جاءت دباباتُكم إلى لبنان وإلى جنوبي لبنان فلن تعانوا نقصاً في الدبابات، لأنه لن تبقى لكم دبابات. وتضمّنت المشاهدُ في المقطعٍ المصور عدة استهدافاتٍ سابقة لدبابات العدو في الجبهة الشمالية، بالإضافةِ إلى صور الصواريخ وعمليات الإطلاق، وبعض مشاهد لجنود حزب الله بكامل جهوزيتِهم.