برغم تصريحات ومواقف مسؤولين عدّة في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي رجّحوا فيها عدم ذهاب الوضع الحالي من الحرب بين المقاومة والكيان الصهيوني نحو تصعيد أكبر، لما له من مخاطر ومخاوف من خروجه عن السيطرة وتحوّله إلى حرب شاملة، فإنّ وقائع عديدة على الأرض، تحديداً من مسؤولين في دولة الكيان، تذهب في الإتجاه المعاكس، وتعطي إنطباعاً وكأنّ إتساع رقعة العدوان على مسافات أيّام قليلة.
وإذا كانت الأنظار في هذا السّياق توجهت إلى العاصمة الأميركية واشنطن لمعرفة الموقف الذي سيعود به رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو بعد لقائه المسؤولين في الإدارة الأميركية، بدءاً من الأسبوع المقبل، وهل سيعود حاملاً دعماً يجعله يذهب في قرار شنّ عدوان أكبر على لبنان، أم سيرجع مثقلاً بضغوط تثنيه عن ذلك، فإنّ جيش العدو إستبق ذلك وبعث “رسالة دموية” تستبق كلّ اللقاءات والإتصالات الجارية، سواء في واشنطن أو غيرها، بارتكابه مجزرة جديدة مساء أمس في بلدات الجميجمة ومجدل سلم وشقرا في الجنوب سقط بسببها شهداء وجرحى فضلاً عن دمار واسع.
واللافت في الأمر الذي انتبه مراقبون إلى خطورته أنّ العدوان الإسرائيلي أمس على الجنوب اللبناني، أتى بعد نحو 24 ساعة من تحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من أنّ “التمادي في استهداف المدنيين سيدفع المقاومة إلى إطلاق الصواريخ واستهداف مستعمرات جديدة لم يتم إستهدافها من قبل”، ما أعطى إنطباعاً بأنّ حكومة الكيان تجرّ المقاومة، عن سابق إصرار وترصّد، نحو مواجهة أوسع.
ولم يعد خافياً أنّ نتنياهو وحكومته، خصوصاً الصقور والمتشدّدين فيها، يدركون جيداً أنّ لا مصلحة لهم في التوصّل إلى تسوية لإيقاف العدوان وتوقف آلة القتل والدمار في قطاع غزة وجنوب لبنان، طالما لم يحقق جيش العدو، بعد مضي أكثر من تسعة أشهر ونصف من عدوانه، على تحقيقه مبتغاه وأهدافه التي أعلنها منذ البداية.
ولا شكّ في أنّ نتنياهو سيحاول جاهداً الحصول على دعم أكبر من الإدارة الأميركية، مستغلاً إنشغالها بالإستحقاق الإنتخابي الذي دخلته بقوة، وانشغلت به عن بقية أحداث العالم، منطلقاً من إدراكه بأنّ الإدارة الحالية برئاسة الرئيس الحالي جو بادين سوف تحاول جاهدة الحصول على دعم وأصوات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، الأمر الذي يستند إليه نتنياهو للضغط والإبتزاز للحصول على دعم الإدارة الاميركية، التي يدرك أنّ الإدارة الجديدة التي يُرجّح أن تكون برئاسة الرئيس الجديد ـ القديم دونالد ترامب ستوفر له ولكيانه كل أشكال الدعم، وهو ما أعلنه ترامب وفريق حملته الإنتخابية أكثر من مرّة، وما أكده سلوكه في البيت الأبيض عندما تولى الرئاسة قبل أربع سنوات، حيث قدّم لدولة الكيان دعماً غير محدود وبلا شروط.
ماذا يعني كلّ ذلك؟ يعني شيئاً واحداً هو أنّ نتنياهو يُدرك أن الذهاب نحو حرب أوسع ضد المقاومة في لبنان هو الخيار الوحيد الذي ينقذه وحكومته وكيانه من تداعيات واسعة ستؤثر سلباً على مستقبلهم جميعاً، ولن تصب لمصلحتهم بأيّ شكل من الأشكال، مستغلاً إنشغال الإدارة الأميركية والإتحاد الأوروبي بملفات واهتمامات أخرى، ما سيجعل صيف هذا العام، في لبنان والمنطقة، ملتهباً كما لم يلتهب من قبل.
موقع سفير الشمال الإلكتروني