2024- 07 - 06   |   بحث في الموقع  
logo في طرابلس.. ابن الـ12 عاماً تعرّض لإعتداء جنسي logo في العبدة.. اختطاف طفلة من والدتها “المتسوّلة” logo المجلس الشرعي الإسلامي: انتخاب رئيس للدولة هو شأن وطني يجسّد الإرادة الوطنية الواحدة logo اسرائيل تعلن مقتل ضابطين في الشجاعية! logo بلا موعد آخر... الرئيس الايراني الجديد يلغي مؤتمره الصحافي! logo اسرائيل تعلن العثور على مستودع للقذائف الصاروخية! logo بشأن اتفاق التبادل... اعترافٌ من غانتس وآيزنكوت! logo بارولين عن انتخاب رئيس: المسؤولية ملقاة على عاتق الجميع
صفحات الكترونية للبيع: صنّاع المحتوى في مصيدة التنمّر والمحاسبة
2024-07-04 01:25:33

قبل أسابيع، هدّدت "صانعة محتوى رقمي"، مهى حمادة، بإقفال صفحاتها وحساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي إذا لم يحظَ الفيديو الأخير بتفاعل المتابعين. كان تهديداً صريحاً ينبع من استياء صاحبته وتعبها وانقطاع أنفاسها. الطريق إلى اللايكات والمشاركة والمشاهدات طويلة وشائكة. لا يصمد سوى طويل النفس، قويّ الدوافع.
قبل ذلك "الفيديو الإنذاري"، احتدم شجار بين صانعة المحتوى تلك وإحدى متابعات صفحتها، تبادلتا فيه الاستنكار والغضب والتبرؤ من المسؤوليات. فتلك المتابِعة نفّذت إحدى وصفات الصانعة الرقمية ولم تعجبها النتيجة، بل إنها اتّهمت الوصفة بالمدمرة والكارثية. خرجت إلى العلن لتحاسب وتحاكم.
وأخيراً، بعد الإنذار، عبّرت الصانعة الرقمية ببوست متظلّم عن أساها وإحباطها من تعليقات بعض متابعيها وتنمّرهم وأذيّتهم لها، هي التي لم تسئ لأحد. شكرت المشجّعين والداعمين، واعتذرت من الجميع عن كل شيء. اعتذار فضفاض، ضمّ المعجبين والمنتقدين، وأوحى بالتبرّم والندم، كما احتوى البوست الطويل تعداداً لطباع صاحبته الشخصية وبينها النزاهة والصراحة والصدق مع النفس وعدم أذية الآخرين وخدمتهم. وما هي سوى أيام قليلة حتى عرضت صفحاتها للبيع!
نعم للبيع. وما يباع هنا هو مئات آلاف المتابعين وليس أي بضاعة أخرى. كانت تلك السيّدة تقول لمتابعيها إنها تريد بيع إعجابهم ومتابعتهم لمجهول ما. وكما يحدث حين تنتقل ملكية نادٍ لشخص جديد، ينتظر الزبائن والمنتسبون للنادي اختلاف الخدمة والمستوى والجودة، كان على المتابعين أن ينتظروا الشاري الجديد أو يغادروا بكبسة زرّ في التوّ.
انتهاك الشروط
رغم أنّ الشروط والأحكام في فايسبوك وانستغرام لا تسمح ببيع الصفحات أو توريثها في حياة صاحبها (ثمة إجراءات للتوريث في حال وفاة صاحب الصفحة وتوقيعات يجب ان تتمّ في حياته وكذلك ما يشبه الوصية وهذا يستوجب وقفة لاحقة).. رغم ذلك تمّ عرض الحساب للبيع علناً، والأرجح أن صاحبة الصفحة لم تكن على إطلاع جيد على الشقّ القانوني لهذه المسألة، لأنّ فيها بنداً جزائياً وملاحقة قانونية من قبل الشركة الأمّ مثل "ميتا" في هذه الحال، أو أنها تعرف، وليست جدّية في عرضها، بل هي سرعان ما ستتراجع عن الصفقة بعد لفت الأنظار وجذب الفضول وتنشيط المتابعين أو ربما استدرار انتباههم وتعاطفهم.
بالتواصل مع الرقم المدرج في العرض، طلب وكيل الصفقة مبلغ 6 آلاف دولار، قابلاً للتفاوض. هو سعر لصفحتين يعودان للمنشئ نفسه على منصّتين. بعد أيّام أخرى عادت صاحبة الصفحة عن قرارها، واستأنفت عرض محتواها المخصّص لوصفات تجميلية للبشرة والشعر ونصائح أسرية وصحية، وسحبت البوست الذي يعرض صفحتيها للبيع.
توبيخ وتنمّر
لكن ردود الأفعال تتفاوت بين صنّاع المحتوى. فإحدى صانعات المحتوى التي تقدّم وصفات سهلة وسريعة لآلاف من متابعيها، تتجاهل الانتقادات الموجّهة لوصفاتها، حتى حين تكون صائبة. لقد قدّمت مرة طريقة صنع مقرمشات من حبوب اللقطين والكتان ودوار الشمس وغيرها. تدخّل بعض زوّار الصفحة، ليسخروا من الوصفة ويحذّروا من الخطأ الذي تروّج له، لافتين إلى أن المعدة البشرية لا تهضم هذه الحبوب الصغيرة إذا لم يتمّ هرسها، وبالتالي لا فائدة من أكلها بل هناك ضرر في المقابل. لكنّ المعنيّة لم تعلّق، إذ يبدو أنّ تجاهل الانتقادات هو أسلم الخيارات.
داليا القطّأمّا داليا القطّ، الشابة المصرية المقيمة في ألمانيا، والمتميّزة بخفة ظلّ مصرية نموذجية، فتقدّم محتوى كوميدياً، وتعلّق بخفّة ظلّ على يوميّاتها، وهي تعمد إلى عرض الانتقادات التي تُوَجّه لها والتعليقات الساخرة وحتى المسيئة وتردّ عليها بأسلوبها الكوميدي نفسه الذي هو بمثابة "شخصية" صفحتها.
كثير من صانعي المحتوى يفعلون بالمثل ويواجهون منتقديهم حتى الذين يراسلونهم على البريد الخاص. وهذا أسلوب أثبت نجاعته، إذ تتدفق الردود والتفاعلات المشجّعة لصاحب المحتوى. وكذا حدث مع القطّ إذ تفاعل الآلاف مع تعليقها على "أبو رميساء" الذي وجّه لها كلاماً على البريد الخاص "ما يصحّش"، كما قالت من دون أن تفصح عن ذاك الكلام. وبدل الغضب، قامت القطّ بالسخرية من المنتقد وسألته عن أم رميساء (زوجته) ورميساء، ابنته، لافتة بطرافة إلى ضرورة أن يهتمّ الفرد بشؤونه الشخصية.
في فيديو آخر تحذّر القط بنبرتها الساخرة أي شخص يرسل تعليقاً مسيئاً أو رسالة خاصّة بأنّها ستردّ عليه على العامّ. وقد فعلت بالفعل أن ردّت على شخص كتب لها أن محتواها "هايف" تافه. ببساطة أخبرته أنّها لم تدّعِ أنها أحمد زويل، وأنها ستتركه يعمل لأنه لا شكّ يحاضر الآن في مؤتمر علمي مشهود في موزنبيق. لا نعرف لماذا موزنبيق ولكنها اختارت بلداً بعيداً لتطلب من المنتقد أن يجلب معه "حرنكش موزنبيقي"، والحرنكش فاكهة استوائية كرزية الشكل.
ارتجال الأخلاقيات
إن امتلكت صفحةُ وسائل تواصلٍ اجتماعي عدداً كبيراً من المتابعين، لن تبقى مقصد المعلنين، بل أيضاً مروّجي الأفكار والترندات، وتدرّ الربح وأحياناً الربح الكبير، وشهرة مضمونة بين جماهير هذه المنصّات، ولكنّها أيضاً تتطلّب الكثير من الجهد والعمل لتحافظ على متابعيها وتفاعلهم، وهذا أمر لا ينجح فيه كثيرون.
الجهد المبذول هنا يشمل تعاملاً ذكيّاً مع المتنمّرين والساخطين وشكاوى المتابعين، أي ما يشبه قسماً خاصّاً لخدمة الزبائن (المتابعين).
أن يعلن صانع محتوى غضبه واعتزاله أيضاً هو حقّه، تحديداً حين يصير عرضة للتنمّر الإلكتروني والانتقادات اللاذعة في فضاء لم يحسم بعد أخلاقيات التعامل فيه، إلّا أنّ صنّاع المحتوى هؤلاء، يؤسّسون اليوم من دون تخطيط أو تنسيق لأخلاقيات بديلة، عبر ردود فعلهم على متابعيهم. كلّ ردّة فعل هي بند في قانون اللعبة، اللعبة الشرسة التي لا ترحم.
خروج غير آمن
يأتي صنّاع المحتوى من بيئات مختلفة متفاوتة المستوى الثقافي والوعي... وأيضاً القدرة على تقبّل الانتقادات ومعالجة الإساءات. لقد وفدوا من كلّ حدب وصوب ليكتشفوا أنّ الأمر ليس نزهة آمنة نحو الشهرة والمال، بل هي محفوفة بالتنمّر والتوتّر وشحنات الطاقة السلبية. وما كان على كثيرين منهم إلّا أن يعودوا من حيث أتوا، ولكن ليس كما أتوا، من دون عواقب وخسارات.
هذه اللعبة فضفاضة القوانين وحديثتها. يمكنك أن تتوقّف وقت تشاء، وتُعرب عن استيائك وغضبك، ولكن لا يمكنك أن تبيعها. لن تتكسّب من خروجك. خروجك سيكسبك فقط راحة البال وهذا هو المكسب الوحيد المتروك لك.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top