حذر تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب من أن سياسة حكومة بنيامين نتنياهو والعقوبات التي تنفذها ضد السلطة الفلسطينية، من شأنها أن تؤدي إلى انهيار السلطة وتصاعد الفوضى في الضفة الغربية وصولاً إلى اندلاع انتفاضة، تكبد إسرائيل خسائر اقتصادية وأمنية وسياسية كبيرة.وأشار التقرير الصادر الأربعاء إلى أن خطوات الحكومة الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية اشتدت بشكل كبير منذ أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر وشن إسرائيل حربها على غزة، وتصاعدت هذه الخطوات أكثر في أعقاب "ضلوع السلطة في الدعاوى شد إسرائيل في محكمتي لاهاي، وإثر اعتراف دول بالدولة الفلسطينية".خطوات مدروسةويشير التقرير إلى الخطوات التي انتهجتها إسرائيل في سبيل تحقيق هدفها، وقال إنه منذ بداية الحرب على غزة منعت إسرائيل دخول العمال الفلسطينيين إلى أراضي ال48 للعمل، ويقدر عددهم بحوالي 165 ألفاً بينهم 130 ألفاً يحملون تصاريح عمل. وسمحت إسرائيل لثمانية آلاف عامل فلسطيني بالدخول إلى أراضي ال48 لتنفيذ "أعمال حيوية"، إضافة إلى حوالي 18 ألف عامل فلسطيني استمروا في العمل في المستوطنات في الضفة. أي أن الخطوات الإسرائيلية جعلت أكثر من 130 ألف فلسطيني عاطلاً عن العمل ومن دون مصدر رزق.كذلك لجأت إسرائيل إلى خصم مبالغ كبيرة من مخصصات المقاصة (الضرائب)، ويبلغ حجمها حوالي 800 مليون شيكل شهرياً. ويخصص قسم كبير من هذه المستحقات لتسديد رواتب موظفي السلطة، وبضمنهم أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية. وتتذرع إسرائيل بشأن خصم أموال المقاصة، بأن قسماً منها مخصص لقطاع غزة وقسم آخر تدفعه السلطة للأسرى ولعائلات الشهداء.وأضاف التقرير أن إسرائيل لم تجدد اتفاقية التعويضات للبنوك الإسرائيلية التي تتعامل مع البنوك الفلسطينية، كضمان من عدم معاقبتها بسبب تحويلها مساعدات مالية تصل إلى السلطة الفلسطينية، وذلك بادعاء أن تحويل الأموال يخالف قانون "تايلور فورس" الأميركي الذي يمنع تحويل أموال إلى السلطة الفلسطينية طالما تستمر بدفع مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء، الأمر الذي يوقف معاملات البنوك الفلسطينية مع النظام المصرفي العالمي.كما يرفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تجديد اتفاقية التعويضات مع البنوك الإسرائيلية. وفي موازاة ذلك، يعمل سموتريتش على توسيع كبير للمستوطنات وشرعنة ما لا يقل عن 63 بؤرة استيطانية عشوائية أقيمت على أراض معظمها بملكية فلسطينية خاصة، من خلال مصادرة هذه الأراضي وتحويل تصنيفها إلى "أراضي دولة".وتفرض إسرائيل عقوبات شخصية على مسؤولين في السلطة الفلسطينية، إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية شخصية على مسؤولين فلسطينيين وأفراد عائلاتهم. كما تهدد إسرائيل بإبعاد مسؤولين فلسطينيين عن الضفة بزعم أنهم يتواجدون فيها بصورة غير قانونية. سلطة دون قدرات وأشار التقرير إلى أن من شأن هذه الخطوات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية أن تحولها إلى سلطة غير قادرة على تسديد التزاماتها المالية وأن تتوقف عن تسديد رواتب موظفيها وفقدان سيطرتها على أجهزتها الأمنية، وبالتالي توقفها عن تزويد الاحتياجات المدنية. "وهذا التطور من شأنه أن يؤدي إلى تحويل فوهات البنادق نحو إسرائيل، وخلال ذلك التوقف عن الحفاظ على النظام العام".وتثير هذه الخطوات بحسب التقرير، مخاوف جهاز الأمن الإسرائيلي كذلك الولايات المتحدة من انهيار اقتصادي للسلطة، يؤدي إلى "فوضى وتعزيز شعبية حركة حماس في الضفة، بينما في الخلفية دعم مالي إيراني من أجل دفع عمليات مسلحة".وأضاف التقرير أن "جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) قدم تحذيراً إستراتيجياً للمستوى السياسي وجهاز الأمن من سيناريو انهيار اقتصادي"، وذكر أن تقليص رواتب أجهزة الأمن الفلسطينية بشكل كبير من شأنه أن "يشجع تسربهم إلى تنظيمات إرهابية وتراجع فاعلية عمليات الإحباط التي ينفذونها ضد حماس" في الضفة الغربية. ويؤكد التقرير أنه في حال انهيار السلطة الفلسطينية، "ستتكبد إسرائيل عبئاً ثقيلاً بتحملها مسؤولية عن الاحتياجات المدنية والنظام العام في الضفة الغربية، بتكلفة اقتصادية بحوالي 57 مليار شيكل سنوياً، وتشكل 5 في المئة من الناتج الإسرائيلي. ولعملية جعل السلطة تنهار تبعات على إسرائيل، حتى لو لم يحدث انهيار كامل".