2024- 07 - 04   |   بحث في الموقع  
logo جامعة البلمند تنجز مشروع التشجير في جرد تنورين وتسلّم موقع التحريج لبلدية تنورين logo في ملف “رياض سلامة”… طلب من القاضية إسكندر إلى الاستئناف logo حاول إجتياز حاجز للجيش… وهذا ما حصل معه! logo حدة المواجهة ترتفع على الحدود الجنوبية... واحتمال اتساع التصعيد وارد! logo بعد التحرّك الفرنسي الأميركي... العين على المشاورات الأمنية! logo استهداف الإعلام مجدداً… إصابة مصوّر في كفرشوبا logo كانت تحاول حماية أسماء الأسد... فيديو يُظهر الشبل غاضبة! logo صور أقمار اصطناعية "تظهر": اسرائيل استولت على 26 بالمئة من أراضي غزة
"لا تتوقّفوا عن الرسم": كرباج وطرابلسي يؤرّخان الإبادة المستمرة...وألمنا
2024-07-02 15:25:36

حتى منتصف آب المقبل، يستمرّ معرض "لا تتوقّفوا عن الرسم: يوميات مرئية للتضامن مع غزّة" لمازن كرباج وجنى طرابلسي في مسرح المدينة ببيروت، وهو أحد فعاليات البرنامج التضامني مع غزّة الذي تنظّمه منى الحلاق وميساء جلّاد، بدعم من "معهد الازدهار العالمي" (IGP) في "كليّة لندن الجامعيّة" (UCL)، والذي انطلق في التاسع والعشرين من شهر أيار الفائت. لن نخرج "نحن أنفسنا" من قاعة نهى الراضي التي تحتضن المعرض. صحيح أنّنا ما عدنا "نحن أنفسنا" منذ 7 تشرين الأوّل الماضي حتّى اليوم، لكنّ معرض "لا تتوقّفوا عن الرسم"، الذي يخاطبنا جميعاً رسّامين وغير رسّامين، سيثخن جراح أرواحنا، ويضعنا في مواجهة كلّ آلام الشهور الأخيرة دفعة واحدة، وسيحشد ذكرياتنا القريبة وكوابيس الليل النهار ونحن نتنقّل بين لوحات فنّانَين بصريين، يشهدان إبادة جماعية في عصر الصورة الرقمية والبثّ الحيّ عبر المنصّات الإلكترونية. الصورة والعتمة ميدان طرابلسي وكرباج، وهما يحترفان فنون الصورة والغرافيك والتصميم التي تشابكت وتضافرت وتناغمت لتعبّر عن الروع الكبير الذي استقبلا به ما يُرتكب كلّ لحظة وكلّ مجزرة. خيط الزمن المأتمي
المعرض لا يرحّب بنا ولا يستقبلنا أو حتى يودّعنا. نحن لسنا مدعوّين إلى معرض فنّي معتاد. ليس معرضاً استعادياً أو أرشيفياً أو خطوة نحو هدف فنّي أو انقلاباً على مدرسة تشكيلية، إنّه معرض في قلب إبادة، والتحدّي الذي يخوضه أنّ هذه الإبادة تقريباً تبثّ حيّة في أرجاء كوكب الأرض. زائر المعرض جزء منه. إنّه جزء من الشهور الثمانية الماضية. يرمي المعرض لزوّاره خيطاً عند وصولهم، عليهم أن يمسكوه ويتركوه يقودهم يوماً بعد يوم في الأيّام التي تشارف الثلاثمئة، ودقيقة بعد دقيقة. تتوزّع على الشريط الأسود العرضي - فوقه وتحته -رسوم تؤرّخ يوميّات الإبادة التي لم تنته ونعرف أنّها ما زالت مستمرّة، لكنّ ثقلها يجعلها تاريخاً لألمنا الشخصي. هذا الشريط الأسود الممتدّ على جدران المعرض أراده المصمّمان خيطاً زمنياً، لكنّه يكاد يعرّف عن نفسه وهو مثقل بصور الضحايا، بأنّه شريط حداد. وهذا لا يناقض فكرة الخيط الزمني، فخيط الزمن بات جنائزياً بامتياز، والحداد ممتدّ. حوار الأبيض والأسود
يقدّم المعرض حواراً بين طرابلسي وكرباج، اللذين بدآ منذ انطلاق الإبادة يعرضان على صفحتيهما على انستغرام أعمالاً بصرية فنّية تعبّر عن رفضهما للإبادة وأساهما من الوحشية الإسرائيلية والمتحالفين معها. وبعد لندن، انتقل المعرض إلى بيروت، وقد أضيفت إليه أعمال وذكريات إضافية، ليفيض الحبر الأسود بالتوازي مع أرطال الدماء المسفوكة للأبرياء. تلك اليوميات مكتوبة بغالبيتها بحبر أسود على بياض، وكما الذكريات تحيلنا إلى اللونين الأبيض والأسود.اللمسة الموسيقية حاضرة في أعمال كرباج، عازف البوق، وتبدو الفراغات بين خطّ وآخر كالوقفات بين نوتة وأخرى، تتسارع حتّى الذرى طوراً، وتتباطأ نحو الحضيض طوراً آخر.
وتجعلنا حساسية طرابلسي نشعر بها تتماهى وألم النساء وهنّ يخضعن لمبضع الجراحة القيصرية من دون تخدير، ثمّ تخاط شقوقهنّ غرزة غرزة وطبقة جلد بعد أخرى، وصولاً إلى بطانة الرحم، تحت سماء من دون رحمة. صراخ الأمّهات والمواليد الجدد يلاقي عزف البوق المفجوع. ولا تتوقّفوا عن الكلام
"حين تعجز عن تغيير الحاضر، دع المستقبل يعرف". هذا أحد تعليقات لوحةٍ لكرباج، وهو يقول تقريباً كلّ شيء، ويؤكّد أنّ التوقّف عن الرسم وإقامة المعارض هو هزيمة، هزيمة حذّرت منها الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي في كلمة ألقتها في الجامعة الأميركية قبل شهور قليلة بعنوان "عندما نتوقّف عن الكلام"، وقد استلهمت طرابلسي من تلك الكلمة بعض الرسوم والتصميمات، بل إنّ عنوان المعرض نفسه يلاقي صرخة شبلي وكلِّ مبدع تهدر الهمجية دمه ودماء أهله. مواصلة التعبير والنشر والتعليق والإدانة هو نقطة مهمّة في هذه الإبادة، فتعويد الناس على الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حقّ الأراضي الفلسطينية المحتلّة ولبنان بالمثل، يندرج تحت خطّة هذا العدو الذي يريد أن تتحوّل يوميات هذه الإبادة إلى فعل يومي عادي لا يمكن لأحد أو شيء أو سلطة قانونية أممية أن تغيّره. المواجهة بالحبر
الفنّ أيضاً يدخل الحرب والإبادات، لمعركته أدواتها وقوانينها وجولاتها وإنهاكها أيضاً، وأمام "الإنهاك" يوقفنا هذا المعرض، لنرى كيف أنّ طرابلسي وكرباج ما زالا يحتفظان بين لوحة وأخرى، ومن يوم إلى تاليه، بالعزم نفسه والإيمان ذاته بفنهما وأدواتهما ورسالتهما. إنّهما هدفان للحرب أيضاً، وهي تريد إسكاتهما، سواء كان أحدهما في برلين مِن بُعد، أو في بيروت بالقرب من قلب المأساة. المأساة ما عادت تُقاس بالكيلومترات، ليس بسبب التكنولوجيا، بل بسبب الفنّ نفسه الذي يجتاز الحدود. بهذا المعنى، يورد البيان التقديمي للمعرض: "هذه الرسوم هي طريقة الفنّانَين للمطالبة بالمساواة والسلام والعدالة لفلسطين ولمواجهة عجزهم تجاه الوحشية التي كشفت عنها هذه الإبادة الجماعية". المواجهة هي الردّ الأنجع على الإحساس بالعجز وما يولده من إحباط ومزيد من الخسائر المعنوية لصالح العدوّ، الذي يسخّر ترسانته التكنولوجية والدعائية لإبادة ردود الأفعال التضامنية مع الضحايا في الواقع والافتراض.تعليقات انستغرام
من دون تعديل، أضاف منظّمو المعرض تعليقات عدد من الباحثين المحليين من رام الله ولندن وبيروت، والعاملين في "معهد الازدهار العالمي"، حول أعمال الفنّانين في صفحتيهما، ما أضاف جرعة نابضة ووسّع دائرة المشاركة في العمل الفنّي. هذه الإبادة جماعية تحدث في زمن الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوجّب على هذا المعرض استخدام أدوات زمنه وإكمال المشهد: ثمة الإبادة والفنّان والمُتلقي المُتفاعل ووسيلة العرض. لعلّه أول معرض إنساني من قلب إبادة جماعية. تخرج الرسوم كلّ يوم مع إحصائيات الضحايا والتعرّف إلى وجوه من أمكن التعرف عليهم، ثمّ تنتقل من الجدران الافتراضية إلى الجدران المادّية والعكس، تستمرّ الدائرة ونستمرّ في الرسم.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top