2024- 07 - 01   |   بحث في الموقع  
logo خلف: لامبالاة غير مسبوقة لنواب الامة في ملء الفراغ الرئاسي logo “إنماء طرابلس” شكرت لوزير الصحة متابعته اوضاع مستشفى المنية الحكومي الصحية والادارية logo كبير مستشاري ترمب السابق يسلم نفسه إلى السجن logo وسائل إعلام إسرائيلية: تراجع في مسار التطبيع مع السعودية logo "على غرار حماس"... قوة روسية تسيطر على معقل أوكراني كبير logo "لا لحرب في الشمال"...تشكيكٌ باستعداد الجيش الإسرائيلي لحرب مع لبنان logo المعارضة تدعو إلى عقد جلسة لمناقشة الحرب الدائرة في الجنوب logo زكي: في قمة جدة سقطت الاشارة الى أن حزب الله "ارهابي"
لبنان وتطورات السياسات الدولية
2024-06-29 09:25:30


مرّة أخرى، يوضع لبنان على محكّ السياسات الدولية. جديد هذه المرّة، الأفق السياسي المختلف الذي يواجهه لبنان في تعامله مع "المجتمع الدولي". سبق للفترات الدولية الماضية، أن تناولت التدرج بالوضع اللبناني إلى سيادة مقبولة، وإلى استقلال معقول، وإلى معادلة سياسية لا تخلّ بالموقع اللبناني العام، في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، مثلما أَوْحَتْ الأجواء آنذاك، بإمكانية استئناف "مسيرة الدولة" التي عانت من عثراتها المزمنة.
ثمّة توجهات كثيرة اتخذت بشأن لبنان، لكنها في مجملها، لم تشهد اندفاعة ذات شأن، تترجم زخم نصوصها، بل هي قبلت بالمراوحة على أبواب الممرّات اللبنانية الداخلية الصعبة. كان من حق اللبنانيين ان يقرأوا في ذلك جملة إيحاءات سياسية ذات دلالة، منها على وجه الخصوص، عدم تطابق الروزنامة "العالمية" مع روزنامة لبنان، ولا منطقية نيابة "الخارج" عن الداخل في تَدَبّر إنضاج شروط تقدمه، الداخلية، ولا حكمة ممثلي النسيج الاجتماعي اللبناني في مداراة عقدهم السياسية المستعصية بالوقت الحواري اللازم... بعيداً من ذلك كان من شأن كل نَزَقٍ او تسرّع، أن يطيح بالحد الأدنى المتحقق من تماسك الاجتماع اللبناني!!.
يبدو الأمر اليوم مختلفاً بعض الشيء عن المرات السابقة، بل إن الميل يظهر أشد في اتجاه إحداث تعديل ما في الوضعية اللبنانية، من طريق هزّها عسكرياً، بعد أن تَعذَّر ذلك من خلال تدجينها سياسياً... منطوق الخطاب الدولي المتداول يحمل على هذا الانطباع، ووقائع الميدان القتالي تعزز هذا الاحتمال. والسؤال، ما "تصفية الحساب" التي يستبطنها التحرك الدولي الناشط حيال لبنان؟ لعل الأمر، ليس أقلّ من إلغاء الاستثناء الذي حققه اللبنانيون من خلال مقاومتهم المستديمة للعدوان الاسرائيلي، منذ مطلع احتكاكهم بقضية فلسطين، وبسبب التمسك بالإقامة في قلب معادلة الصراع ضد إسرائيل، لأسباب خارجية وداخلية في آنٍ معاً. هكذا تهدّد إسرائيل لتقول للبنانيين إن "نصركم عام 2000" معرَّض لأن يتشظّى على مساحة إدارتكم السياسية التي امتدت لسنوات عديدة، بسبب من "قراءتكم الخاطئة"، لمعنى الانسحاب الاضطراري الذي حصل، وبسبب من قراءتكم "القاصرة"، لمجمل تطورات الوضعين العربي والدولي، وفوق ذلك لسبب أساسي حاسم، تمثله عقيدتكم القاضية بإبقاء لبنان "ساحة مجابهة مفتوحة"... من دون أقرانها في ديار العرب الآخرين، وفق على ما هو حاصلٌ اليوم في سياق الحرب المفتوحة على غزّة. بإيجاز: قد ترغب إسرائيل في تنفيذ عملية ثأر من الاستثناء المقاوم اللبناني، لتعيد الجميع الى جادّة قاعدة الهزيمة الأصلية، هذا في امتداد صناعة الهزيمة التي تحاول تجديدها في فلسطين.
لكن برغم هذه اللوحة الواقعية المرّة، لا مفر من العودة الى سؤال: كيف يدير لبنان مسألته اليوم مع "المستجدات الدولية"؟ نسقط سلفاً أسئلة المزايدة من نوع: كيف نواجه "العالم"؟ وكيف نحبط المخطط الأميركي الصهيوني؟ وكيف نجعل العالم "المتحضر" لا يكيل بمكيالين؟... هذه الأسئلة، وأضرابها، تليق ببقايا الخطب "النارية" الموروثة من خزائن الأحلام القومية، التي حافظت على استمرارها في عالم الأخيلة والأوهام. يفتح سؤال الإدارة السياسية اللبنانية على البحث في تحديد الأفق السياسي للمعركة القتالية المفتوحة اليوم، مثلما يفتح على التدقيق في ميزان القوى العام المحيط بهذا الأفق، بما يقرّب هذا الأخير من ملامسة الواقع، أو بما يبعده عنه. وفي حالتي الاقتراب والبعد، تكمن إمكانية تحديد الخسائر أو مفاقمتها، مثلما تكمن القدرة على انتزاع "فوزٍ ما" من بين براثن الهجمة المعادية الشرسة، التي تسعى إلى تعديل المعادلة العربية الإسرائيلية الراهنة، لتجعلها أكثر استلالاً في صالح العدوانية الصهيونية.
على صعيد دولي، لا ضرورة لإجهاد النفس لتبيان الغطاء السياسي "الوافر" الذي تتمتع به الحملة العسكرية الاسرائيلية، ولإظهار التقاطع السياسي بين مراكز القرار، عند نقطة عدم العودة بالوضع اللبناني إلى ما قبل تاريخ اندلاع المواجهة القتالية الحالية. من الواقعية المسؤولة القول: إن لا مراهنة على اللعب على تناقضات مصالح الأقطاب الدوليين، إذا كان المقصود تغيير قواعد اللعبة، بل من العقلانية القول بالسير بين "نقاط" تلاوين مواقف أولئك الأقطاب، لاتقاء المزيد من "البلل" الكارثي الذي يتعرض له لبنان. على صعيد عربي، ليس تجنيّاً القول إن ملف الصراع مع اسرائيل أُقفل بعيد العام 1967، وهو وإن فتح الباب مواربة عام 1973، فإن الأمر لم يكن من قبيل الإطاحة بكل الأبواب. يكفي أن نتذكر أن فلسطين ما زالت متروكة لشأنها، وأن دمها المسفوح كل يوم لم يستثر، ولا يستثير أي إضافة عربية ذات شأن، ولا إضافة إقليمية ذات أثر إليها، لا في السياسة ولا في الميدان.. ولنذكر دائما، أن العرب المنفضّين من حول قضية العروبة المركزية، لن يعودوا ليجتمعوا حول "مقاومة لبنانية" يرمونها بكل تحاليل الفئوية والمحلية والتبعية المذهبية... الخ. هذا على صعيد عربي رسمي، لأنه لا فائدة من إعارة الأذن إلى الكلام اللامسؤول الذي يجري على ألسنة جنرالات عرب متقاعدين، ولا على أقلام "مثقفين عرب"، يعنيهم المقال أكثر مما تعنيهم المسؤولية عنه. نستطرد هنا بالشرح قليلاً، للقول، إن "الوضع العربي"، في الشوارع وعلى المنابر، يخلط بين التأييد المطلوب والمشروع، لحقّ اللبنانيين في الدفاع عن أرضهم، وبين الطلبات غير المشروعة من اللبنانيين، بأن يظل بلدهم بلد المواجهة الوحيد، وشعبهم شعب المقاومة المفرد، إسناداً لداخله، أم لنجدة الآخرين... "تلك قسمة ضيزى" وتوزيع عمل غير عادل... وفي هذا المجال، يجب أن ينتبه أبناء "الحماسة العربية" إلى أن التثوير المأمول لن يأتي من فوهات البنادق الفلسطينية سابقا، واللبنانية لاحقا... على أولئك الانصراف الى مجتمعاتهم للبحث في شروط نهضتها، التي إن تحقّقت، سينال منها لبنان، وغيره الخير العميم، وعليهم ألا يمعنوا في التنظير لترسيمنا "ساحة" ولاستباحتنا كشعب، لا لشيء إلا لتعويض نفسي موهوم، عن أحلام "الثورة العربية المقموعة" في دواخلهم، وعلى كل المفترقات السياسية والاجتماعية. لَوْحَتَا الداخل والخارج، على وطأة وقائعهما، تردّان الناظر إلى ميزان الداخل، الذي يظل العامل الحاسم في بناء وتشكيل الأفق السياسي الذي ذهبنا إلى ضرورة اشتقاق معادلاته.
ما يشكل سقفا أعلى لكل الحراك الوطني، ولُحْمَة لكلّ عُراه، هو سقف الوحدة الوطنية اللبنانية التي يجب ابتكار معادلاتها يومياً. والمفترض تطويرها بتسويات داخلية كل آن، والمأمول صونها بدأب تحت كل الظروف. خارج شرط الوحدة لا معنى للحديث عن أي انتصار، وبعيداً من أحكامها، لا معنى لأي فوز. أبعد من ذلك، قد تكون المعادلة العاقلة: خسارة مع الوحدة، تظل أفضل من فوز مع الافتراق، ذلك أن الحالة الأولى فوز مستقبلي، فيما الحالة الثانية لا تعدو كونها انكساراً فورياً... هذا إذا ظل المقياس مقياس، الوطن، والمراهنة على مستقبله، وعلى قدرته على النهوض من كبواته.
من البديهي أن تتضمن الوحدة تبادلاً وظيفياً، منسجماً، ومتوافقا ًعليه، بين كل مكوناتها، بحيث يكون الهدف جَنْي قطافٍ عقلاني، في صالح الجميع. هذا يشكّل تمريناً أول لمغادرة عقلية الغَلَبة التي ما زالت سائدة بين اللبنانيين، مثلما يشكل امتحاناً لترك عقلية التخلّي، التي هي الوجه الآخر للغلبة المستحيلة.
على محّك الوضع الدولي وقراراته، يبدو الوطن في مواجهة أسئلته الكبرى: ساحة أم وطن؟ جسر التقاء مع العالم أم موقع انعزال؟ احتمال وحدة أم مآل انفكاك؟ عروبة الممكن أم مغامرة العروبة؟ وطن في أمّة، أم موطن كل الأمة؟ تنازل الداخل للداخل أم استقواء البعض على البعض الآخر؟ وطن الآمال والطموحات المشروعة، أم ميدان الطموحات المشرعة أمام كل ريح؟...
حتى يوم الإجابات الناجعة، سيظل نهر الآلام هادراً، وستظلّ الأعمار معلّقة على شجرة الانتظار.



المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top