انشغل معظم العالم أمس بترددات المناظرة الأولى التي وصفت بالتاريخية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه في الانتخابات الرئاسية الرئيس السابق دونالد ترامب، ولم تلبث الأنظار أن رصدت الانتخابات الرئاسية في إيران، وفي الساعات المقبلة ستبدأ الأنظار برصد الدورة الأولى للانتخابات النيابية الفرنسية وسط توقعات بانتصار ساحق لليمين المتطرف وهزيمة دراماتيكية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
هذه الصورة الإجمالية لأبرز الاستحقاقات والأحداث الانتخابية التي تستقطب الاهتمام العالمي تبرز في وجهها الخلفي صعود تطورات عالمية كان من شأنها تخفيف التركيز على الواقع الذي يعيشه لبنان مع تصاعد المخاوف والقلق من اندلاع حرب كبيرة في لبنان.
ولكن الساعات الأخيرة أبرزت أنّ المخاوف الخارجية من هذه الحرب لا تزال متقدمة للغاية في أولويات الكثير من الدول بما يعكس خطورة المعطيات وجديتها حيال اقتراب احتمال اندلاع حرب عنيفة وشاملة بين إسرائيل و”حزب الله” صار التعامل معها على قاعدة “متى ستندلع؟” وليس “هل تندلع ؟”. ومع أنّ اللبنانيين منقسمون حول معادلة حتمية أو لاحتمية الحرب فإنّ الثابت في هذا السياق أنّ الأيام الأخيرة رفعت بقوة مستوى المخاوف من الحرب استناداً إلى كثافة لافتة في صدور تحذيرات دول عدة لرعاياها من التوجه إلى لبنان ودعوة الموجودين فيه إلى مغادرته بسرعة، كما أنّ العامل الميداني في جنوب لبنان سجّل تصعيداً ملحوظاً لا سيما لجهة تكثيف إسرائيل للغارات الجوية الحربية ولعمليات استهداف عناصر “حزب الله”.
يُضاف إلى ذلك تواتر التقارير عن استعدادات دول لإجلاء رعاياها من لبنان في حال نشوب الحرب.
وفي هذا السياق أكّد مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، أمس، أنّ “الوضع سيء على حدود لبنان ولسنا بعيدين عن حرب واسعة في لبنان” مشدّداً على أنّ “الحرب بين إسرائيل ولبنان قد تتوسع إقليميّاً” وقال: “نحن بحاجة للتجديد لليونيفيل قبل آب المقبل”.
نفى مسؤول أميركي ما تردّد في شأن “استعدادات إجلاء أميركية” في البحر المتوسط. وقال مسؤول أميركي لقناة “الحرة” إن “دخول السفينة الهجومية البرمائية (يو إس إس واسب) الى البحر المتوسط جزء من جهودنا للحفاظ على وجودنا العسكري في المنطقة من أجل تعزيز الاستقرار وردع العدوان”.
وأضاف أنّ هذه الخطوة “لا علاقة لها بخطة محتملة لإجلاء المدنيين الأميركيين في حال توسع الصراع بين إسرائيل و حزب الله”.
وقال: “لا نزال قلقين من التصعيد على الحدود بين إسرائيل ولبنان و نتخوف من خطوات غير محسوبة قد تفجر الوضع و تحوله إلى حرب واسعة النطاق”. وكانت شبكة “سي إن بي سي” نقلت عن مسؤولين دفاعيين أميركيين، قولهم إن وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” تعمل على نقل أصول عسكرية بالقرب من إسرائيل ولبنان لتكون جاهزة لإجلاء المواطنين الأميركيين وسط مخاوف من اشتداد القتال بين إسرائيل وحزب الله. وذكر المسؤولون إن المسؤولين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد من قيام إسرائيل بتنفيذ غارات جوية وهجوم بري محتمل في لبنان خلال الأسابيع المقبلة.
ونقلت قناة “إن بي سي” الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن المسؤولين الإسرائيليين مصممون على مهاجمة حزب الله في لبنان رغم ضغوط إدارة بايدن.واضافت ان “إسرائيل ترغب في إنشاء منطقة عازلة بطول 16 كلم على الحدود اللبنانية”. وقالت ان “إسرائيل تريد إبعاد حزب الله عن الحدود دبلوماسيا، وإن تعذر فالجيش مستعد لاستخدام القوة”.
في غضون ذلك انضم الأردن الى الدول التي حذرت وتحذر رعاياها من زيارة لبنان.
ودعت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية الأردنيين الى تجنّب السفر إلى لبنان في الوقت الراهن، وأكدت ما ورد في بيان سابق، بخصوص السفر إلى لبنان، استناداً إلى الاستعدادات وخطط الطوارئ التي أعلنت عنها الجهات الرسمية في لبنان في حينه. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة إن هذه التوصية تأتي من منطلق حرص الوزارة الشديد على سلامة المواطنين الأردنيين.
وأفيد أنّ وزير الخارجية عبد الله بو حبيب تابع موضوع بيانات التحذير من السفر إلى لبنان الصادرة عن بعض الدول نتيجة ما يتعرض له لبنان من تهديدات اسرائيلية متواصلة “داعياً إلى أن يستعاض عن تلك البيانات التي تزرع القلق بين المواطنين والزائرين بمواقف تضامن مع لبنان تعبّر عن الوقوف الى جانبه بوجه تلك الحملة الممنهجة من الضغط النفسي، والسعي الدؤوب من خلال تكثيف الجهود والضغوط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها العسكرية والحرص على أمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه”.
تأتي هذه التطورات فيما تتصاعد تدريجاً المواجهات الميدانية وفي جديد المواقف الإسرائيلية أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت أمس “أننا نعمل على تطوير خطط بديلة للتعامل مع الجبهة الشمالية مؤكّداً “أننا لا نسعى للحرب مع حزب الله لكن نستعد لها”.
وقال: “نقوم بتجهيز القوة العسكرية لأي تدخل في لبنان مع قيام الخيار الدبلوماسي وهو الأفضل دائماً”.
وتواصل القصف الإسرائيلي على البلدات والقرى الجنوبية حيث لوحظ أن تكثيف الغارات الإسرائيلية أدّى الي سقوط خمسة عناصر لـ”حزب الله” خلال اليومين السابقين.
وأمس استهدف القصف المدفعي الاسرائيلي حرج بلدة كفركلا، وأطراف بلدة الناقورة في القطاع الغربي.
ودمّرت غارة شنّها الطيران الحربي الاسرائيلي على بلدة كفركلا مبنى مؤلفاً من ثلاث طبقات وسوته بالأرض. وأفيد عن سقوط ثلاثة قتلى جراء الغارة بينهم فلسطينيان. كما شن الطيران الاسرائيلي غارة مستهدفاً منزلاً في بلدة شيحين قضاء صور.