على مساري التهديدات المتصاعدة، والمساعي الديبلوماسية المتسارعة، تجري الوقائع السياسية والعسكرية في لبنان، وعلى الجبهة الجنوبية بالتحديد. تبلغ الحرب النفسية والسياسية مداها الأبعد في ظل ارتفاع منسوب التهديدات، والتي يوازيها تسارع في وتيرة الحركة الديبلوماسية سعياً لمنع التصعيد. التهويل والحرب النفسيةكان لبنان ينتظر زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى الولايات المتحدة الأميركية، والتي بحث فيها وضع الجبهة مع حزب الله، بالإضافة إلى حصول إسرائيل على المزيد من الأسلحة. وإذ حققت إسرائيل تقدماً في هذا المجال إلا أن أسلحة أخرى لا تزال محجوبة عنها. وفق التسريبات الأميركية، فإن هذا الحجب مرده الخشية من استخدامها في توسيع الحرب ضد لبنان.
أكد غالانت بعد لقاءاته في واشنطن أن إسرائيل لا تريد توسيع الحرب. وهذا موقف ثابت أيضاً بالنسبة إلى الأميركيين. بينما على الجانب الإسرائيلي، لا تزال التسريبات تتزايد حول نقل جنود من غزة إلى الجبهة مع لبنان، وإجراء تدريبات ومناورات عسكرية تحاكي اجتياحاً برياً والقتال في تضاريس جبلية صعبة. لبنانياً، تُدرَج هذه الإجراءات والتدريبات في خانة التهويل والحرب النفسية حتى الآن، خصوصاً أن مصادر لبنانية متعددة رسمية وغير رسمية، مقربة من حزب الله، تكشف عن تلقي رسائل ديبلوماسية ودولية تفيد بأن المساعي نجحت في إقناع الإسرائيليين بمنع التصعيد وعدم توسيع الحرب.خطاب نتنياهوحالياً، هناك انتظار لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة الأميركية، وإلقاء خطابه في الكونغرس. وفي هذا السياق تتضارب وجهات النظر والتقديرات بشأن لبنان. إذ أن بعض المعلومات اللبنانية والديبلوماسية تشير إلى أن نتنياهو خلال زيارته سيعلن الانتصار غير المكتمل على حركة حماس في غزة، والإنتهاء من العمليات البرية في رفح، ولكن من دون إعلان وقف الحرب أو وقف إطلاق النار، بل الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، التي ستكون متركزة على عمليات موضعية ومتقطعة واستهدافات محددة.
هنا مكمن التضارب، فبعض المعطيات تفيد بأن نتنياهو سيحاول التحشيد السياسي الأميركي للحصول على ضوء أخضر أميركي للشروع في توسيع عملياته العسكرية ضد حزب الله، وسيبدأ بعمليات تصعيدية. أما في المقابل، فهناك معطيات أخرى تفيد بأنه مع وقف الحرب البرية في غزة، ستتسارع وتيرة المفاوضات السياسية والبحث عن حل ديبلوماسي وسياسي للوضع مع لبنان، للوصول إلى نتيجة.جواب حزب اللههذا الأمر بحث مع حزب الله من قبل جهات ديبلوماسية عديدة، وتحديداً بحال توقفت العمليات العسكرية الموسعة والبرية في غزة، فهل حزب الله سيكون مستعداً لوقف عملياته في الجنوب؟ لم يقدم الحزب جواباً رسمياً أو نهائياً. ولكن حسب المصادر القريبة منه، لا يزال الحزب عند موقفه بوصف جبهة لبنان "جبهة إسناد". وبالتالي، عندما تتصاعد وتيرة الاعتداءات على غزة فإن الحزب سيصعد من عملياته. أما عندما تتراجع العمليات في القطاع، فهو سيخفض مستوى عملياته.هوكشتاين ولودريانمن الواضح أنه منذ زيارة المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، الأخيرة إلى بيروت، حصل تراجع بشكل كبير في منسوب العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل. وهو بحث في كيفية الإستمرار بخفض التصعيد في حال طالت الحرب في غزة واستمرت معركة رفح لفترة طويلة. في هذا السياق أيضاً، تكشف مصادر متابعة أنه بعد لقاء هوكشتاين مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في واشنطن، أجرى المبعوث الأميركي اتصالاً برئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، وبحث معه في كيفية خفض التصعيد، وأنه شدد مع وزير الدفاع الإسرائيلي على وجوب عدم توسيع الصراع، وأن هناك إمكانية لإحتواء التصعيد ومنع تدهور الأوضاع، واستمرار البحث في المسار السياسي والديبلوماسي لإيجاد حلّ لواقع الجنوب.
لا بد أيضاً من انتظار زيارة آموس هوكشتاين إلى فرنسا الأسبوع المقبل، والتي سيلتقي خلالها بالمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، وسيتم التنسيق حول الوضع في الجنوب، وإمكانية التنسيق بورقة مشتركة فرنسية أميركية حول معالجة الوضع العسكري. كما أن لبنان سيكون على موعد مع العديد من الزيارات لمسؤولين أمنيين وديبلوماسيين.