2024- 06 - 30   |   بحث في الموقع  
logo "التفت على العزلة"... نفوذ ايران الإقليمي يتوسع! logo لبنانيون علقوا على الحدود السورية... والبيسري يطمئن! logo حنكش: نريد إثباتًا بأن مزارع شبعا لبنانية logo قرارُ الجامعة العربية بشأن حزب الله يطرح التساؤلات! logo "ليسوا مكسر عصا"... نقابة المحررين تدين التعرض لأسعد بشارة! logo "فوضى دستورية"... أيوب: سوف نتعرف على فرنسا جديدة logo "ترمب افترس بايدن"... عزيز: قدرة اميركا على الضغط محدودة logo "إسرائيل لا تمتلك قدرة الدخول في حرب مفتوحة مع لبنان"!
"سورية في أوراق تشرشل 1940 – 1945"
2024-06-28 15:25:44

صدر عن دار ريا الريس في بيروت كتاب "سورية في أوراق تشرشل 1940 – 1945" للكاتب السوري سامي مروان مبيض.وجاء في تقديم الكتاب: دُعي ونستون تشرشل لزيارة سورية ثلاث مرات: مرتان إلى العاصمة دمشق، ومرة إلى السفارة السورية في لندن. كانت المرة الأولى سنة 1945، يوم سمع رئيس الجمهورية شكري القوتلي أن رئيس وزراء بريطانيا العظمى ينوي التوجه إلى البحر الأسود لعقد مؤتمر في منتجع يالطا مع الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت، والزعيم السوفياتي جوزيف ستالين. عرض عليهم القوتلي عقد اجتماعهم في دمشق، مسوغاً مقترحه بأنهم اجتمعوا في مدن قريبة في الماضي القريب، منها القاهرة وطهران، وبذلك سيكون من المناسب استضافتهم في سورية[1]. وفي المرة الثانية، جاءت الدعوة بعد خروج تشرشل من الحكم، يوم جلاء القوات الفرنسية عن سورية في 17 نيسان 1946[2]. في المرة الأولى، لم يُكلِّف تشرشل نفسه حتى بالردّ على الدعوة، وفي المرة الثانية اعتذر برسالة شديدة اللهجة، قال فيها إنه لا يرى داعياً للاحتفال، ويُفضل لو احتفل السوريون بعيد الاستقلال الذي أُعطي لهم بفضل دعم حكومته سنة 1941. أما المرة الثالثة والأخيرة، فكانت يوم دعوته إلى مقرّ السفارة السورية في لندن في الذكرى الأولى للجلاء سنة 1947، وقد ردّ تشرشل حينها بالقول: "لا أعتقد أنّ من المناسب أن يتوافق العيد الوطني لسورية مع جلاء القوات الأجنبية، وبالنسبة إليّ شخصياً لا أريد أن أشارك في مثل هذا الاحتفال"[3].
هكذا كان السير ونستون تشرشل، متكبّراً... متعجرفاً... عنصرياً ولكنه في الوقت نفسه، زعيم تاريخي لبلاده، قادها في أحنك الظروف وغيّر من خلالها خريطة العالم كله، بما فيه طبعاً منطقة الشرق الأوسط. في القرن التاسع عشر، كانت المراسلات الدولية تصف منطقتنا العربية بالشرق - أو المشرق - قبل أن تأتي فرنسا بمصطلح "الشرق الأدنى" للتعبير عن الرقعة الجغرافية الواقعة تحت الحكم العثماني. أما عبارة "الشرق الأوسط" المتعارف عليها اليوم، فهي لم تولد إلّا سنة 1902، وجاءت على لسان المؤرّخ الأميركي ألفريد ثيار ماهان، لتقوم صحيفة "التايمز" البريطانية بالترويج لها إعلامياً، قبل أن يأتي تشرشل، يوم كان وزيراً للمستعمرات، ويجعلها رسمية في القاموس السياسي الدولي عندما أسّس قسماً خاصاً بالمنطقة العربية سُمّي "قسم الشرق الأوسط". انتُخب رئيساً للحكومة ما بين أيار 1940 وتموز 1945، وعاد إلى الحكم ما بين 1951-1955، وهي الولاية التي نال فيها جائزة نوبل للأدب، وقد حافظ على مقعده النيابي في لندن لغاية عام 1964، وتوفي في 24 كانون الثاني 1965. يختلف العرب في تقييمهم لتشرشل، بين من لا يغفر له دعمه المطلق للمشروع الصهيوني في فلسطين، ومن يعدّه رجل دولة من الطراز الرفيع، كانت له اليد العليا في تأسيس دولتي العراق والأردن، إضافة إلى دوره الكبير في تحرير سورية من الاحتلال الفرنسي. يأتي هذا الكتاب لتسليط الضوء على علاقة تشرشل بالدولة السورية في أثناء رئاسته الأولى، دون الدخول في ولايته الثانية، لأن الملف السوري يومها أصبح بعيداً عن اهتماماته، التي حُصرت بإيران والانقلاب على الدكتور محمد مصدّق وصعود نجم الرئيس جمال عبد الناصر في مصر. كانت سورية وقتها قد دخلت في دوامة الانقلابات العسكرية، وباتت عالقة في صراع دائم بين الأسرة الهاشمية الحاكمة في العراق والأردن، والحلف السعودي - المصري. وعلى الصعيد الدولي، كان الصراع على سورية قائماً بين الاتحاد السوفياتي من جهة والولايات المتحدة الأميركية، ولم يشأ تشرشل أن يكون طرفاً فيه. ولكنه سعى قبل خروجه من الحكم سنة 1945 أن يكون له موطئ قدم في سورية، وهو ما حققه لفترة وجيزة، ولكنه لم يفعل شيئاً للمحافظة عليه في تداعيات الحرب الباردة. فمثلما جاء هو لطرد فرنسا من سورية، جاءت أميركا لطرده من سورية، ابتداءً من انقلاب حسني الزعيم الشهير في 29 آذار 1949، ووصولاً إلى دورها في وقف العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956. ولكن انقلاب الزعيم وما تلاه من انقلابات تبقى جميعاً خارج سياق هذا الكتاب، المخصص لعلاقة تشرشل ببلد عربي لم يزره مرة في حياته، ولم يلتق من مواطنيه إلا شخصين فقط لا غير، هما رئيس الجمهورية شكري القوتلي ووزير سورية المفوّض في لندن نجيب الأرمنازي. تبادل تشرشل مع القوتلي تسع رسائل خطيّة، كانت الأولى في 19 آب 1943 والأخيرة في 16 نيسان 1946، وأفرد لسورية فصلاً كاملاً في الجزء الثالث من مذكراته[4].تدخّله في سورية كان على ثلاثة مستويات: سياسي واستخباراتي وعسكري، واقتحمت دباباته ومدرعاته العاصمة السورية مرتين، لتحريرها من قوات فيشي عام 1941، ومن قوات الجنرال شارل ديغول عام 1945. معظم الكتب والمذكرات تتحدث عن هذه الحقبة من خلال سرد عام لتاريخ سورية الحديث، دون الدخول في جزئية ونستون تشرشل وعلاقته بسورية وطبقتها السياسية الحاكمة في النصف الأول من الأربعينيات. عُدنا في هذا البحث إلى الأرشيف الوطني البريطاني ومراسلات تشرشل الحكومية، وإلى ما جاء على لسان أعوانه ومستشاريه، ومنهم السفير إدوارد سبيرز، رجل بريطانيا الأول في سورية يومئذ، الذي وضع مذكرات مهمة للغاية عن تجربته قبل وفاته سنة 1974، لم تترجم بعد إلى اللغة العربية. كذلك عدنا إلى المحاضر الأساسية لاجتماعه الوحيد مع الرئيس القوتلي سنة 1945، وإلى ما قاله القوتلي في مذكراته الصوتية التي لم تُنشر حتى اليوم. قال الرئيس السوري إنه كلما فاتح تشرشل بموضوع استقلال سورية ومستقبلها، طلب الأخير إليه التأجيل أو التروي بحجة عدم انتهاء المعارك في أوروبا. انزعج القوتلي من هذا التسويف، وقال لتشرشل: "دولة الرئيس، هل سمعتم بحجا؟تشرشل: كلا، من يكون؟القوتلي: جحا شخصية خيالية من التراث الشعبي العربي، كان رجلاً بسيطاً، ولكنه حكيم. سألوه ذات يوم: متى يكون يوم القيامة؟ فأجاب: أي قيامة تقصدون؟ قالوا له: هل يوجد أكثر من قيامة؟ فأجاب: نعم، هناك قيامة كبرى وقيامة صغرى. أما الصغرى فهي يوم يفنى العالم. سألوه: والكبرى؟ فقال: عندما أفنى أنا.تشرشل: لم أفهم قصدك يا فخامة الرئيس؟القوتلي: سورية هي القيامة الكبرى يا مستر تشرشل، وعليكم إنقاذها. إن فنيت سورية، يفنى معها العالم العربي كله"[5].___________________
[1] في إشارة إلى مؤتمر القاهرة ما بين 22-26 تشرين الثاني 1943، الذي جمع تشرشل وروزفلت مع الزعيم الصيني تشانغ شاي تشكيك، ومؤتمر طهران الذي جرى بحضور تشرشل وروزفلت وجوزيف ستالين ما بين 28 تشرين الثاني - 1 كانون الأول 1943. انظر أمين سعيد، سيرتي ومذكراتي السياسية، الجزء الأول (دمشق 2004)، 622.
[2] نجيب الأرمنازي، عشر سنوات من الدبلوماسية، الجزء الأول (دار الكتاب الجديد، بيروت 1963)، 84-85.
[3] سلمى مردم بك، أوراق جميل مردم بك (شركة المطبوعات، بيروت 1994)، 444.
[4] Winston Churchill. The Second World War, volume III (London: Cassel & Co 1952), 287-297.
[5] المذكرات الصوتية للرئيس شكري القوتلي، المحفوظة مع عائلته في لبنان.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top