2024- 06 - 30   |   بحث في الموقع  
logo غارة إسرائيلية على منزل في حولا logo طقس صيفيّ يؤثّر على لبنان.. وتيارات غربية رطبة! logo لمن يريد سلوك طريق المطار.. إليكم هذا الخبر logo مسؤول يؤكد: إسرائيل قادرة على كسر المعادلة بِأسلحة "يوم القيامة" logo قبل ساعات من الانتخابات... مخاوف من انقلاب المشهد السياسي الفرنسي! logo البدء بِنقل "المساعدات المتراكمة" على الرصيف العائم الى غزة! logo في فرنسا... سحب عبوات "كوكا كولا تشيري" بسبب الـ"بيسفينول أ"! logo "السياسيون في إسرائيل يعملون على تجنب حرب شاملة مع حزب الله"
اليوم العالميّ لمساندة ضحايا التعذيب: سجل لبنان المخزيّ جدًا
2024-06-28 00:25:45


في كل مرّة تُطرح فيها قضية التعذيب داخل السّجون أو العنف في انتزاع الاعترافات أصناء التحقيق، تخرج أصوات مُستهجنة، ناكرة أن السّلطات اللّبنانيّة تعتنق ثقافة عنيفة، لاقانونيّة، ولا إنسانيّة في تعاطيها مع الأشخاص الذين في نزاع مع القانون أو المُحقق معهم فضلًا عن المُحاكمين.. وتكتفي بمُقارنة حال هذه السلطات اللبنانية مع سائر الأنظمة القمعية، كالسّوريّ والإيرانيّ وغيرها. لكن وفي ظلّ سيطرة الشائع والشعبويّ على الواقع، يبدو اليوم مُلّحًا وبمناسبة اليوم العالميّ لمساندة ضحايا التعذيب -الذي خُصص نهار 26 حزيران من كل عام لاستذكار اليوم الذي دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسيّة أو اللاإنسانيّة أو المُهينة، (وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب)، حيز النفاذ في العام 1987 -الإشارة إلى العطب المستقرّ في جوهر الثقافة الأمنيّة والقضائيّة في لبنان، على متن تعاطيها مع هؤلاء. هذا العطب المُستقى من حقبات أمنيّة ولت، وأبقت خلفها روحيّة أقلّ ما يُمكن وصفها بالغوغائيّة، أي عقاب الأشخاص المشتبه بهم من دون اللّجوء للإجراءات القانونيَّة..
ولا نقول ذلك، انطلاقًا من أخلاقويّة وحقوقيةٍ مفرطة ااستدعيت للمناسبة هذه، بل فقط للإضاءة على هشاشة مفهوم العدالة والحقوق لدى هذه السّلطات، الّتي لطخت سمعتها بمئات جرائم التعذيب الوحشيّة، عاصيةً دستورها والمعاهدات والشرع الإنسانيّة، الّتي شارك لبنان نفسه في صياغتها.جرائم التعذيببدايةً، وكتعريفٍ أوليّ للتعذيب، فإنّه كل إجراء وفعل ينتج عنه ألم ممضٍ أو معاناة شديدة، سواء كانت جسديّة أو عقليّة، يتمّ ارتكابها عمدًا وبتحريضٍ من فرد يتصف بصفّة رسميّة، لانتزاع معلومة أو اعتراف. وتتدرج بين الجسديّ (منه الإيذاء المباشر، الحرق، الصعق، التقييد، الخنق، الضرب بآلات حادّة..) والنفسيّ (الترهيب والتهديد، منع ممارسة بديهيات العيش كالمأكل والمشرب والنوم والدخول إلى المرحاض، التحفيز الحسيّ المفرط، الحبس الانفرادي..) والجنسيّ (الإذلال، التحرش اللفظيّ والجسديّ، الاغتصاب..). والتعذيب يشمل إلى جانب العنف داخل أقبيّة السّجون، كل من الإبعاد القسريّ المُفتقر لأساسٍ عمليّ، والعنف في انتزاع الاعترافات.
وقد أقرّت الأمم المتحدة اتفاقيّة مناهضة التعذيب، وصادق عليها لبنان في العام 2000 إلى جانب بروتوكولها الاختياريّ (بروتوكول اسطنبول) في العام 2008، لكن المفارقة أنّ الاتفاقيّة الّتي تُلزم وفي المادة 19 منها، كل دولة طرف تقديم تقرير عن التدابير الّتي اتخذتها تنفيذًا لتعهداتها بمقتضى هذه الاتفاقيّة، وذلك في غضون سنة واحدة بعد بدء نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة للدولة الطرف المعنية (تلحقها تقارير تكميليّة كل أربعة سنوات)، لم يلتزم بها لبنان، على عادته، ولم يرفع حتّى عام 2016 أي تقرير للجنة مناهضة التعذيب (الّتي نشأت بموجب المادة 17، وتتألف من عشرة خبراء على مستوى أخلاقي عالٍ ومشهود لهم في الكفاءة في ميدان حقوق الإنسان). وعليه في عام 2016، رفعت المنظمات والخبراء والنشطاء الحقوقيين، مطلب وضع قانونيّ واضح وصريح لتجريم التعذيب.
وبالفعل، وفي 19 أيلول 2017، أصدر مجلس النواب القانون رقم 65/2017 الذي يجرم التعذيب ولكنه بالمقابل وحسب ما اعتبرت منظمة Human Rights Watch لا يفي بالتزامات لبنان بموجب اتفاقية الأمم المتحدة. فعلى الرغم من مرور حوالى ست سنوات على إقراره، إلا أن السّلطات لم تنفذه بالكامل بعد. في تموز 2019، عينت الحكومة الأعضاء الخمسة في اللجنة الوطنيّة للوقاية من التعذيب، والّتي تمّ إنشاؤها بموجب البروتوكول الاختياري. إلا أن السّلطات لم تعتمد بعد المراسيم التنفيذية اللازمة لبدء عملها، والّتي تشمل القيام بزيارات منتظمة ومفاجئة لجميع مراكز الاحتجاز ورصد شكاوى التعذيب.
كما وأن الاتفاقيّة الّتي حدّدت أصول التحقيق والتوقيف وحقّ كل من يتمّ توقيفه بالاستفادة من المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائيّة في التحقيقات الأوليّة -المُعدلة عام 2020 بموجب القانون رقم 191 الرامي إلى تعزيز الضمانات الأساسيّة وتفعيل حقوق الدفاع- والّتي تُحظر إحتجاز المشتبه فيه في النظارات إلا بقرارٍ من النيابة العامة وضمن مدّة لا تزيد على ثماني وأربعين ساعة. يمكن تمديدها مدة مماثلة فقط بناءً على موافقة النيابة العامة. وتحسب فترة احتجازه من مدة توقيفه. فضلًا عن تلاوة حقوق المشتبه فيه، كالحقّ في التزام الصمت، والاتصال بمحامٍ يختاره وبأحد أفراد عائلته أو بصاحب العمل أو بأحد معارفه، كما والاستعانة بمحامٍ لحضور استجوابه أو الاستماع إلى أقواله ومقابلته. وتنتهك هذه المادة بصورة يوميّة، ولا تُستعمل إلا لمامًا وفي الحالات البسيطة والجنح العادية.انتهاك دائم للقانونمن جهته، يُشير مدير مركز "سيدار" للدراسات القانونيّة، المحامي محمد صبلوح، إلا أن الانتهاكات للقوانين والمفاهيم، الّتي أشرنا إليها وشرحناها آنفًا، "لا تُعد ولا تحصى"، أكان لجهة اعتماد العنف في انتزاع الاعترافات أكان لدى مخابرات الجيش وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخليّ وصولًا إلى فرع معلومات الأمن العام.. والقضايا الّتي أضاءت عليها "المدن" سابقًا هي خير مثال على ذلك (راجع "المدن")، ذلك فضلًا عن استمرار الابعاد القسريّ المُفتقد لأساسٍ عمليّ للاجئين والعمّال الأجانب، والإهمال المستمر لأحكام المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائيّة. وطرح صبلوح، مثالًا لقضية توافرت فيها كل هذه الانتهاكات، وقعت في الأسبوع الماضي، وهي قضية ثلاثة قاصرين تمّ تعنيفهم وحرمانهم من حقوقهم الّتي يكرسها القانون.
وقال صبلوح: "الأسبوع الفائت، كان لدي جلسة عند قاضي التحقيق العسكريّ فادي صوّان، لموضوع شباب تمّ توقيفهم، ومن بينهم قاصرون. دخلت عند القاضي وقلت له، يجب أن تتوقف الجلسة فهؤلاء قاصرون، وأثبت له ذلك من خلال إبراز إخراج قيد أحدهم، ليتبين لاحقًا أنّ هناك ثلاثة قاصرين، تمّ التحقيق معهم في وزارة الدفاع على أساس أنهم راشدون. وتعرضوا لكافة ضروب التعذيب والعنف لدى انتزاع المعلومات". ويُضيف المحامي: "لدى سؤالي لهم إذا تمّ تطبيق المادة 47، قالوا لي، نعم جرى تطبيقها بعد 15 يوماً من الضرب والتعذيب والإهانة، وبعد انهيارنا، وقعنا على المحضر". وأكدّ المحامي أن هذه الرواية مثبتة في تاريخ المحضر وداتا الاتصالات.أساليب تعذيب جديدة وقوائم المنعولفت صبلوح لكون السّلطات الأمنيّة، تعتمد أساليب جديدة في التعذيب، للالتفاف والمناورة على أحكام القانون رقم 65/2017، حيث أنّها باتت تعتمد أساليب للتعنيف لا يُمكن للطبيب الشرعيّ تحديدها، بل فقط يُمكن للطبيب النفسيّ معاينتها، الأخير الذي لا تعترف به السّلطات اللّبنانيّة كمرجعٍ لإثبات وقوع ضرّر. ضاربةً بعرض الحائط أحكام اتفاقيّة مناهضة التعذيب، الّتي أعطت كل من الطبيب النفسيّ والشرعيّ القوّة الثبوتيّة نفسها. واستطرد بالقول: "في قضية الشبان الثلاثة، علمت أنّ هؤلاء تعرضوا لأسلوب جديد من التعذيب، حيث تمّ تكبيلهم ورفع يديهم وفتح قدميهم على امتدادهما وهم واقفون لمدّة 30 ساعة، من دون السّماح لهم بدخول المرحاض أو تناول الطعام أو شرب الماء، ولدى انهيارهم جسديًّا، سلّم هؤلاء للأمر الواقع، ووقعوا المحضر، ومن ثمّ سُمح لهم بالاتصال بذويهم".
وإلى ذلك، ابتدعت بعض الأجهزة أساليب جديدة للتحايل على المادة 47، وفق صبلوح، حيث درج مصطلح "قوائم المنع" لدى الأمن العام، الّتي لا يُسمح بموجبها التصريح عن الموقوفين ناهيك بزيارة المحامي لهم. أما المفارقة السّورياليّة، فإن هذه القوائم لا تحوي فقط موقوفين من جنسيات أخرى ولاجئين، بل أيضًا لبنانيين، وهذا يخرج عن صلاحيات الأمن العام اللّبنانيّ.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top