2024- 09 - 29   |   بحث في الموقع  
logo كيف حدّدت إسرائيل موقع الشهيد السيد نصر الله؟ logo بالفيديو: غارة عنيفة على الشويفات logo اغتيال نصرالله يفتح الباب لتوغل إسرائيلي في لبنان.. خطة نتنياهو تتسارع logo بايدن: حان الوقت لوقف إطلاق النار في لبنان logo حسن نصرالله... قائد المقاومة لثلاثة عقود logo تنياهو ينفذ "ضربته الأقوى"... نظام إقليمي جديد عنوانه إسرائيل logo تاريخ حزب الله وأمنائه العامين: من التأسيس إلى اغتيال نصرالله logo خطة نتنياهو المعقدة: كيف تم الإيقاع بنصرالله في عملية سرية!
كهرباء مصر...التيار في عكس الاتجاه
2024-06-26 12:06:27

تضرب أزمة الكهرباء، المدن المصرية الكبرى في موسمها الصيفي المكرر، وفي توقيت حرج يتوافق مع استعداد ملايين من طلاب الثانوية العامة لامتحاناتهم النهائية. أما المدن الأصغر والريف والمناطق النائية، فإن انقطاعات الكهرباء فيها أضحت أمراً روتينياً، قبل حلول فصل الصيف، وربما على مدار العام. بين ثلاث ساعات إلى 16 ساعة من انقطاعات الكهرباء اليومية، ترتسم خريطة من عدم المساواة بطول الجمهورية وعرضها، ويزداد عدم عدالتها كلما اتجهنا جنوباً نحو صعيد البلاد، وتتفاوت حصصها داخل المدينة الواحدة وأحياناً داخل الحي الواحد، بحسب معادلات معقدة من عوامل الطبقية وعلاقات النفوذ وكذلك مدخلات العشوائية المحضة. جداول تخفيف الأحمال سرعان ما فقدت مصداقيتها، فلم تعد الكهرباء تنقطع في الساعات المحددة، بل تأتي الضربة في أي وقت، وبلا أدنى قدرة على التوقع أو التحوط المسبق. خليط من الخوف والشعور بالعجز، يخيم على ركاب المصاعد الوارد تعطلها فجأة، وعلى المارين في ساعات متأخرة من الليل في الشوارع حالكة الظلمة. يتضافر هذا كله مع تبعات التغير المناخي، فمع ارتفاع درجات الحرارة، تدخل منظومة الكهرباء في دائرة مغلقة ذاتية التغذية، وكلما زادت الحاجة إلى الكهرباء للتعامل مع شدة الحرارة، كلما زادت انقطاعات الكهرباء وطالت فتراتها.بعد الثلاثين من يونيو، استثمرت الحكومات المتعاقبة بشكل كثيف في البنية التحتية لقطاع الطاقة، وكانت مشكلات الكهرباء والوقود بين العناوين الرئيسية لتصاعد الغضب الشعبي في الفترة القصيرة لحكم الرئيس محمد مرسي. ولاحقاً، كان الوعد بحل معضلة قطاع الطاقة بشكل نهائي أحد مسوغات شرعية نظام الثلاثين من يونيو، وهو ما وَفَى به بالفعل في خلال أعوام قليلة. لكن الثمن المدفوع لرفع سعة منظومة إنتاج الكهرباء وتوزيعها كان فادحاً، فالبذخ في إنشاءات محطات كهرباء جديد- لم تكن كلها ضرورية- تم سداده بقروض هائلة أضافت إلى حساب الديون المثقل بالأساس، وبالتوازي كان تنفيذ اشتراطات المؤسسات المالية الدولية بخصوص رفع الدعم نهائياً عن الطاقة انتهى بمحاسبة المواطنين بالأسعار العالمية في مقابل خدمة تفتقد إلى الانتظام أو غير متوافرة بالكامل في بعض الأحيان.
في حقبة الاستقلال، صارت شبكة الكهرباء قاعدة تأسيس الدولة الحديثة في دول الجنوب، فهي الجواب على حلم التصنيع واللحاق بالعالم الأول، وهي أيضاً الأساس لخلق أمة واحدة توزع الشبكة القومية على أفرادها رفاهية الانتفاع بمنجزات الحداثة بالتساوي. ثمة شيء مركزي وشامل في ما يخص الكهرباء، كما بث التلفزيون الحكومي الموحد الذي لم يكن ممكناً من دونها. في مصر تحديداً، كانت قصة الكهرباء أكثر دراماتيكية، فسلسلة من الأحداث بدأت بالرغبة في بناء السد العالي لتوليد الكهرباء، وتبعها تأميم قناة السويس كردّ فعل على امتناع المؤسسات الدولية عن تمويل السد، ومن ثم العدوان الثلاثي، وانتهت بوضع نهاية لعالم الاستعمار القديم، وصعود نظام العالم ثنائي القطب على خلفية أزمة السويس.في الأيام القليلة الماضية، أعلنت المساجد والكنائس والجمعيات الخيرية فتح قاعاتها المضاءة بالمولدات الكهربائية أمام الطلاب لمذاكرة دروسهم، المواطنون اليائسون من الدولة يرتكسون إلى دوائرهم الأهلية والتحت-وطنية وإلى طوائفهم الدينية بحثاً عن حلول يومية لمعضلة العيش المستمرة، في ظل سلطة مهووسة ببناء مدن أشباح أسمنتية في الصحراء. يخرج رئيس الحكومة لينسب الأزمة الطارئة إلى تعطل أحد حقول الغاز في إحدى دول الجوار، والذي يضخ بصورة كبيرة داخل الشبكة الإقليمية. الدولة الجارة المشار إليها هنا هي إسرائيل، وبغض النظر عن صحة ادعاء رئيس الحكومة من عدمه، فالواقع هو أن شبكة الكهرباء في مصر أضحت تعتمد بالفعل على توريدات الغاز الإسرائيلية.على خلفية الأزمة الأخيرة، تبدو قصة الكهرباء في مصر سائرة في عكس الاتجاه، ماحية كل ما تم إنجازه في الماضي، من التأميم إلى الخصخصة، ومن بناء الأمة ودولتها الحديثة إلى تفتيتها، ومن حروب الاستقلال إلى وضع مفاتيح شبكات الطاقة في يد إحدى دول الجوار.



المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top