2024- 06 - 29   |   بحث في الموقع  
logo السعودية تدين قرار توسيع الاستعمار في الضفة الغربية logo إيران تتوعد: المقاومة سترد على أي اعتداء عليها في المنطقة! logo "حارس بكركي" يدخل على خطّ "التبريد"… ويكشف رفض الراعي لطلب "غربي" رفيع المستوى! logo مسيرة تستهدف سيارة في خربة سلم logo “حزب الله” يستهدف دبابة ميركافا وآلية نميرا logo الجميّل: الحل بالصمود في وجه من يحاول تغيير هوية لبنان ويضعنا في محور مع إيران logo السيسي وفون دير لاين: حل الدولتين السبيل الأمثل لضمان الاستقرار المستدام في المنطقة logo بالفيديو: 7 خطوات لاستعادة الودائع... هل يستحيل اتخاذها؟
"رسائل وقصائد بين سركون بولص ووديع سعادة"
2024-06-25 12:36:28

يصدر قريباً كتاب "رسائل وقصائد بين سركون بولص ووديع سعادة" أعدّه وقدّم له سليمان بختي... هنا مقدمة الكتاب:
هذا الكتاب "رسالتان وقصائد بين سركون بولص ووديع سعادة" هو قطعة من حياة ربطت بين شاعرين جمعَهتما القصيدة وبيروت والمنفى والغربة الصداقة. وهو لربما آخر ما تصفّى من أدب المراسلات بين الشعراء والأدباء.
هما من أركان الجيل التالي لمرحلة ما بعد رواد مجلة "شعر" الذين غيّروا وجه الشعر العربي الحديث وأسّسوا قصيدة النثر. لكن سركون بولص ووديع سعادة هما أيضاً من الجيل الذي رسّخ قصيدة النثر في الشعر العربي الحديث. ومن خلال رسائل سركون بولص (1944-2007) إلى وديع أو من خلال الكلمات والقصائد التي كتبها وديع سعادة مهداة إليه أو في وداعه ورثائه حيث نلمس مبلغ عمق الصداقة والهم الواحد والمعنى الموحّد والنظرة المشتركة بينهما إلى الوجود والحياة والشعر. تعكس الرسائل روح الزمن الجميل والثقة والبوح والتعاون. هناك النبرة العالية في ما يخطّه سركون إلى وديع وتلك الشفافية الجارحة كمَن يروي لنفسه أو كمَن يقف أمام المرآة ويصرخ أو يفكّر بصوت عالٍ. يكتب إلى وديع: "لا تكن مثقفاً يجمع أقنعة ويقرأ المشهورين" أو "... لا تكن حتى أنت". يريد الأصل ويروم الوجه الحقيقي للقامات والرموز والأشياء. ويشدّد أن يكون المرء مع نفسه، أن يكون حرّاً. وفي ذروة البوح للصديق البعيد القريب، يقول: "ولأننا كلّ وكلّ واحد، من قبل. اعتقد انك ستفهمني يا وديع لأنني اعرف أن لك عقلية نظيفة، وأن دماغك لم يغسل بعد بالرايات الثقافية الشائعة هناك الآن". هذا العصب من التمرد على الذات والآخر والحياة تكشفه الرسائل، التمرد الثوري الصادق لأجل هوية وثقافة وأصالة. وثمة في الرسائل مشاريع ومواعيد كثيرة تتبدّد أو تضيع. فهو يذكر في رسالته الأولى عن رواية يشتغل عليها اسمها "صحراء العالم". هذه الرواية التي يذكرها في رسالته إلى وديع لم تظهر في أوراقه ولم يعرف شيء عن مصيرها. وهناك أيضاً مجموعة من القصص. ويذكر أيضاً أنه يعمل منذ سنتين على انجاز دراسة في الرواية الحديثة ويذكر كذلك وعناوين: هيرمان هيسه "العين الثالثة"، سيراز بافيز، "الجدار الخامس للسجن"، لوكليزيو، "هالة حول العالم/ الرواية الكوسمولوجية". بيكيت: "جلود العزلة السبعة"، كورتازار: "تركيب المتاهة"، وغيرها. وفي مكان آخر من الرسالة يحثّ صديقه وديع على تحريض جان دمو للكتابة إليه. ويضيف: "إن ما بيني وبين جان نادر وخالد". ويخبره أيضاً انه بصدد تحضير مواد ورسائل للنشر لدى يوسف الخال. وانه أيضاً بصدد تحضير رسالة طويلة عن السياسة والفكر في أميركا لتنشر في مجلة "مواقف" لأدونيس. وربما يرسل إلى أدونيس كتاباً والمال اللازم للنشر.
ويذكر أيضاً أن لديه مجموعة شعرية بالانكليزية وقصة اسمها "الصحراء". ويسأل المرء: "أين أصبحت كل هذه المشاريع والأوراق؟ وأين مكانها؟" لا يهدأ سركون بولص عن الحلم ولا يستكين. وكأنه بهذا التوتر الذي يسكن فيه لا يرى إليه منفذاً أو مخرجاً إلا عن طريق الكتابة أو الشعر. أو انه يحلم بالكتب لتزجية الوقت الصعب أو تدجينه وتحدّي الزمن ومبارزة الحياة بالكتابة.
في الرسالة الثانية المؤرخة في 16/5/1971 يقول سركون لوديع: "أنا اكتب الآن لرجل أنذروه في الساعة الأخيرة"، في حمى الارتعاد والفرح الغامض: قصائد، قصائد". يبحث ويسعى ويسهر لأجل "قصيدة تجعلني اسحق يومي".
يريد من القصيدة أن تردم هوة التاريخ بينه وبين العالم. أن يشارك بها في ما سمّاه "معجزة العالم". يكتب باتجاهات مختلفة وكأن روحاً متشظية تنشد المستحيل عن "حالة الشعر الحالة الوحيدة الحقيقية". أو يكتشف فجأةً أن العالم مفتاح وكنا نعتقد انه قفل". يفتقد الأصدقاء، يدافع بهم عن عزلته ويطلب من وديع أن ينقل لهم تحياته وسلاماته وكلماته. يذكرهم ويتذكّرهم: "إلى أدونيس وجاد الحاج ورياض فاخوري وجان دمو والأب يوسف وخليل الخوري ودلال ونهى. هؤلاء بالنسبة له "الأصدقاء البعيدون وليسوا أشباحاً أبداً". والفرق شاسع بين القريب والبعيد وبين الأصدقاء والأشباح.
على هذا النحو وكأن الرسائل هنا استمرار للحياة أو ضفة ثانية لها أو شكلاً يولد من كل كلمة من كل عبارة من كل فقرة. ولكن السؤال: أين ردود وديع سعادة على الرسالتين؟ يقول وديع سعادة أن رسائله إليه موجودة بحوزة سركون بولص أو عند الأصدقاء الذين تولوا أرشيفه. وبالتالي السؤال: هل تظهر كل هذه الرسائل والقصائد وتكتمل صورتها؟
أخيراً، توثق هذه الرسائل لمرحلة أثيرة من حياة شاعرين سركون بولص ووديع سعادة كابدا الغربة والعذاب وكتبا القصائد وكأنها خط الدفاع الأخير عن الشعر واللغة والحياة والأحلام والصداقة. كما توثق لمرحلة من مراحل حركة الشعر العربي في زمن المنفى والاقتلاع.
هذا الكتاب هو ضفة متصلة ومنفصلة في فضاء العراق ولبنان وأميركا وأوروبا وأستراليا. وها هي الرسائل تعيدنا، من جديد، إلى خفق الأجنحة التي فقدناها، إلى زمن أدب الترسل حيث كانت الكلمة فيه تقتبس في الوجدان والورق والكتاب وتضيء وتتوهج أكثر بكثير من الضوء الناحل على شاشة الأثير ويباس الأزمنة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top