2024- 06 - 27   |   بحث في الموقع  
logo المخدرات الاصطناعية.. “التهديد الأخطر” logo رفض "الواقعية" يجهض مبادرة الفاتيكان: الصراع الداخلي والحدودي يتأجج logo ما جديد غارة النبطية؟ logo إرتفاع حصيلة العدوان الجوي في النبطية logo بعد غارة النبطية.. إعلان مهم من وزير التربية عن الإمتحانات الرسمية logo ربّطوه على آلية إسرائيلية... جريحٌ فلسطيني يروي! (فيديو) logo "لم تُقاوم على الفور"... قضية اعتداء جنسي تثير الجدل! logo ارتفاع حصيلة ضحايا غزة... واسرائيل مسيطرة على محور صلاح!
دعوا الهدهد يعيش بسلام
2024-06-19 12:55:26

في العام 2008 اختارت إسرائيل، عبر استفتاء شعبي، الهدهد طائراً قومياً لها، متقدماً على البلبل والحسون الفلسطيني، وذلك من بين عشرة أنواع من الطيور. بعدما شارك أكثر من 155 ألف إسرائيلي في الاستفتاء، الذي أجرته "مؤسسة حماية الطبيعة" في اسرائيل للفت النظر الى ضرورة حماية الطيور. وأثار الاستفتاء سجالاً، ذلك أن الصقر اعتُبر "عنيفاً جداً"، كما أن اعتبار الحسون الفلسطيني رمزاً لإسرائيل، بدا "غير مستحب". غير أن العهد القديم يعتبر الهدهد طيراً غير نظيف ويُحظر تناوله على اليهود، حتى في الموروث العربي يقال "أنتن من هُدْهُد". أمس دخلت في أجواء الحرب مُسيّرة جديدة اسمها "الهدهد" تابعة لحزب الله، قيل إنها صوّرت مناطق استراتجية حساسة تابعة لإسرائيل. في الاختيار البيئي الإسرائيلي الذي يُعد محض توراتي، يضع الهدهد بالنسبة إلى الآخرين في فوهة الإيديولوجيا، والتهويد.. وفي الاختيار الحربي الحزب الإلهي بُعدٌ قرآني ديني أيضاً. وهذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها حزب الله الى اطلاق التسميات الدينية القرآنية على أدواته الحربية وصواريخه. من قبل، تسابقت البلدان العربية القومية والبعثية على اختيار النسر كرمز للسمو والقوة، تلك الدول كانت تبحث عن الأعالي وفي الواقع كانت تسكن في القعر... أما "حزب الله"، فيطلق موجة جديدة من التسميات. لكن، عدا البُعد القرآني وربما الأسطوري، لا ندري تحديداً لماذا اختار حزب الله الهدهد. من خلال التأويلات الكثيرة لقصة الهدهد، في اللاوعي، ربما يكون السبب هو البُعد الصوفي-الميتافزيقي للتسمية ممزوجاً بالبُعد الحربي، وسط حرب متشعبة يحضر فيها البعد الديني بقوة.في الحضارة المصرية القديمة، الهدهد هو رمز البصيرة، وكان العرب يضربون المثل بقوة إبصار الهدهد فيقولون: أبصر من هدهد، ونسب العرب تاج الهدهد إلى أسطورة تتحدث عن فضيلة برِّه بوالديه. إذ يروون أن هدهدًا جاب الأرض بعد وفاة والديه، وهو يحملهما بحثًا عن قبر لهما. ولمَّا لم تطاوعه نفسه أن يدفنهما في أي مكان، قرَّر دفنهما في وهدة خلف رأسه. واعتقد العرب أن تاج الهدهد مكافأة ربانية على صنيع بِرِّه، وتعويضًا عن وهدة القبر، ذاهبين إلى القول بأن رائحته النتنة تعود إلى حمله للجيفتين.وفي الفولكلور الفارسي القديم، أسطورة تحاول تفسير التاج على رأس الهدهد، وتقول إن الهدهد في حقيقة الأمر عروس، وجدها والد زوجها تُسرِّح شعرها أمام المرآة ذات صباح فخجلت كثيرًا، وهربت بمشط التسريحة الذي ظل لصيقًا بقمة رأسها إلى الأبد. اسم الهدهد بالفارسية، "شانه به سر"، ويعني الرأس المكلل. في الموروث الثقافي العربي، قال الجاحظ: "زعموا أنه هو الذي كان يدل سليمان على مواضع الماء في قعر الأرض". وورد في القرآن أن الهُدهد كان رسولاً ومبعوثًا من النبي سليمان إلى بلقيس ملكة سبأ. ويُشار إليه بأنه من الطيور الحكيمة في المرويات الإسلامية. والحال إن مسيّرة "حزب الله" الإيرانية، بحسب "الإعلام الحربي"، صوّرت المواقع الحساسة، ميناء حيفا ومواقع عسكرية، وعادت بسلام من دون أن ترصدها المضادات الإسرائيلية. مسيّرة الهدهد، إحدى الاشارات لقرع طبول الحرب الشاملة التي تتخطى حرب "قواعد الاشتباك". وينقل الشاعر أنسي الحاج في نص بديع أن أبا حنيفة اعتبر أن الهدهد (والهُداهد) هو الكثير الهدير من الحمام. وهدهدت المرأة ابنها أي حرّكته لينام. وفي الحديث عن النبي محمد أنه قال: "جاء شيطان فحمل بلالاً فجعل يُهدهده كما يُهَدْهَدُ الصبيّ"، وذلك حين نام عن إيقاظه القومَ للصلاة. وعند الفيروز أبادي أن الهدهد هو كلّ ما يقرقر من الطير. يقول السهروردي في القرن الثاني عشر: "وفي ليلةٍ قَمَرُها بدر، رأينا الهدهد يُطلّ من النافذة ويلقي علينا التحيّة. كان يحمل في منقاره رسالة مخطوطة، موجَّهة من الجهة اليمنى للسهل المبارك، من عمق عوسجة. قال لنا الهدهد: عرفت كيف السبيل لإنقاذكم، وإنّي حاملٌ إليكم من مملكة سبأ الخبر اليقين". وفي القرن الثالث عشر الميلادي، يسند فريد الدين العطّار في "منطق الطير"، إحدى روائعه، دوراً أعمق وأعظم إلى الهدهد، إذ يجعله بطل قصّته، قصّة رحلة يقوم بها ثلاثون طائراً بحثاً عن العصفور السحري، السيمورغ (بالفارسيّة)، ويقود القافلة كلّها طائر الهدهد. نجد هذا الطائر الذي اطلقوا عليه تسمية "ديك الصيف" في أوروبا، رمزاً للحرية والأمل. وعند الشاعر محمود درويش، نقرأ:
"لم نقترب من أرض نجمتنا البعيدة بعد.
تأخذنا القصيدة
من خُرم إبرتنا لنغزل للفضاء عباءة الأفق الجديدة.
أسرى، ولو قفزت سنابلُنا عن الأسوار وانبثق السنونو
من قيدنا المكسور، أسرى ما نحبُّ وما نريد وما نكون
لكن فينا هدهداً يملي على زيتونة المنفى بريده"حتى في أميركا، اقترن الروائي الأميركي جون أبدايك، بالهدهد، في مؤلفه الذي يحمل عنوان "أمنية للهدهد"، وهو عبارة عن مجموعة شعرية نشرها العام 1959، ويشير فيها إلى طائر الهدهد في إحدى قصائده لرمزيته في الثقافة الإغريقية. اعتقد الإغريق أن الهدهد قادر على فتح الأماكن المغلقة، كما تطلَّع إليه بعض أدبائهم على أنه عقاب، كما هو الحال عند الكاتب أريسطوفانِس، في مسرحيته الساخرة الطيور (414 ق.م)، حيث يُعاقَب تيريوس ملك تراقيا، بمسخه إلى هدهد بسبب اعتدائه على شقيقة زوجته. ولربما وجد هذا الأديب في الهدهد خير مسخ يمكن أن ينقلب إليه ملك، بسبب التاج الذي يعلو رأس الاثنين.وبعد تكريس اسرائيل الهدهد، كطائر قومي، وإطلاق مسيرة "حزب الله"، ربما علينا أن نقول: دعوا الهدهد يعيش بسلام.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top