2024- 06 - 27   |   بحث في الموقع  
logo المخدرات الاصطناعية.. “التهديد الأخطر” logo رفض "الواقعية" يجهض مبادرة الفاتيكان: الصراع الداخلي والحدودي يتأجج logo ما جديد غارة النبطية؟ logo إرتفاع حصيلة العدوان الجوي في النبطية logo بعد غارة النبطية.. إعلان مهم من وزير التربية عن الإمتحانات الرسمية logo ربّطوه على آلية إسرائيلية... جريحٌ فلسطيني يروي! (فيديو) logo "لم تُقاوم على الفور"... قضية اعتداء جنسي تثير الجدل! logo ارتفاع حصيلة ضحايا غزة... واسرائيل مسيطرة على محور صلاح!
"الوهم" لآليتشي رورفاكر.. عن المقدّس والحقيقي وسحر العالم
2024-06-19 12:55:25

يُقال: دع الماضي وشأنه. لكن هذا بالضبط ما لا يريده الإنكليزي المقيم في إيطاليا "آرثر" (جوش أوكونور). يفضّل أن يسرق منه. في الحياة اليومية، في توسكانا في الثمانينيات، نقَّب عن كنوزٍ إتروسكانية قيّمة مع عصابة من لصوص القبور الخشنين ولكن المبتهجين، وفي أحلامه النابضة بالحياة يستعيد الوقت مع حبّه الضائع بنيامينا. لكن طالما أن آرثر - حرفياً - ينقّب في ألياف الماضي، فلن يحقّق أي تقدم. ما الظلال الواجب عليه إيقاظها لمواصلة رؤية حبيبته المتوفاة، ومَن الأشخاص الحقيقيون الذين يتجاهلهم؟ الحياة والموت، آنذاك والآن، متواضعان وشاملان، واقعيان جداً ومليئان بالخيال. "الوهم"، حكاية خيالية جديدة للبالغين، يستحيل تلخيصها، وهي من تأليف وإخراج الإيطالية آليتشي رورفاكر. لا يتواجد كل شيء قبل أو بعد بعضه البعض، بل إنه موجود وحسب في الوقت نفسه. قماشٌ أحمر لثوبٍ نسائي رقيق يشقّ طريقه عبر الأرض، فيما تنتقل أشباح تاريخ السينما الإيطالية إلى السياسة الإيطالية اليوم. تماماً كما يجد آرثر نفسه في مطهرٍ دائم بين الخسارة والفداء، تتوازن رورفاكر على أرض وسطى سحرية يعرف المتفرّج المخلص لأعمالها الآن أنها تخصّها وحدها. قد لا تكون هذه الطريق سهلة دائماً، وبالتأكيد ليست مفهومة دائماً، لكنها غالباً ما تبدو صحيحة. الفيلم غير مفهوم تماماً؟ دعه يتنفّس. هل تريد أعمق؟ دعه يتنفّس. لأن كل هذا الخدش قد يزيل الألق. أحياناً، في السينما كما في الحياة، بعض الأشياء من الأفضل أن تبقى غير مفهومة.بعد عرضه العالمي الأول في مدينة كانّ، العام الماضي، وصفت إحدى المجلات السينمائية "الوهم" بأنه أفضل فيلم "إنديانا جونز" لهذا العام. للتذكير، في الدورة ذاتها من المهرجان العريق، عُرض الفيلم الخامس من السلسلة الأميركية الشهيرة، "إنديانا جونز ونداء القدر"، وجاء أقل بكثير من التوقعات. لكن قصّة الباحث عن الكنوز الأثرية في فيلم الإيطالية ذات الأصول الألمانية، أعمق وأغنى وأكثر انفتاحاً على التأويل.وُلدت رورفاكر (1981) لعائلة مزارعة وأخذت لقبها الألماني من والدها، الذي ظهر كمربّي نحل في فيلمها الروائي الطويل "العجائب" (2014)، وفيه روت المخرجة وكاتبة السيناريو قصة عائلتها والسحر الذي أحدثته الحياة الريفية وفن السينما (مونيكا بيلوتشي كإلهة تلفزيونية وافدة) على ذاتها الصغيرة. فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان "كانّ" وأدخلها أوليمبوس السينما الفنية من الباب الكبير. في فيلمها الأخير، الفائزة بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان "كانّ"، يلعب البريطاني جوش أوكونور، دور سارق القبور "آرثر" (أو آرتور كما يناديه رفاقه الإيطاليين)، الذي يجوب وسط إيطاليا في الثمانينيات.تقول رورفاكر في حديثها لـ"المدن": "أتيتُ من منطقة تكثر فيها الأساطير حول لصوص القبور، التومبارولي Tombaroli. لكن عندما قررت إنجاز فيلم عنهم، لم أهتم كثيراً باللصوص أنفسهم، بقدر اهتمامي بالتغيير الذي يجسّدونه. حالياً، يفكّر الناس في اللقى الأثرية باعتبارها شيئاً يمكن بيعه فحسب، وليس كشيء يحمل قصّة، شيء مقدَّس".
وهكذا، فـ"الوهم" يدور أيضاً حول الاستغلال والربح. كما في فيلمها السابق "لازارو السعيد"، يُظهر امرأة نبيلة عجوز ومفلسة تعرف كيف تجعل الناس يعملون لديها بلا أجر. فلورا (إيزابيلا روسيليني) تملك مكاناً ليّناً في قلبها لآرثر، المُخيِّم خارج قلعتها المعرّضة لخطر الانهيار، والذي كان خطيب ابنتها المتوفاة بنيامينا. ما زال آرثر يعاني آثار هذه الخسارة، تلاحقه ذكريات حبيبته وتنظم رغبته الأورفيوسية في الاقتراب منها ما يشبه خيطاً ملحمياً يرفد السرد بمناخات حلمية وميتافيزيقية. أيضاً، يتمتّع اللص الحزين بموهبة خارقة للطبيعة في تحديد مواقع القبور الأثرية. ولهذا السبب يتزعّم عصابة متسكّعة تبيع اكتشافاتها إلى تاجرٍ غامض يُدعى سبارتاكو. لكن آرثر أيضاً، وفقاً لرورفاكر، "بطل رومانسي في زمن ٍلم تعد فيه الرومانسية موجودة". لأنه، على عكس رفاقه، لا تهمّه الأرباح من اكتشافاته كثيراً. ومع ذلك فهو لا يستطيع مساعدة نفسه. إنه "في سجن الوهم الخاص به"، كما تقول المخرجة عن بطلها المندفع لإدراك طيف ما مضى ولن يعود أبداً.يمكن لشخص واحد فقط أن يرسم البسمة على وجهه النكد: "إيطاليا"، خادمة فلورا. إنها طائر مضحك، ملوّن ولطيف، بلهجةٍ غريبة. تلعب البرازيلية كارول دوارتي دور إيطاليا بسحرٍ غريب، وليس من قبيل الصدفة أن تحمل اسم موطن رورفاكر. استمتعت المخرجة بتسمية شخصية أجنبية بهذه الطريقة: "إنها أيضاً رسالة إلى بلدي، لأن إيطاليا هي الوحيدة التي يمكنها تحويل الماضي إلى شيء آخر. إنها الوحيدة الكريمة والمضيافة. وهذا شيء أودّ أن أتمناه لبلدي"، تقول رورفاكر، في إشارة إلى الوضع السياسي الحالي في إيطاليا المُدارة بحكومة قومية يمينية تعادي الأجانب والمهاجرين.بشكل عام، تعرف أليتشي رورفاكر كيف تغلّف قصصها بحجابٍ مقدس من دون أن تنسى الواقع: "بعض الناس لا يحتاج إلى الواقع، لكني أحتاجه. أحتاج إلى صور حقيقية حتى أتمكّن من رؤية ما وراءها. أحتاج إلى لمس شيء ما في داخلي.. من أجل معرفة ما يكمن وراء ذلك. لذلك أعتمد بشكل كبير على المرئي من أجل اكتشاف غير المرئي"، تشرح وجهة نظرها للعالم. لهذا السبب وحده، عملت رورفاكر دائماً مع شرائط الفيلم "الأنالوغ"، والمصوّرة السينمائية الفرنسية هيلين لوفار. الكاميرا على مستوى العين مع الشخصيات، لاعبٌ أساسي وسط المجموعة، الزاخرة دائماً بوجوه معبّرة بشكلٍ لافت. تنعكس ملامح الشخصيات الأتروسكانية في وجوه الممثلات، على الأخصّ.هناك أيضاً إشارة مباشرة إلى مشهد من فيلم "روما" لفيديريكو فيلليني، حيث تتلاشى اللوحات الجدارية تحت الأرض بسبب الإمداد المفاجئ بالأوكسجين. وفقاً للمخرجة، كان هذا ببساطة أمراً لا مفرّ منه: "في المقابر الأتروسكانية، لم أستطع إلا أن أفكّر في فيليني. لكني اكتشفته أيضاً في قصص لصوص القبور. لذلك وجَبت عليّ تحيّته".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top