2024- 06 - 26   |   بحث في الموقع  
logo عن الوضع المُتوتّر بين لبنان وإسرائيل… هذا ما أعلنه البيت الأبيض logo زكي التقى ميقاتي: تحديات كبيرة تواجه لبنان وندعو إلى التوافق logo لمناسبة رأس السنة الهجرية… إقفال الإدارات والمؤسسات العامة! logo هبة القواس لوزير الثقاقة : اعوّل على رؤيتك والتزم بتوجيهاتك logo في منطقه لبنانية.. سلب أحد المواطنين بعد الاعتداء عليه بسكّين logo بيانٌ حاد من “القوات” بعد لقاء بكركي.. ماذا فيه؟ logo زكي التقي ميقاتي: ندعو جميع الفرقاء الى وضع مصلحة لبنان فوق اي مصالح اخرى ضيقة logo قضية الغواصات الالمانية:لجنة التحقيق تشتبه بنتنياهو..بتلقي رشاوى
نصف نجاح لماكرون وخسارة لفرنسا
2024-06-18 08:25:25


حسب آخر استطلاعات الرأي، لا يزال اليمين المتطرف الفرنسي يتصدر نوايا التصويت في الانتخابات البرلمانية التي ستُجرى نهاية هذا الشهر بنسبة 33%، تجمعُ اليسار تحت يافطة "الجبهة الشعبية" يأتي في المركز الثاني متأخراً بثماني نقاط، بينما تأتي كتلة الوسط بزعامة ماكرون في المركز الثالث بـ20% من نوايا التصويت. وكان ماكرون قد أعلن حلّ الجمعية الوطنية "البرلمان" بعد ساعات قليلة من فوز اليمين المتطرف بأعلى عدد من مقاعد فرنسا في البرلمان الأوروبي، وحدّد موعداً للجولة الأولى من الانتخابات في نهاية هذا الشهر، ما أثار امتعاض غالبية الفرنسيين "بمن فيهم أنصاره ومسؤولين من حزبه" لأن المهلة المتبقية حتى يوم الانتخابات غير كافية للتدقيق في اختيار المرشحين وخوض الحملات الانتخابية.
جدير بالذكر أن اليمين المتطرف دعا إلى انتخابات نيابية مبكرة فور إعلان نتائج الانتخابات الأوروبية، وهذا مفهوم لأنه يريد استغلال الزخم المعنوي الذي حصل عليه للتو ليعزّز رصيده في البرلمان المحلّي. أما تبرّع ماكرون بتلبية طلب اليمين المتطرف فأقل ما يُقال فيه أنه تسرّعٌ غير مبني على معطيات واقعية، هذا إذا كان يريد قلب نجاح اليمين على أصحابه من خلال تخويف الفرنسيين بصعوده، واجتذابهم تالياً للتصويت لصالح الوسط.
وكلمة "الوسط" هي في حالة حزب النهضة الذي يقوده ماكرون تعبير مجازي أكثر مما هي تعبير عن مشروع سياسي منسجم ومتماسك، بل إن تشكيل معسكر الوسط هذا لم يأتِ بأي جديد سوى توجيه ضربتين قاصمتين للحياة السياسية الفرنسية التقليدية التي تنافس فيها طوال عقود اليمين الديغولي مع الحزب الاشتراكي. في الأولى لعب ماكرون دوراً بارزاً في الإجهاز على الحزب الاشتراكي الذي كان قد ضعف وتراجع بعد فوز مرشحه فرانسوا أولاند بالرئاسة عام 2012، ويُذكر أن لأولاند فضل على ماكرون إذ عيّنه وزيراً للاقتصاد عام 2014 ليدخل معترك السياسة ويتقدّم فيها سريعاً بحيث يترشّح لانتخابات الرئاسة عام 2017 ويفوز فيها.
أتت الأقدار لصالح ماكرون إذ رشّح اليمين الجمهوري فرانسوا فيون في تلك الانتخابات على حساب آلان جوبيه، ليُمنى الحزب بنكسة مع انكشاف فضيحة خاصة بمرشّحه الذي كان متوقعاً فوزه، ولتبقى المنافسة آنذاك بين ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، وهكذا فاز على قاعدة: إما ماكرون أو "داعش"! لم يأتِ ماكرون إلى الرئاسة من تجربة سياسية وحزبية ذات شأن، لذا أتى تأسيسه حزب "إلى الإمام" الذي صار اسمه "الجمهورية إلى الأمام" ثم "النهضة" كأنه حزب ملحق برئاسته، لا بمثابة حزب تتدرج فيه الكوادر وصولاً إلى المناصب العامة. في البداية استولى ماكرون من الحزب الاشتراكي على الكوادر التي ستكون النسبة الأعلى في حزبه الجديد، ليساهم استقطابه لها في تفاقم أزمة الاشتراكيين، وليكون حزب الوسط المزعوم وكأنه أتى على أنقاض الحزب الاشتراكي، وبتحوّل أعضائه من اليسار إلى الوسط.
بعدما ضمن تراجع الاشتراكيين، مع عدم وجود تهديد جاد من اليسار المتطرف الذي يمثّله ميلانشون، التفت ماكرون مع نهاية ولايته الرئاسية الأولى إلى اليمين الجمهوري الذي لم يكن قد تماسك بعد فضيحة فيون وخسارة الانتخابات. استهدف ماكرون على نحو خاص كوادر من الجمهوريين محسوبة على الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، أي على التيار الأقرب إلى اليمين الشعبوي المتطرف. على مشارف انتخابات عام 2022 كان ماكرون يسعى إلى السحب من رصيد اليمين لحسابه، من أجل المواجهة المتوقعة ثانية مع مارين لوبان التي خسرت بفارق يقلّ عن عام 2017.
أيضاً يمكن القول أنه نجح في إضعاف اليمين التقليدي بعد نجاحه من قبل على مقلب اليسار، ولعل التفاتته إلى اليمين قدّمت خدمة صغيرة للاشتراكيين إذ كشفت عن نفاق وسطية الرئيس، فأعادت مؤخّراً إلى اليسار جزءاً من قاعدته الانتخابية. إجمالاً، يجوز القول أن ماكرون حقق نصف ما كان يصبو إليه، فهو بلا شك اعتلى الأزمة التي عصفت بالحزبيين التقليديين، واستطاع اقتطاع وتلفيق حزبه "الوسطي" من هنا وهناك، إلا أنه بقي عند نصف النجاح لأنه لم يؤسّس حقاً لتجربة وسطية لها خطاب جديد متماسك ومنسجم، بحيث يستقطب جمهوراً على أساس مغاير لاستقطابه أولئك الخائبين يساراً أو يميناً، أو أولئك المنضوين فيه لكونه حزب السلطة.
صحيح أن ماكرون لم يتسبب بأزمة الحزبين التقليديين، إلا أنه بذل أقصى جهده للإجهاز عليهما من أجل أن الظهور بمظهر الوسطي المعتدل الوحيد بالمقارنة مع اليمين المتطرف، واليسار المتطرف في المرتبة الثانية. وقد نجح في سبيل ذلك باستخدام تكتيكات انتخابية، لكن دون من أن يُدخل إلى الحياة السياسية الجديدَ الذي بشّر به، وهذا لا ينطبق فقط على حزبه الذي لم يمتلك البرنامج الجديد المطلوب وإنما يصحّ على سياساته الحكومية منذ انتُخب قبل سبع سنوات، حيث لم يقدّم تصورات وحلولاً خلاقة تحتاجها فرنسا منذ انتخابه للمرة الأولى، وزادت حاجتها إليهما بعد أزمة كورونا ثم تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا.
إذا كان الأداء يُقاس بخواتمه فمن الواضح أن تكتيكات ماكرون ارتدت سلباً على الحياة السياسية في فرنسا، والنجاح الوحيد الذي حققه هو الفوز بولايتين بوصفه رئيس الضرورة في مواجهة اليمين المتطرف. لن يكون مفيداً تغيير اسم الحزب من حين لآخر، والأقرب إلى التصور أن حزب النهضة، المرتبط إلى حد كبير بشخصه وبوجوده في الرئاسة، معرّض بعد انتهاء ولايته لمصير أسوأ من مصير اليمين الجمهوري واليسار الاشتراكي، وبذا يكون قد أضاع على البلاد فرصة وجود حزب وسط راسخ يعمل كصمام أمان ويفرمل شطط اليمين واليسار.
قبل إعلان ماكرون عن انتخابات مبكرة، كان ثمة خشية من عدم جهوزية باريس لاستضافة الألعاب الأولمبية بسبب التراجع في العديد من النواحي الخدمية، ومن المستغرب أن يحدد توقيت الانتخابات قبل الأولمبياد، مع ما تتطلبه من استنفار حكومي يسبق الاستنفار الأولمبي، ثم إنه في تصريح له يعمد إلى استغلال ذلك بالتحذير من أن فوز المعارضين بالانتخابات وتالياً برئاسة الحكومة قد ينعكس سلباً على تنظيم الأولمبياد! على الأقل كان من الأفضل تحديد موعد الانتخابات في بداية الخريف المقبل، بعد انتهاء الاستحقاق الأولمبي وعودة الفرنسيين من إجازاتهم الصيفية، وهذا مفيد أيضاً من أجل التوجّه لفئة الشباب المناوئين تقليدياً لليمين المتطرف، حيث يتنازع الآن على جذب اهتمامهم حدثان؛ كأس أوروبا لكرة القدم والأولمبياد. هي حسابات شديدة الوضوح، ولا تفوت شخصاً بذكاء ماكرون لو أنه يسعى حقاً إلى جبهة فرنسية أوسع مضادة لليمين المتطرف.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top