مع كل استحقاق تتجدد الصراعات في مكتب المهن الحرة في حركة أمل حول دائرة المحامين. منذ وفاة رئيس الدائرة محمد عطية قبل نحو أربعة أشهر، تسلم الدائرة مسؤول مكتب المهن الحرة المهندس مصطفى فواز. وما زال في هذا المنصب رغم أن شريحة واسعة من المحامين الحركيين يرفضون أن تدار دائرتهم من مهندس. وهذا بمعزل عن الانتقادات التي توجه إلى فواز من أخصامه حول كيفية إدارته لدوائر المهن الحرة في "أمل".التدرج في نقابة المحامينتجددت الخلافات حول عدم تعيين محام خلفاً لعطية الشهر الفائت على خلفية امتحانات التدرج التي تجريها نقابة المحامين لطلاب كليات الحقوق للانتساب إلى النقابة. فالفرع الأول لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية (محسوب على حركة أمل) عقد ندوات تدريب للطلاب الذين يرغبون بالتدرج بنقابة المحامين، لتقويتهم لاجتياز امتحانات النقابة، وحضرها أكثر من ثلاثمئة شخص، من مختلف الطوائف. لكن فواز نظم دورة تدريبية للطلاب الشيعة حصراً قبل أيام من الامتحانات الخطية، التي انطلقت يوم السبت في 15 حزيران. ولم يحضر هذه الدورة إلا نحو 15 طالباً شيعياً. وتنتقد المصادر هذه الخطوة بأن فواز أراد تسجيل نشاط في سجله فحسب، للقول إنه يستطيع إدارة دائرة المحامين رغم رفض المحامين له.ونشر محامون محادثات خاصة من مجموعة الواتساب التي شكلها فواز للطلاب لمواكبة الامتحانات معهم، يطلب فيها منهم متابعة تصحيح المسابقات والنتائج مع أعضاء دائرة المحامين في الحركة. الأمر الذي يترجم أن فواز يريد التوسط للطلاب لإنجاحهم في الامتحانات، وكسب ثقتهم وجذبهم إلى صفه. وتشرح المصادر أن ما أقدم عليه فواز مجرد إيحاء منه للطلاب بأنه قادر على تحديد مصير نتائج الامتحانات، لكسب ولائهم. فهو على يقين تام أن نقيب المحامين فادي المصري، المسؤول المباشر عن التصحيح، يرفض مثل هذه الوساطات التي كانت تحصل سابقاً. وهو بخلاف سلفه ناضر كسبار، لا يريد فتح باب التدرج في النقابة على غاربه. إذ سبق وأدخل كسبار العام الفائت أكثر من 1500 متدرج، وهو رقم ضخم جداً، وما زال ينال انتقادات المحامين عليه. لذا يتشدد المصري جداً بالامتحانات وبالعدد الذي سيدخل إلى التدرج.مصادرة رأي المحامينوتضيف المصادر أن إشكالية المحامين الحركيين مع فواز لا تقتصر على أنه مهندس، ومن غير الجائز أن يكون مسؤولاً عن المحامين. بل مشكلتهم معه هي حول مصادرة رأي المحامين المنتمين لنقابة هي في تكوينها يفترض أنها الضامنة للحريات في البلد.
تنظيمياً، فواز مسؤول عن "الدائرة" طالما هو مسؤول مكتب المهن الحرة إلى حين تعيين رئيس للدائرة. لكن المنتقدين يعتبرون أن المحامين هم أدرى بنقابتهم وبعلاقاتهم مع زملائهم وبالتالي كيفية صياغة التحالفات. وعلى سبيل المثال في انتخابات نقابة المحامين السابقة أصدر تعميماً على المحامين أنه يمنع عليهم عقد أي لقاءات (غير رسمية) أو التواجد في أي مناسبات مع محامين من باقي الأحزاب. وفرض عليهم الاقتراع لمرشحين من دون الأخذ برأيهم. هذا فيما لم يقدم على إصدار أي قرار مماثل على المهندسين. وعندما احتج محامون حينها على كيفية إدارة الانتخابات والتحالفات، كان مصيرهم الطرد أو تجميد العضوية.
وتلفت المصادر إلى أنه منذ تسلم فواز مكتب المهن الحرة يغيّب دائرة المحامين. فهو كمهندس مسؤول عن دائرة المهندسين من مصلحته وضع هذه الدائرة في الصدارة داخل "أمل"، وتحجيم دور باقي الدوائر. هذا رغم أنه يفترض أن تكون دائرة المحامين في صدارة كل النقابات داخل حركة أمل، طالما نقابة المحامين من أهم النقابات في لبنان. فصحيح أن دائرة المحامين ليست خدماتية في الجسم التنظيمي لـ"أمل"، إلا أن لها دوراً معنوياً في العلاقات العامة والحضور السياسي مع باقي الأحزاب والمكونات السياسية. بينما واقعياً لا دور لها حتى داخل الجسم التنظيمي لـ"أمل".فشل دائرة المحامين في النقابةولا يقتصر الأمر على أن شريحة واسعة من المحامين الحركيين غير راضية عن فواز. بل توجه إليه اتهامات بأنه يؤخر اقتراح مرشحين على هيئة الرئاسة في حركة أمل لاختيار رئيس لدائرة المحامين. والسبب أنه يريد محامياً ضعيفاً يحكم من خلاله السيطرة على دائرة المحامين. لكن رغبته هذه تصطدم بالصراعات والتوازنات القائمة في الجسم التنظيمي لـ"أمل" حول الشخص الذي سيتولى المنصب. وهذا يؤخر تعيين خلفاً لعطية.وتضيف المصادر أن فواز ناجح في نقابة المهندسين لأن الأخيرة ملعبه، بمعزل عن الانتقادات التي تساق بحقه في كيفية إدارة دائرة المهندسين. لكن تغييب دائرة المحامين داخل حركة أمل، واسقاط القرارات عليها، أدى إلى تغييب الدائرة في نقابة المحامين. وهذا التغييب المقرون مع عدم إدارة التحالفات الانتخابية أدى إلى فشل "أمل" في إدخال مرشح شيعي واحد إلى مجلس النقابة. فمنذ نحو عشرة أعوام لم يدخل إلى مجلس النقابة أي مرشح شيعي، فيما السنّة والدروز يحظون بتمثيل دائم، رغم أن عددهم أقل من المحامين الشيعة.