2024- 06 - 25   |   بحث في الموقع  
logo الحرارة تبلغ ذروتها غدا.. ما جديد الطقس؟ logo نيويورك:عائلات القتلى الاسرائيليين في"طوفان الاقصى"تقاضي الأونروا logo فرنسا:ماكرون يحذر من حرب أهلية..واليمين مستعد للحكم logo هذا ما دوّنته “الديار” في سطور افتتاحيتها logo مانشيت “الأنباء”: مأدبة “روحية” في بكركي… ولبنان يدحض الإتهامات من قلب المطار logo افتتاحية “الجمهورية”: جهود الحل السياسي متواصلة رغم ضجيج التهديدات… بري: أمامنا شهر حاسم logo لعبة الحرب والعزف على أوتار اللبنانيين!.. بقلم: سهى آغا logo ‏البترو دولار.. من الهيمنة إلى مفترق طرق!.. بقلم: إيمان درنيقة الكمالي
"أبو الزندين"..الاقتصاد مقابل السياسة والميدان
2024-06-16 12:55:30


مجدداً، يشهد الشمال السوري محاولة روسية – تركية، لتذليل ما عقّدته السياسة والميدان، باستخدام لغة الاقتصاد. وهي اللغة التي ينقسم حيالها سوريو الشمال المناوئ للنظام، بين من يعتبرها خيانةً لدماء القتلى وصك تنازل عن قرى وبلدات نزح عنها سكانها بفعل آلة حرب النظام وداعمه الروسي، وبين من يعتبرها واقعيّةً، تبحث عن المكسب في ما هو متاح، لا في ما هو مأمول.
الفريق الأول سرعان ما انتفض وعبّأ جانباً من جمهوره في بضعة آلاف قطعوا طريق الـ M4، قرب مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، احتجاجاً على دخول عناصر روسية برفقة دورية تركية، اتضح لاحقاً أن هدفهم اختبار إمكانية فتح معبر "أبو الزندين"، من جديد. وكان هذا المعبر محط اختبار لأكثر من مرة خلال السنوات الأربع الفائتة، من دون أن تنجح محاولات إعادة إحياء التجارة من خلاله.
وكان لافتاً، أن يفرد موقع "تلفزيون سوريا"، قبل نحو شهر ونصف الشهر، تقريراً موسّعاً حول هذا الملف. واللافت أكثر، ما كشفه من انقسام مجتمعي حيال هذه القضية. ولا ينطلق الرافضون لفتح معابر تجارية مع مناطق سيطرة النظام، من مخاوف سياسية، من قبيل فك "الحصار" عن النظام، وتخفيف عزلته الاقتصادية، والتمهيد للتطبيع معه، فقط. بل يتحدثون عن أضرار اقتصادية ستطاول "الشمال المحرر" أيضاً. من أبرزها، تدمير صناعات محلية مثل الألبسة والأحذية، لصالح الاستيراد من مناطق سيطرة النظام. ويعتقد أصحاب هذا الرأي، أن النظام سيمرر بضائعه الكاسدة، كالحمضيات، وسيتحصّل على الدولار وعلى البضائع التركية، بأسعار أرخص. والأخطر، وفق أصحاب هذا الرأي، دق الإسفين الأخير في نعش المساعدات الإنسانية عبر الحدود، باعتبار أن ورقة المعابر الداخلية ستصبح ذريعة أقوى بيد الروس. ناهيك عن المخاوف من انسياب المخدرات، من مناطق سيطرة النظام، وكذلك، احتمال حصول اختراقات أمنية أكبر، مع انسياب حركة البضائع والأشخاص، بالاتجاهين.
ورغم أن جانباً من مخاوف أصحاب هذا الرأي، جديرة بالنقاش المستفيض، بالفعل، لكنها تتجاهل حقيقة أن المعابر التجارية كانت تعمل بالاتجاهين قبل العام 2020، حينما أُغلقت بسبب انتشار "كورونا". ناهيك عن حركة التهريب النشطة، والتي تجعل المخاوف من تمرير بضائع بعينها، أو مخدرات، غير مفهومة. وتجعل الرهان على تقنين حركة البضائع ومراقبتها بالاتجاهين، أكثر جدوى.
في المقابل، يُجمع معظم الصناعيين والتجار في "الشمال المحرر"، على فائدة فتح المعابر التجارية. واشتراطهم الوحيد، ألا تكون الرسوم المزمع دفعها للمعابر، ثقيلة، بصورة تفرغ التبادل التجاري من قيمته الإيجابية بالنسبة لسكان المنطقة. ويذهب أصحاب هذا الرأي، إلى أن الحِراك التجاري بالاتجاهين سينشّط الكثير من القطاعات الصناعية والصفقات التجارية. بل ويذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، فتجار "المحرر"، في رأيهم، قادرون على تعزيز مكاسب تجارة الترانزيت، عبر استيراد البضائع من مختلف دول العالم، لتمريرها إلى مناطق سيطرة النظام. بطبيعة الحال، لهذا الطرح حمولة سياسية سلبية في نظر الفريق المضاد. إذ إنه يعني أن "الشمال المحرر" سيكون وسيلة النظام للتخلص من قيود التجارة الخارجية، المفروضة عليه، جراء العقوبات الغربية. وهنا، تتعارض السياسة مع الاقتصاد، مجدداً.
لكن رأياً ثالثاً، يعبّر عنه بعض الاقتصاديين والخبراء، يحاول تقديم وصفات للإفادة من فتح المعابر التجارية، في حال أصبح هذا القرار التركي – الروسي، أمراً واقعاً، ولم يستطع الشارع الرافض تعطيله مجدداً. أبرزها، تقييد الصادرات والمستوردات بين الطرفين، بقوائم محددة، بصورة تخدم اقتصاد "الشمال المحرر". والمعضلة هنا، أن ذلك يتطّلب قدرةً للحكومة المؤقتة "المعارضة"، على فرض إرادتها على أرض الواقع. وتحديداً، على الفصائل المسلحة التي تدير المعابر الداخلية. وهذه إحدى المعضلات التي لم يتم علاجها، منذ العام 2018، وحتى اليوم.
من جانب الأتراك والروس، لطالما كان إحياء شرايين التجارة عبر الطرق الدولية في سوريا، هدفاً مشتركاً. فلأنقرة مصلحة في تمرير بضائعها جنوباً وصولاً إلى أسواق الخليج، بكلفة أقل من كلفة التصدير جواً وبحراً. ولموسكو مصلحة في إنعاش اقتصاد مناطق سيطرة النظام، بحراكٍ تجاري، هو بأمس الحاجة له. وهو ما يفسّر لماذا كان فتح الطرق الدولية، شرطاً روسياً أساسياً، في كل الاتفاقات المعقودة مع الأتراك، حتى العام 2020، مقابل وقف العمليات العسكرية الكبرى تجاه مناطق النفوذ التركية بشمال غرب سوريا.
أما من جانب القوى المحلية، فإن الفصائل الفاعلة على الجانبين، ستستفيد من رسوم مرور البضائع والأشخاص عبر المعابر. في حين، سيتضرر متعهدو التهريب، على الجانبين. وهو ما يفسّر فشل محاولة فتح معبر "أبو الزندين" قبل نحو سنتين، جراء استهداف محيطه بالأسلحة الرشاشة من جانب فصائل محسوبة على النظام السوري.
ما سبق يطرح إشارات استفهام حول مدى قدرة الأتراك والروس على تليين مواقف الأطراف المحلية الرافضة لفتح المعابر التجارية. فعلى الجانب التركي، هناك الشارع الرافض للفكرة في "الشمال المحرر"، والذي عبّر عن رفضه بحدّة، في اليومين السابقين. وعلى الجانب الروسي، هناك الميليشيات المحسوبة على النظام، والمُرتَزِقة من التهريب، والتي لا نعرف، إلى أي حد، يستطيع الروس لجمها. فسابقاً، لم يستطيعوا ذلك. لتبقى لغة الاقتصاد أضعف من تعقيدات السياسة والميدان.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top