كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة معاريف حول اتجاهات الرأي العام في كيان الاحتلال، وتلك التي أجراها المركز الفلسطيني للدراسات والبحوث السياسية والمسحية، النتائج التي خلّفتها ثمانية شهور من الحرب الضارية التي أعقبت طوفان الأقصى، على كل من الرأي العام في الكيان والرأي العام الفلسطيني، حيث نال بنيامين نتنياهو في استطلاع معاريف 21 مقعداً من 120 مقعداً في الكنيست، أي ما يقارب 17% من الأصوات، تعبيراً عن قناعة غالبية المستطلعة آراؤهم بأن الكيان فشل في الحرب وأن نتنياهو يجب أن يتحمّل مسؤولية هذا الفشل، وتوزّعت خيارات المستطلعين في التصويت للحزب المرشح لقيادة تشكيل الحكومة الجديدة، على كل من حزب بني غانتس بـ 20% من الأصوات و 24 مقعداً، وتحالف افتراضي بين افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت وجدعون ساعر بـ 22.5% و27 مقعداً، والحصيلة التي تؤكد تراجعاً كبيراً في حالة نتنياهو لا تشير إلى سهولة تشكيل حكومة جديدة في ظل ارتباك وتشتت الاتجاهات في الرأي العام كنتيجة للحرب، التي شهدت أشد أنواع جرائم الحرب قسوة، دون أن يكون لذلك تأثير على اتجاهات الرأي العام في الكيان، ودون أن تظهر دعوات للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والبحث عن حل سياسي جذري للصراع، وسقف ما يجري الحديث عنه هو وقف الحرب لإنجاز صفقة تبادل للأسرى.
فلسطينياً، قالت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الفلسطيني للدراسات والبحوث السياسية والمسحية، في الجواب على سؤال ما هي الجهة التي تنال رضاك، إن 75% منحوا تصويتهم لحركة حماس، مقابل 10% فقط لمحمود عباس، بينما جدّد 67% من الفلسطينيين تأييدهم لما جرى في طوفان الأقصى، مؤيدين خيار المقاومة باعتباره الطريق الوحيد الذي أعاد القضية الفلسطينية الى الواجهة ومنع تصفيتها.
في داخل الكيان، الهمّ الأول هو رعب الشمال، في ظل اعتراف بفشل جيش الاحتلال في حل معضلة التهديد الذي فرضته المقاومة على جيش الاحتلال والمستوطنين وبدأت آثاره تصيب الاقتصاد وترسم إيقاع السياسة. وفي ظل استمرار الردود الإسرائيلية على عمليات المقاومة التي تستهدف المنشآت والمواقع العسكرية، باستهداف المدنيين، كما حدث في الغارة على بلدة جناتا، تسليم بتراجع فرضية الذهاب الى عمل عسكري كبير يفوق قدرة جيش الاحتلال، ولا يحظى بالرضا الأميركي، انطلاقاً من معادلة أميركية عبر عنها بيان وزارة الخارجية بالقول إن أي حرب على لبنان تمثل تهديداً لأمن “إسرائيل” ومستقبلها، وإن السير بوقف إطلاق النار في غزة سيؤدي حكماً الى التهدئة على جبهة لبنان، ومع استمرار التهديد بالتصعيد غابت العنتريات ولغة التهديد بإحراق لبنان وتدمير بيروت وسحق حزب الله، واستبدلت بالكلام عن رد قوي ورد مؤلم، وسط سجال شغل وسائل الإعلام في الكيان بين وزارتي الخارجية والحرب في حكومة نتنياهو، حيث وزير الحرب يوآف غالانت لا يرغب بشراكة فرنسا في لجنة مشتركة مع الكيان وأميركا لمعالجة التصعيد على الحدود مع لبنان، بعدما منعت فرنسا مشاركة إسرائيلية في معرض الدفاع والأمن في باريس الذي يبدأ يوم الإثنين، بينما رأت وزارة الخارجية أن كلام غالانت غير مناسب. وعن كيفية الخروج من هذا المأزق قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه يبدو أن الذهاب لاتفاق في غزة طريقاً وحيدة لمعالجة الوضع الذي يزداد سوءاً في الشمال.
وفيما بقيت الأنظار منشدّة إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة التي شهدت أعنف المواجهات العسكرية منذ بداية الحرب في غزة وسجلت أكبر نسبة لعمليات المقاومة مشعلة شمال فلسطين المحتلة بمئات الصواريخ والمسيّرات الانقضاضية المتفجرة، نشطت الاتصالات الدبلوماسية الدولية لاحتواء التصعيد ومنع تدحرج الوضع الى حرب واسعة النطاق، في ظل تعمّد العدو الإسرائيلي إشاعة مناخ التحضير لحرب واسعة على لبنان في إطار الحرب النفسية على حزب الله تشارك فيها وسائل إعلام وشخصيات سياسية وإعلامية لبنانية. غير أن أوساطاً دبلوماسية تشير لـ”البناء” الى “ممانعة دولية وتحديداً أميركية – فرنسية على حرب إسرائيلية شاملة على لبنان لأن تداعياتها ستكون خطيرة وكارثية ولن تبقى في إطار محدد”، مرجّحة نجاح الجهود الدبلوماسية باحتواء التصعيد ومنع الانزلاق الى حرب موسعة. ولفتت مصادر مطلعة لـ”البناء” إلى أن مسؤولين لبنانيين تلقوا سلسلة اتصالات من مسؤولين أميركيين وأوروبيين يدعوهم الى بذل الجهود مع حزب الله لتهدئة الجبهة، كما أجرى مسؤولين أميركيين إتصالات بمسؤولين إسرائيليين لهذه الغاية.
من جهة ثانية، أفادت هيئة البثّ الإسرائيلية، بأن الولايات المتحدة الاميركية حذّرت “إسرائيل” من أنّ أي خطوة عسكرية في لبنان قد تخرج عن السيطرة. فيما استبعد وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، الانضمام إلى مجموعة اتصال للعمل على نزع فتيل التوتر على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، والتي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تضم فرنسا والولايات المتحدة و”إسرائيل”. وكان ماكرون أعلن، خلال قمة مجموعة السبع أن “فرنسا والولايات المتحدة و”إسرائيل” ستعمل ضمن إطار “ثلاثي” على خريطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان”.
وأوضح إعلام العدو أن “الجيش أوصى القيادة السياسية بإنهاء عملية رفح في أقرب وقت ممكن والتقدم بالهجوم على لبنان”.
واستبعد خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية عبر “البناء” “إقدام حكومة الاحتلال على اتخاذ قرار الحرب الشاملة على لبنان لأسباب عدة منها يتعلق بقدرة الجيش الإسرائيلي وأخرى تتعلق بالبيئة الإستراتيجية المحيطة بــ”إسرائيل” في ظل طوق الجبهات الذي يلفها من كل الجهات ووجود القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة”، موضحين أن “فشل الجيش الإسرائيلي في غزة ورفح سيحول دون خوض جبهة جديدة أكثر خطراً بأضعاف المرات مع حزب الله لا قدرة للانتصار فيها”، وتوقع الخبراء أن “تشهد الحدود الجنوبيّة مع فلسطين المحتلة جولات تصعيد متعدّدة، لكن ضمن سقف عدم الذهاب إلى المواجهة الشاملة لأن الطرفين لا يريدان ذلك”.
في غضون ذلك، يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأربعاء المقبل، خلال احتفال تأبيني يقام تكريمًا للشهيد القائد السعيد على طريق القدس طالب سامي عبد الله (أبو طالب) في قاعة مجمع الإمام المجتبى (ع) – الضاحية الجنوبية.
وأشار رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك، خلال خطبة الجمعة في مدينة بعلبك، الى أنه “بعد دخول الشهر التاسع من مجازر وتجويع وحرب إبادة لم يحقق العدو شيئاً إلا ما حاول أن يزعمه نتنياهو من نصر وابتسامة بايدن وماكرون في مؤتمرهما لتحرير أربعة من الأسرى بمجزرة وحشية أصيب فيها ألف بين شهيد وجريح والنسبة الأعلى من الأطفال والنساء”.
ولفت يزبك، الى أن “العملية أميركية بريطانية بامتياز وإن كانت الأدوات صهيونية ومستعربة ومرتزقة ذلك عار وخيبة وهزيمة للعدو الإسرائيلي وللقوى الداعمة بشتى أنواع الدعم، والمقاومة تتصدى له، تغرقه في أوحال غزة وتقلقه في الضفة وتصيبه في قلبه من جهات إسناد أقسمت أن تكمل الطريق حتى إيقاف الحرب على غزة، وها هو العدو يتخبّط بخلافات داخلية”. وأضاف “ليعلم هذا العدو أن النصر آت لأصحاب الحق ولا يحصد الباطل وشياطينه إلا العار والهزيمة”.
ولفتت جهات ميدانية لـ”البناء” الى أن العمليات النوعية التي نفذها حزب الله خلال اليومين الماضيين كانت ضربة قاسية لجيش الاحتلال وزادت الضغط على مستوطنات الشمال وعمّقت مأزق الحكومة الإسرائيلية التي فشلت في استعادة الأمن لمستوطنات الشمال وإعادة المهجّرين اليها”، لافتة الى أن العدو يعلن بأن الهدف من الاغتيالات التي ينفذها هو لجم حزب الله وإبعاده عن الحدود وقف عملياته العسكرية، لكن المقاومة أفشلت هذا الهدف وأثبتت خلال الأيام القليلة الماضية بأن اغتيال القادة لا يؤثر على قدرات واستمرارية المقاومة في إسناد غزة والدفاع عن الجنوب”، موضحة أن “حساب المقاومة لم ينته مع العدو الذي عليه أن ينتظر الكثير من المفاجآت والصدمات”.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر، أن “تقديراتنا تشير إلى أننا بحاجة لصفقة مع حماس حتى يوقف حزب الله الهجوم شمالاً”، ما يعكس حجم أهمية وجدوى جبهة الإسناد الجنوبية وتأثيرها على العدو ومسار الحرب في غزة والمفاوضات بين العدو والمقاومة الفلسطينية.
وواصلت المقاومة تسديد الضربات المؤلمة لجيش العدو ومستوطنيه واقتصاده، وأعلنت أن مجاهديها استهدفوا تجمعات لجنود العدو الصهيوني في خلة وردة، وحرش برعام، وفي حرش الكرنتينا بالإضافة إلى موقع المطلة وثكنة “راميم”، وموقعي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخيّة. كما استهدفت المقاومة المنظومات التجسسية في موقعي “جل الدير” و”مسكاف عام” بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى تدميرها، ومنظومة فنية في موقع المطلة بمحلقة انقضاضية مما أدّى إلى تدميرها.
وردًا على الاعتداءات “الإسرائيلية” على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وآخرها الاعتداء على بلدة جناتا، قصفت المقاومة مستعمرتي “كريات شمونة” و”كفرسولد” بعشرات صواريخ الكاتيوشا والفلق، فضلًا عن مبانٍ يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلة.
وردًا على الاعتداءات ”الإسرائيلية” على بلدة كفركلا استهدفت المقاومة مباني يستخدمها جنود العدو “الإسرائيلي” في مستوطنة “مرغليوت” بصواريخ الكاتيوشا.
وردًا على الاعتداءات ”الإسرائيلية” على بلدة رب ثلاثين استهدفت مباني يستخدمها جنود العدو “الإسرائيلي” في مستوطنة “مسكاف عام” بصواريخ الكاتيوشا.
وردًا على اعتداءات العدو “الإسرائيلي” على القرى الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصًا في بلدة حولا، استهدفت مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلّة بالأسلحة المناسبة.
وانتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر مستعمرة المطلة وهي تشتعل بعد استهدافها بصواريخ المقاومة.
في المقابل، تعرّضت بلدة الخيام وأطراف ديرميماس وكفركلا وحولا لقصف مدفعي. كما سقطت قذيفة إسرائيلية في ساحة بلدة الطيبة، فيما أشعل القصف المدفعي الفوسفوري الإسرائيلي النيران في حي الدباكة، شمال شرق بلدة ميس الجبل. ولاحقاً استهدف القصف عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل.
وكانت استشهدت سيدتان قبيل منتصف ليلة أمس الأول، في بلدة جنّاتا قضاء صور وأصيب اثنا عشر شخصاً بجروح بينهم أطفال إثر غارة إسرائيلية طالت أحد المباني، والشهيدتان هما دلال عز الدين وسالي سكيكي وستشيّعان عصر اليوم السبت في بلدة دير قانون النهر.
على المستوى الرسمي، أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مداخلة أمام مجلس الوزراء “أن استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وما يشهده من قتل متعمّد لأهله وتدمير للبلدات وإحراق للمزروعات، ليس فقط محل إدانة واستنكار من قبلنا بل هو عدوان تدميري وإرهابي موصوف ينبغي على المجتمع الدولي أن يضع حداً لتماديه وإجرامه، وبدورنا سنحتكم للمرجعيات الدولية المختصة، ونجدد التزامنا بتطبيق القرار 1701 كاملاً”.
رئاسياً، ومع مرور عام بالتمام على آخر جلسة رئاسية دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري دون انتخاب رئيس جمهورية، لم يسجل أي جديد بانتظار استكمال المبادرات والحراك الداخلي بعد عطلة عيد الأضحى. فيما علمت “البناء” أن اللجنة الخماسية جمدت نشاطها وكذلك الأمر الفرنسيين بانتظار تبيان نتائج المبادرات الداخلية.
وأفادت مصادر إعلامية أن “الفاتيكان يقود جهوداً ديبلوماسية من خلال زيارة الكاردينال بيترو بارولين إلى لبنان وسط حديث عن مسعى كنسي يجمع باسيل بجعجع”. وذكرت المصادر، أن “السفيرة الأميركية ليزا جونسون قد تحمل مستجدات بعد عودتها من واشنطن عقب الاجتماعات التي عقدتها هناك”، لافتةً الى أن “الدولة اللبنانية تتحضر للتعامل مع أي ضربة إسرائيلية وسط اتجاه تصاعدي للعمليات العسكرية دون الدخول في حالة الحرب الشاملة”.