ليس وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض هو المسؤول اللبناني الأول الذي يقوم بزيارة رسمية إلى سوريا، كما فعل قبل أيّام، ويعود منها بانطباع لا يوحي بارتياح الجانب السوري لطريقة تعامل الطرف اللبناني مع الملفات العالقة بين البلدين، سواء بما يتعلق بالعلاقة بينهما التي تحكمها إتفاقيات رسمية، أو بالأزمات التي توالدت في السنوات الأخيرة وتحديداً منذ بدء الأحداث في سوريا في العام 2011.
وإذا كانت مشكلة النّازحين السّوريين في لبنان قد تصدرت واجهة الأحداث في السنوات الأخيرة، وطغت على ما عداها من علاقات ومصالح بين البلدين وأزمات أخرى لم تعد تلقى إهتماماً كافياً، فإنّ ملفات وأزمات أخرى بين الدولتين أُهملت بشكل لافت من قبل لبنان أكثر منه من الجانب السوري، أو تعاطى معها لبنان بخجل ولامبالاة، مثل ملفات الحدود، المياه، إستجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر سوريا من الأردن ومصر، الترانزيت، التبادل التجاري والعلاقات الإقتصادية بين البلدين، فضلاً عن ملفات أمنية وقضايا أخرى.
هذا التردّد في مقاربة لبنان الرسمي للعلاقات والملفات بين البلدين ليس وليد الساعة، فهو بدأ منذ خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005 على وقع تداعيات إغتيال الرئيس رفيق الحريري ذلك العام، وازداد هذا التردّد ووصل إلى حدّ إدارة الظهر كليّاً من قبل الحكومات اللبنانية لسوريا المتعاقبة منذ العام 2011، بفعل الضغوط الخارجية والإنقسامات الداخلية، وصولاً إلى حد تورّط بعض الجهات اللبنانية في الحرب السورية وودعمها وتحريضها جهات سورية ضد الحكومة السورية، ما جعل أغلب القضايا والملفات والعلاقات بين البلدين توضع على الرف وتتجاهل من قبل الطرف اللبناني، الذي استفاق متأخراً على واقع لا يمكن تجاهله، ولا تجاهل ما يربط بين البلدين تاريخياً وجغرافياً وإقتصادياً وإجتماعياً، وأنّ العمق العربي والجغرافي للبنان يبدأ من سوريا.
في دمشق سمع فياض إنزعاجاً واضحاً من المسؤولين السوريين الذين التقاهم من طريقة تعاطي لبنان الرسمي مع الأزمات العالقة بين البلدين، وعلى رأسها أزمة النازحين. إذ أبلغه رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس بأنّ “السلطات اللبنانية لا تتعاطى بالجديّة اللازمة مع هذا الملف”، إنطلاقاً من أن السلوك اللبناني تجاه هذا الملف شعبوي وغير إنساني، وفيه نوع من الإستغلال الرخيص، وهذا يأتي رغم أن السلطات الرسمية السورية قدّمت تسهيلات قضائية وأمنية لإعادة مواطنيها إلى بلدهم إلا أنه لم يظهر في المقابل أي تجاوب لبناني؛ باستثناء خطاب سياسي وإعلامي يقوم به بعض الأطراف في لبنان يعتمد بشكل أساسي على التحريض ضد النّازحين السّوريين، عدا عن التعامل معهم بعنصرية لم تعدّ خافية، وهو تعامل بدل أن يُعالج المشاكل يُسهم في تعقيدها ومضاعفتها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني