ما كاد الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان يغادره وهو يجرّ أذيال الخيبة وراءه بعدما وصلت مبادرته المتعلقة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى حائط مسدود، بعد ستّ زيارات قام بها لهذا الخصوص، حتى أعلن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط عن مبادرة جديدة سيطلقها إبتداءً من أول من أمس الثلاثاء من خلال جولة سيقوم بها على القيادات ورؤساء الكتل النيابية.
لم يتسرّب الكثير عن مبادرة نجل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ووريثه في “زعامة” قصر المختارة وطائفة الموحدين، وما عُرف عنها من مصادر مقرّبة منه أنّ المبادرة “ستتناول وستحاول فصل إنتخابات الرئاسة عن أحداث الجنوب وقطاع غزّة، والإلتزام باتفاق الطائف وبالتوازنات في مجلس النواب، مع التأكيد على الحوار والتشاور بين جميع الفرقاء، وستشمل قضايا أخرى أبرزها الوضعين الأمني والإقتصادي، وضرورة التواصل والتقارب مع الجميع للوصول إلى حلول، لانّ الوضع لم يعد يحتمل الإنقسام والخلاف بين القوى السياسية”.
هذه العناوين لمبادرة جنبلاط لن تلقى في الشّكل أيّ اعتراض حقيقي من أيّ من الفرقاء، لكن عند دخولها في التفاصيل لا يستبعد كثيرون أن تخرج شياطين الخلافات دفعة واحدة، ما سيؤدي إلى عرقلة المبادرة في مرحلة أولى وإعلان فشلها في مرحلة لاحقة كما كان حال المبادرات السّابقة، من المبادرة الفرنسية إلى مبادرة كتلة الإعتدال الوطني وصولاً إلى مبادرة اللجنة الخماسية.
فالمبادرة الفرنسية أُعلن عن وفاتها حتى قبل الزيارة السّادسة والأخيرة التي قام بها لودريان إلى لبنان، بعدما تبين أنّ جملة عوامل لم تسعفها في الإستمرار والنجاح. ومبادرة كتلة الإعتدال الوطني تأكدت الإنطباعات العديدة أنّها لن تعمّر طويلاً، وما “غضب” السّفير السّعودي في لبنان وليد البخاري من أعضائها إلّا مؤشّراً على ذلك، برغم كلّ ما قيل عن أنّ مبادرة الكتلة وُلدت بإيحاء سعودي. أمّا مبادرة اللجنة الخماسية التي ما تزال مستمرة حتى الآن، فإنّ خلافات بعض أعضائها من السفراء العاملين في بيروت (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، فرنسا وقطر) في ما بينهم ليست سوى دليلاً على أنّها كما غيرها من المبادرات جهود تُبذل في الوقت الضائع لملء الفراغ، بانتظار أن يحين أوان التسوية الخارجية التي لم تنضج بعد.
إذا كانت المبادرات السّابقة قد سقطت الواحدة تلو الأخرى، فهل ستنجح مبادرة جنبلاط التي قيل أنّها تحظى بدعم فرنسي كما نقل عن لودريان، وبدعم قطري كونها جاءت في أعقاب زيارة قام بها جنبلاط الأب والإبن معاً إلى الدوحة مؤخًراً؟
لا أجوبة على ذلك، لكنها ستلقى وفق المتوقع ترحيباً متفاوتاً من فرقاء، وتحفظاً من آخرين، ورفض من البعض، كما حصل مع المبادرات السابقة، بانتظار نضوج التسوية الكبرى، أو ظهور مبادرة جديدة في أعقابها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني