لم يكد يُعلن الرئيس الأميركي جو بايدن “خريطة الطريق”، الأسبوع الماضي، لإنهاء الحرب العدوانية التي يشنّها جيش الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة منذ 241 يوماً، حتى رفع البعض في لبنان منسوب الأمل في أن تضع تلك الحرب أوزارها، وأن ينسحب الأمر على جنوب لبنان فتتوقف الإعتداءات الإسرائيلية عليه، ما يفتح الباب أمام احتمال إنجاز تسوية رئاسية تمهّد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ينهي الفراغ في قصر بعبدا الذي مضى عليه أكثر من سنة ونصف.
ومع أن مصير مبادرة بايدن لم تتضح بعد كونها ما تزال في منتصف الطريق بين القبول والرفض، والخشية أن تلقى مصير مبادرات كثيرة سابقة لوقف العدوان لم يُكتب لها النجاح، إمّا لرفض حركة حماس ومحور المقاومة لها أو لرفض الإسرائيليين، فإنّ البعض، في لبنان والمنطقة والعالم، يُعوّل على عامل الزمن علّه ينجح في أن لا تلقى مبادرة بايدن المصير نفسه.
ينطلق هؤلاء في تفاؤلهم من أنّ شهر حزيران الجاري يعتبر فرصة مناسبة لإخراج الإستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة، وأن “يزمط” من بين ملفات كثيرة تنتظر دورها على طاولات المفاوضات في المنطقة والعالم، وأن يتم “تهريب” الإنتخابات الرئاسية اللبنانية في الوقت الضائع.
ويعتبر هؤلاء أنّه من هنا وحتى موعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 حزيران الجاري، لانتخاب رئيس خلفاً للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه مع مسؤولين آخرين في تحطّم مروحيتهم في 19 أيّار الماضي، فإنّ الفرصة تبدو سانحة لإنجاز “تفاهم” خارجي بين الولايات المتحدة وإيران والسعودية وسوريا وفرنسا لهذه الغاية، وإسقاطه على الداخل اللبناني، لأنّه بعد هذا التاريخ سيحتاج الرئيس الإيراني الجديد إلى وقت لإعداد ملفاته وطريقة التعامل معها، في حين ستدخل الولايات المتحدة في أجواء الإنتخابات الرئاسية فيها التي ستجري في شهر تشرين الثاني المقبل.
مقابل هذه الأجواء التفاؤلية المحتملة، يرسم المتفائلون مشهداً سوداوياً في حال لم يُنجز الإستحقاق الرئاسي خلال هذا الشهر، بأيّ صيغة ووفق أيّ تسوية ولو ترقيعاً، وهو ما حذّر منه سفراء اللجنة الخماسية المعنية بالملف الرئاسي اللبناني (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، فرنسا وقطر) والموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، من أنّه إذا لم يتم اغتنام الشهر الحالي فإنّ الملف اللبناني سيتم ترحيله برمته إلى العام المقبل، وهو ترحيل سيحمل مخاطر كبيرة على الكيان اللبناني، الذي ذهب المتشائمون إلى حدّ أنّ تأجيل إنتخاب رئيس للجمهورية سيؤدي إلى اضمحلال الكيان “سياسياً”، والتعاطي معه على أنه “منطقة جغرافية”، وصولاً إلى حدّ شطبه عن الخارطة.
فهل يحمل حزيران إنفراجاً رئاسياً من الباب الخلفي أم يدخل لبنان في نفق مجهول لا أحد يعرف متى وكيف سيخرج منه؟
موقع سفير الشمال الإلكتروني