شهدت القدرات العسكرية التي يمتلكها حزب الله تطورًا مهمًا وتوسّعًا كبيرًا في الكم والنوع، وقد ظهر واضحًا للعدو كما للحليف مخزون المقاومة الكبير من المفاجآت التي تعلن عنها في دقة اختيار الزمان والمكان. والمفاجآت الأهم كانت من النوع الذي يعتمد التطور التقني والإلكتروني الذي هو عنوان الحروب في الزمن الحالي وفي حروب الجيل الرابع التي دخلتها المقاومة من بوابة التكنولوجيا وأصبح لديها قدرة على الاختراق والتنصت والتعقب والتصنيع بل والإغارة على الكيان وغير ذلك من القدرات النوعية والتطورات التقنية في ترسانة مهمة بنتها الأدمغة، واليوم تؤتي ثمارها في ضرب عمق العدو وإصابة الأهداف بشكل نقطوي مخترقةً أو معطّلةً كل دفاعاته.
وفي ما يلي أهم ما اعترف به العدو حول قدرات المقاومة التقنية على لسان قادته وإعلامه.
صحيفة معاريف تعنون: مُسيّرات حزب الله سلاحٌ كاسرٌ للتوازن..
نشرت الصحيفة تقريرًا جاء في بعض فقراته: أن “هذا السلاح هو قنبلة ذكية استخدمها الروس أيضًا ضدّ الأوكرانيين في الحرب، حاليًا، السلاح الإيراني هو أداة القتال الجديدة لـ”(السيد) نصر الله، ما مميزاته؟ هو أسرع من الطائرات من دون طيار، ودقيق أكثر بفضل نظام عمل الـ GPS. وهذا هو السبب الذي يجعل الجيش الإسرائيلي يعطل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) كلّ بضعة أيام”.
وفي موضوع المسيرات أيضًا أقرّ جيش العدو بأن حزب الله أصاب منشأة عسكرية مهمة للغاية قرب غولاني.
وقال المحلل العسكري في “معاريف” آفي أشكنازي في مقابلة إذاعية إن “الطائرة من دون طيار في غولاني مهمّة للغاية من حيث التأثير، ويقوم الجيش الإسرائيلي بالتحقيق في الموضوع طوال الليل، من أين دخلت الطائرة من دون طيار؟ من لبنان؟ من الحدود السورية؟ من حدود أخرى؟ التقديرات أنها دخلت عبر لبنان، وعبرت مسافة في عمق الأراضي الإسرائيلية (الفلسطينية المحتلة)، وانفجرت قرب منشأة عسكرية وتسببت أيضًا في أضرار من دون وقوع إصابات. لكن من المؤكد أنه يجري الحديث هنا عن حادث صعب وخطير للغاية، من ناحية الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو وقدرة التشخيص والإصابة. المسألة هي قيد التحقيق بشكل شامل للغاية على أعلى المستويات”.
ويقر العدو بأن حزب الله استخدم الأسلوب الأكثر فعالية ضد “إسرائيل” ويتم ذلك بطريقة منهجية، فقد عنون موقع “والا”: حزب الله شخّص ضعف الجيش الإسرائيلي وفعّل الطائرات المسيّرة
وأشار المراسل العسكري في موقع “والا” الإسرائيلي أمير بوخبوط إلى أنه “منذ بداية المعركة، يحاول حزب الله البحث عن أسلوب العمل الأكثر فعالية ضدّ “إسرائيل”، وبسرعة كبيرة جدًا عثر عليه: تفعيل طائرات مسيّرة مسلحة بمواد ناسفة”.
وبحسب الكاتب، فإن “استخدام هذه الطائرات تم بطريقة منهجية، في البداية اختبر أساليب الرد الإسرائيلية، ومدى دقة المنظومات في التشخيص والاعتراض، وبعد ذلك، حاول فهم أوقات رد سلاح الجو أثناء الإطلاق وتفعيل الطائرات المسيّرة نحو مديات مختلفة، وبدأ في مرحلة متقدمة جدًا باستهداف تشكيلات الرصد والرقابة التابعة للجيش في المدى القريب والبعيد، وإصابة وحدة الرقابة في جبل ميرون هي جزء من معركة الحزب”.
كذلك أثار استخدام حزب الله صواريخ اس5 مخاوف إسرائيلية من تطور الأسلحة الهجومية، حيث ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها حزب الله طائرة مسيرة مسلحة بالصواريخ، بدلاً من المتفجرات التي كثيرًا ما استخدمها منذ أشهر.
وفي ما يخص المعلومات والاستخبارات اعترف العدو غير مرة بقدرات الحزب العالية على الاختراق، فقد أشار معلق الشؤون العسكرية في موقع “والا” أمير بوخبوط إلى العملية التي نفذها حزب الله في المطلة بتاريخ 6 أيار/مايو 2024 وأدت إلى مقتل جنديين “إسرائيلين”، وبحسب قوله فإنّ “حزب الله مرة أخرى نجح في اختراق طبقة دفاعية تابعة لسلاح الجو وإدخال طائرة غير مأهولة مع مواد ناسفة، في هذه المرحلة، من غير الواضح إذا كان يتعلق الأمر بمحلّقة أو بطائرة بدون طيار، لكن في الجيش “الإسرائيلي” يقدِّرون أنَّ هذا الإطلاق هو ردّ على مهاجمة معسكر تابع لقوة الرضوان في جنوب لبنان”.
وأضاف أنَّ حزب الله قام في الآونة الأخيرة “بدمج أجهزة الرادار وأجهزة المراقبة والطائرات لجمع المعلومات والمراقبة والهجوم”، لافتًا إلى أنَّ “جنود الاحتياط الذين يخدمون على الحدود الشمالية يتحدثون عن أن حزب الله يراقبهم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وأن النشاطات غير العملياتية في المنطقة تكشفهم أمام أنظار حزب الله وتعرضهم للخطر”.
وفي سياق المعلومات والاستخبارات كانت عملية عرب العرامشة التي اعترف العدو ليس فقط بنجاحها وبخسائره بل بقدرات المقاومة المهمة فقد قال إعلام العدو في تعليقه على العملية النوعية : حزب الله علم تمامًا على ماذا يصوّب في عرب العرامشة.
وقد رأى معلق الشؤون العربية في “القناة 12” الإسرائيلية يارون شنايدر أن “حزب الله يتعلم من الحوادث السابقة، ومن استمرار القتال في الشمال، وهو يُدخل إلى المعركة وسائل جديدة ويقوم بتجربتها”، معتبرًا أن الحزب “أصبح لديه جرأة نارية أكثر، ويدمج بين عدة أنواع من الأسلحة نحو نقطة معيّنة في وقت واحد للتغلب على الوسائل الدفاعية قدر المستطاع ولتحقيق إصابات دقيقة وهذا ما نجح به في عرب العرامشة”.
هذا أهم ما جاء على لسان العدو من اعترافات بقدرات المقاومة التكنولوجية التي تراكمت على مدى العقود الماضية منذ عملية أنصارية البطولية وصولاً إلى أول طائرة تحلق فوق فلسطين وصولاً إلى غارة تاريخية أولى من نوعها. كشفت المقاومة بعض أسرار ترسانتها حسب التطورات الميدانية، وما خفي من أسطول الطائرات التي تملكها والدفاعات الجوية والأسلحة التقنية أكبر.
(موقع سفير الشمال الإلكتروني)