كانت دوما اليوم عرساً. لا بل، الصورة الأسطع لجوهر لبنان ومعناه وما يمكن أن يكون عليه، بمدنه وقراه وطبيعته ومجتمعته، إن أُحسِنت إدارته.
في تلك البلدة الجميلة في وسط البترون، اجتمع حشد من حضور دولي وعربي، إلى جانب وزراء ونواب ورؤساء بلديات، بمشاركة المبادِر لاستنهاض تنموي وسياحي في كل لبنان، أي النائب جبران باسيل، والرئيس العماد ميشال عون الذي لا يزال يجول ويزور، كما يستقبل الناس في دارته، كأنه في اليوم الأول لمسيرته الوطنية.
في دوما اليوم الجمعة، صورةٌ جميلة للبنان. إنماء وسياحة واستثمار واقتصاد ورعايةٌ رشيدة من القيمين على الشأن العام، فما الذي يمنع تعميم هذه الصورة والنموذج الجيّد، غير السياسات القائمة على الحقد والإستثمار في التحريض والفتن والمواجهة بين فئات الشعب الواحد؟ ما الذي يمنع غير رمي الماضي جانباً والتطلع معاً إلى المستقبل لحماية لبنان من المخاطر الوجودية تحت سقف الدولة، وتحقيق التنمية والإزدهار معاً؟
جبران باسيل كان اليوم يؤكد النموذج الآخر، ولما يمكن أن يحققه التيار الوطني الحر للبنان، لو "خلوه"، على ما أشار في استحضاره المصطلح الذي أراد فيه قبل أقل من سنواتٍ خمسة التعبيرَ عن الواقع، فحوّروه للتعمية عن الحقيقة، وعن مساعي "التيار" الذي أعاد ترسيخ حضوره على الرغم من كل الحملات.
المسار السياحي اليوم الجمعة بدأ بتدشين سوق دوما التراثي بعد ترميمه، واستكمال باحتفال خطابي لمناسبة إعلان دوما أفضل القرى السياحية لعام 2023، مع تميز مشاركة أمين عام الأمم المتحدة للسياحة زوراب بولوليكاشفيلي، والسفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني ونائب رئيس صندوق قطر للتنمية سلطان العسيري وسفراء دول عربية وأوروبية. وسوف يستكمل بعد الظهر بسلسلة من اللقاءات والجولات في مدينة البترون وأزقتها التراثية.
وقد حملت كلمة النائب جبران باسيل أكثر من رسالة، لجهة تأكيد التمسك بهوية لبنان ومعناه، وفي رفض إقحام لبنان في الحرب التي لا يريدها، إضافةً إلى التقاطع مع بيان اللجنة الخماسية بالأمس.
فإذ سلّط الضوء على الفرص التي يفتحها ترميم سوق دوما، ولفت إلى السعي لترشيح البترون لتكون أفضل المدن السياحية في العالم، ذكّر اللبنانيين بالمقصود من عبارات "خلونا" و"ما خلونا"، مؤكداً أنه "عندما لا يعرقلنا أحد ننفذ مشاريع كسوق دوما وغيرها وعندما تتم عرقلة التيار الوطني الحر، يحصل ما حصل في سوق البلاط في زحلة".
وقد منح باسيل دوما الصورة التي يراد تقديمها عن لبنان، الذي قال إننا نسعى لإنمائه ومشيراً إلى أن "المشرق من دون لبنان يفقد هويته ومعناه". ووجه باسيل سلسلة أسئلة للعالم، فقال: "إذا انهزمت تجربة لبنان والعيش معاً ماذا ينفع العالم؟ وأضاف: "بدل أن يصدر حضارة يصبح منصة للنزوح ولتطرف لا يسلم منه أحد وخاصة جارته أوروبا".
ومن هذه الأسئلة نفذَ باسيل إلى تناول الملف الرئاسي، في حضور بعض من سفراء "اللجنة الخماسية" التي سبق ودعت أمس إلى دورات متتالية وخطوات تنفيذية للخروج من الأزمة الرئاسية بالإنتخاب.
فأوضح باسيل أنه سعيد بما سمعه من اللجنة الخماسية في بيانهم بالأمس وهو ما تم الحديث مع السفراء بشأنه، مشدداً على أن "لبنان لا يستطيع أن يكمل من دون رئيس على الكرسي في ظل بحث مستقبل لبنان والمنطقة".
وجدد التأكيد على أن التيار الوطني الحر يريد رئيساً للجمهورية يتم التوافق عليه لتحصين عهده، لافتاً إلى انه إذا كان هناك من لا يريد التوافق عندها نذهب إلى ما يقوله الدستور لجهة عقد دورات متتالية فيفوز ديموقراطياً الأقدر، وقال: "هذا واجبنا إما بالتوافق الديموقراطي أو بالتنافس الديموقراطي وهكذا يكون لدينا رئيس لجمهورية نستأهلها".
وفي ملف الحرب في الجنوب أكد باسيل أن "لبنان لا يمكن أن يدفع أثماناً من شبابه لما يحصل في المنطقة بل يستطيع أن يقاوم بمقاوميه ليحصن قوته ومناعته، لكنه لا يستطيع أن يبقى في دوامة حروب في الوقت الذي نريد أن نكون كشعب نعيش بين بعضنا البعض بسلام".
وفي سياق اليوميات الجنوبية، جدد حزب الله إطلاقه نحو مئة صاروخ على مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة والجولان، وذلك على أثر استهداف صباحي للنجارية في جوار الزهراني، في الوقت الذي تواصلت فيه الغارات الإسرائيلية المعادية.