قبل يومين من موعد الجلسة التي سيعقدها مجلس النواب يوم الأربعاء المقبل، والتي ستخصص لمناقشة ملف النّازحين السوريين، بدأت مواقف الكتل تتبلور حول موضوع شائك تصدر المشهد العام في البلاد خلال الآونة الأخيرة، وتحديداً منذ اغتيال مسؤول حزب القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان في 8 نيسان الماضي، والسجال الذي أثارته منحة المليار يورو التي قدّمها الإتحاد الأوروبي للبنان مطلع الشهر الجاري لمواجهة أعباء النازحين، وما تزال تتفاعل تداعياتها والردود عليها، وهي ستكون بلا شك محور الكلمات والمداخلات التي ستهيمن على مجريات الجلسة.
فبعد المواقف السّياسية المحرّضة على النّازحين السّوريين والداعية إلى إعادتهم إلى بلادهم بأيّ شكل، التي تصدّرتها أحزاب القوات اللبنانية والتيّار الوطني الحرّ والكتائب والوطنيين الأحرار وبعض نواب التغيير، وهي أحزاب كان أغلبها مرحّب بقدوم هؤلاء النّازحين إلى لبنان، لأسباب سياسية، عند اندلاع شرارة الأحداث في سوريا مطلع عام 2011، تبدّل موقف هؤلاء من النّازحين، بعدما وجدوا أنّ الأهداف والأحلام التي بنوا عليها مواقفهم قد ارتدت عليهم، وتبخّرت، بعد تغيّر مجرى الأحداث على الأرض.
وأظهرت الإتصالات والمواقف السّابقة أنّ ما سيصدر عن الجلسة لن يكون أكثر من “توصية” لن تلزم الحكومة ولا مفوضية اللاجئين ولا المجتمع الدولي بشيء، وهي لن تكون أكثر من “تنفيسة” و”مزايدة” سياسية وشعبية من قبل البعض، لأهداف تتعلق بمصالح هذه الجهات وليس بمصلحة البلد، كون هذه المواقف عدا عن أنّها تفتقد الواقعية، فإنّها لا تتضمن أي خطّة أو رؤية يمكن البناء عليها لمعالجة ملف النازحين في المرحلة المقبلة.
مؤشّرات ما ستشهده الجلسة النيابية بعد غدٍ، والإتجاه الذي ستسلكه في التوصية المنتظرة، رسمه عضو كتلة حزب الله النائب حسن فضل الله أمس، عندما شدّد على أنّ “معالجة ملف النّازحين السّوريين في لبنان لا تكون موسمية وردّة فعل على أحداث معيّنة، ونتيجة إستفاقة متأخّرة”، في إشارة واضحة إلى رفض أغلب الدّاعين اليوم إلى إعادة النّازحين السّوريين إلى بلدهم في السنوات السابقة، وتأييدهم ودعمهم المعارضة السّورية بشتى السبل.
وكشفت الإتصالات الجارية والمناقشات حول التوصية التي يجري التداول بها، أنّ الغرض منها هو تفادي تبادل الإتهامات والتراشق السّياسي بين النواب والكتل خلال الجلسة، وفتح ملفات الماضي حول مواقف البعض من ملف النّازحين السّوريين الذي دخل عامه الرابع عشر، وهو ماضٍ لا يصبّ في مصلحتهم، لا بل يُورّط الكثير منهم هذه الأيّام.
سقف هذه التوصية حدّده، بشكل غير مباشر، النائب فضل الله، الذي رأى أنّ مناقشة هذا الملف يتم “من خلال مقاربة وطنية بعيداً عن المزايدات أو التحريض العنصري على النّازحين”، داعياً إلى “تعاون الحكومتين اللبنانية والسّورية، وتفاهم الدولتين على كيفية المعالجة”، قبل أن يسأل “الذين يدعون إلى الإعتماد على من يسمّونهم الأصدقاء من الأميركيين والأوروبيين، كما يدّعون، ويقولون دائماً إنّ ما يسمّى بالمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن هي التي تحمي لبنان من خطر العدو الإسرائيلي، وأنّه لا حاجة للمقاومة، نسألهم لماذا هؤلاء الأصدقاء لا يعالجون لكم ملف النّازحين؟”.