يتأرجح الملف الرئاسي بين قليل من التفاؤل وكثير من التشاؤم، بفعل التعقيدات التي تحيط به من كل جانب، وإصرار التيارات السياسية على عدم المبادرة الى إتمام هذا الاستحقاق وطنيا، وعلى وضع لبنان ضمن لائحة إنتظار يبدو أن دوره فيها سيكون بعيدا جدا.
مردُ القليل من التفاؤل يعود الى حراك أميركي يهدف الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يذكر البعض أن إنتخاب العماد ميشال عون جاء قبل نحو إسبوع من إنتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبما أن الاستعدادات الجدية في أميركا ستنطلق بعد حزيران المقبل، فإن الجهود سوف تنصب خلاله على إجراء الانتخابات الرئاسية.
أما التشاؤم الكثير فمرده يعود الى الانقسامات التي تبدأ من التيارات السياسية وتنتهي عند اللجنة الخماسية التي تستأنف نشاطها يوم الأربعاء بإجتماع سيعقد في السفارة الأميركية، لكن هذه الحركة لا يبدو أنها قد تنتج بركة، خصوصا أن الجميع بات يلمس أن الخماسية ليست موحدة، فالقطري يجول بمفرده على القيادات اللبنانية ويسوّق للواء الياس البيسري كمرشح ثالث، ويدعو شخصيات لبنانية الى الدوحة لمناقشة الملف الرئاسي معها بمعزل عن سائر أطراف اللجنة، والسفير السعودي وليد البخاري يقوم بزيارات على بعض المرجعيات لبحث الملف الرئاسي والأوضاع العامة، ويوجه الرسائل السياسية الى من يعنيهم الأمر، فيما أميركا تنتظر إنتهاء الحرب على غزة، وقد بدأت فرنسا تشاركها هذا التوجه بعد إرتفاع نسب التنسيق بينهما في أكثر من ملف.
كل ذلك، يؤكد أن اللجنة الخماسية تفتقد الى الجدية، خصوصا أنها لم تحرك ساكنا حيال النقطتين اللتين وصل إليهما تكتل الاعتدال الوطني بعد مرحلتين من الجولات التي قام بها على كل الأطراف السياسية، لجهة أن تكون الدعوة الى الحوار من الاعتدال، وأن يترأس الرئيس نبيه بري الجلسة بصفته كبير السن ورئيس مجلس النواب ورئيس كتلة نيابية وأن يترك طرح إسم سليمان فرنجية لحلفائه.
واللافت أن اللجنة الخماسية التي كانت تنتظر نتائج جولات وإجتماعات الاعتدال لم تبحث هاتين النقطتين مع أي مكون سياسي، ولم تمارس أي ضغط على أي منه للتخلي عن بعض الشروط التي تدخل ضمن الشكليات وخصوصا القوات اللبنانية ومن يدور في فلكها.
لذلك، تبدو الأمور متوقفة على نتائج الحرب على غزة، حيث يُفترض في اليوم التالي لانتهائها أن يأتي هوكشتاين الى لبنان وأن يلحق به جان إيف لودريان وأن تبدأ المشاورات الجدية والضغوطات على الكتل السياسية لاتمام الاستحقاق الرئاسي، ولا يبدو في الأفق أي حل خارج توقف الحرب التي ترى مصادر مواكبة أنها قد تكون طويلة في ظل التعنت والاسرائيلي والتخبط الذي يسيطر على رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو.
وتلفت هذه المصادر الى أن إستمرار الحرب ولو لأشهر قليلة ستؤجل الاستحقاق اللبناني الى ما بعد الرئاسة الأميركية، خصوصا أن التوافقات التي من المفترض أن تحصل في المنطقة وتنتج رئيسا قد تتجمد على قاعدة أن الاتفاق لا يمكن أن يكون مع رئيس مغادر بل مع رئيس قادم، الأمر الذي سيتسبب بمزيد من التأخير لجهة ترتيب البيت الأميركي الداخلي بعد الانتخابات ومن ثم الالتفات الى ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان، لذلك، وبحسب المصادر فإن مصير الانتخابات يتوقف على الكتل النيابية اللبنانية التي إما أن تبادر الى تجاوز الخارج وفرض رئيس على الدول المعنية، أو أن تنتظر دورها الذي لن يكون قريبا.