عندما أُعلن عن اغتيال مسؤول حزب القوات اللنبانية في جبيل باسكال سليمان، في 8 نيسان الماضي، قام مناصرو القوات بتحركات في الشارع كادت تدفع البلاد نحو إشكال أمني وطائفي خطير، على وقع مواقف تصعيدية لمسؤولي القوات، قبل أن يتم احتواء الموقف لاحقاً ولجم التصعيد القواتي بعد تدخلات وتحذيرات.
تبين في الأيّام التالية أنّ التصعيد القوّاتي أكسبه شعبية في الشّارع المسيحي في إثر الحملة التي شُنّت ضدّ النّازحين السّوريين في مناطق نفوذ القوات والإعتداء عليهم، إلى جانب دعوات حثّت على طردهم من هذه المناطق كخطوة أولى، قبل إعادتهم إلى بلدهم بأيّ شكل من الأشكال كخطوة ثانية.
هذا “المكسب” الشعبي، إذا جاز التعبير، الذي حصّلته القوات في الشّارع المسيحي في حملتها ضدّ النّازحين السّوريين، أثار على ما يبدو “غيرة” التيّار الوطني الحرّ، الطرف الرئيسي الآخر في الثنائية المسيحية، من أجل تحصيل شعبية مماثلة، بعدما تبين أنّ أيّ حملة ضدّ النّازحين السّوريين تعدّ مكسباً سياسياً وشعبياً هامّاً في الشّارع المسيحي، ولو كانت الحملة غير منطقية ولا قانونية ولا إنسانية، وتكاد تلامس المحظور الأمني على وقع إنقسام طائفي ومذهبي خطير يعيشه لبنان.
حملة التيار البرتقالي هذه، ترجمت يوم أمس في خطوتين: الأولى عندما أعلن النائب جورج عطا الله من مجلس النوّاب، وفي مؤتمر صحفي، تقديم إقتراح قانون باسم تكتل “لبنان القوي”، معجّل مكرّر، يرمي إلى ترحيل النّازحين السّوريين غير الشّرعيين المقيمين على الأراضي اللبنانية، ووقف نزوحهم.
أمّا الخطوة الثانية فتمثلت في إعلان التكتل إيّاه في اجتماع عقده أمس برئاسة النائب جبران باسيل عن استكمال جولته التي بدأها على المسؤولين وعلى السفارات الغربية في لبنان ليناقش معه موضوع النّازحين السّوريين، معلناً نيته القيام بـ”تحركات ميدانية” لهذه الغاية، تؤكد حسب قوله “تصميم التكتل على التوصل إلى حلول تحظر تثبيت النازحين في أرض لبنان، بتخفيف وجود غير الشرعيين منهم”.
إستفاقة التيّار وقبله القوات على “خطر” وجود النازحين السّوريين في لبنان، والقيام بخطوات عملية على الأرض (تحريض، إعتداءات، مشاريع قوانين وغيرها) تأخرت قرابة 13 عاماً، منذ بدء النزوح السوري إلى لبنان، وهي إستفاقة تبين أنّ سببها الأول والرئيسي هي مزايدة كلّ طرف على الآخر في الشّارع المسيحي، وللمفارقة إنّ هذه الإستفاقة جاءت في غمرة ردود فعل الطرفين على “حزمة” المليار يورو التي قدمها الإتحاد الأوروبي إلى لبنان لمساعدته في مواجهة أعباء أكثر من مليوني نازح سوري موجودين فيه.
الردود على حملة القوات والتيّار، وسواهما، على النّازحين السوريين في لبنان، جاءت بشكل غير مباشر من الوزير السّابق وئام وهاب، الذي غرّد أمس على صفحته على منصة “إكس” قائلاً: “كلكن بدكن الحقيقة بموضوع السّوريين. خليني صارحكن: الإتحاد الأوروبي يقول إنّ النّازح يكلفه في أوروبا 3 آلاف يورو شهرياً وفي لبنان مائة يورو، وهو يفضل دفع مائة يورو للبنان. لذا أنصحكم بمهاجمة الأوروبي والأميركي لأنّ الحكومة اللبنانية لا تستطيع فكّ الحصار عن سوريا لأنّها لم تضعه هي. وقفو جعدنه وطق حنك وروحو عالمحل الصح”.