اليوم وبعد ما مرّ على لبنان من أزمات متراكمة من العام 1992 وصولاً الى إنفجارها في العام 2019 من خلال ما سمي بتحركات 17 تشرين، لابد من إعطاء كل صاحب حق حقه.
ولابد لمن تغافل، عن جهل أو عن تضليل أو عن قصد أو عن تآمر، من أن يعتذر ممن كان منبهاً ثائراً مطالباً ومتحملاً سوء النوايا منذ زمن بعيد. فالعماد المنفي نبه منذ العام 1997 من مخاطر تثبيت سعر الصرف وطالب بالتدقيق الجنائي، وهو أيضاً من واجه مؤامرة التوطين والتجنيس والحرب الأهلية في لبنان من على منبر الأمم المتحدة رافضاً المليارات من أجل الحفاظ على الهوية اللبنانية، والوزير باسيل من ناشد بتنظيم الدخول السوري الى لبنان ووقف تشريع الحدود البرية بعد الوصول الى عدد معين لأن لبنان ببناه التحتية وقدراته الإقتصادية وطبيعته الإجتماعية لا يستطيع أن يحتمل شعب آخر على أرضه، وباسيل أيضاً من قال أنه مستعد للذهاب الى دمشق من أجل التفاوض على قضية النازحين مع الحكومة السورية بهدف الوصول الى حلّ يؤمن عودتهم الى الأماكن الآمنة وهي صارت كثيرة في سوريا.
من غير التيار الوطني الحر طالب بتلبية مطالب الشعب وإقرار الإصلاحات في مجلس النواب ووقف النزيف من ودائع الناس عبر تقنين الدعم وتطبيق الكابيتال كونترول ووقف التحاويل المالية الى الخارج وإسترداد الأموال المحولة والمنهوبة ووضع التدقيق الجنائي المالي على السكة الصحيحة، وهو من تظاهر أيام أمام أبواب الشركة المحولة للأموال مطالباً بسحب الداتا ووضعها بأيدي القضاء المختص.
وغيرها من القضايا التي فتحناها وطالبنا بها، ولكن بقينا وحيدين في أرض المعركة من دون أي "ناصر ينصرنا". فلا الخصم وضع الخصومة جانباً من أجل المصلحة العليا، ولا الحليف أعاد ترتيب الأولويات من أجل بناء وطن يستحق التضحيات ويفخر به الشهداء ويبقى بأرضه الأبناء.
أمام كل ما سبق كيف تحرك باقي الأفرقاء؟ منهم من عرقل التدقيق مهاجماً الشركات المدققة، ومنهم من عطلوا مجلس النواب من أجل منع الإصلاحات حتى وصولوا الى حد إغلاق الطرقات أمام النواب المطالبين بهذه القوانين. والمؤسف في كل هذا إستغلالهم للشعب الثائر في الطرقات فوجهوا غضبه ووجعه تجاه من يقف الى جانبه وإختبؤا هم خلف دموعه وحاجته.
ولكن على هذا الشعب الذي إستفاق اليوم أن يستذكر، من نادى بالهوية اللبنانية ومن نادى "نازحين جوا جوا"، من طالب بتنظيم الدخول السوري، ومن أوقف التسجيل، من راح بعيداً في سبل المعالجة ومن غطى عميقاً ليستفيق اليوم على أشكال عنفية لا تؤدي سوى الى المزيد من الأزمات في لبنان ويتبنى شعارات شعبوية في قضية النازحين، من إشترى لبنان بدمه ومن يقوم ببيعه اليوم بحفنة من الدولارات وبالتقسيط.
أيها المتآمرون، عليكم بالإعتذار مِن مَن خذلتم وطعنتم وغدرتم، عليكم بالإعتذار من لبنان وشعبه وتاريخه ومستقبله... عليكم الإعتذر ولكن... ما عاد ينفع إن لم نوقف النزيف اليوم اليوم وليس غداً.