كلّ المعطيات تشير إلى أنّ الطريق أصبحت سالكة أمام التمديد للمجالس البلدية والإختيارية في الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي سيعقدها يوم الخميس المقبل، وأنّ هذا التمديد قد أصبح أمراً واقعاً لا يمكن القفز فوقه، إلا من بعض المواقف السياسية التي يحمل أغلبها طابع الشعبوية والمزايدة.
فالمجلس النيابي الذي سيلتئم في جلسة عامة بدعوة من الرئيس نبيه برّي لدرس إقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025، المقدّم من النائب جهاد الصمد، بات في حكم العارف أنّه سيصوت لصالح إقتراح القانون المذكور، بأغلبية مريحة، بعدما تبين له من خلال المواقف والإتصالات والوقائع على الأرض أنّ الأمور تسير في هذا الإتجاه بسبب العدوان الإسرائيلي على مناطق واسعة في محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، وعدم الجهوزية الكافية لوزارة الداخلية لإجراء هذه الإنتخابات برغم الإدعاء عكس ذلك.
أبرز هذه الوقائع أنّ محافظة جبل لبنان، وهي المحافظة التي أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي عن إجراء أولى جولات الإنتخابات المحلية فيها في 12 أيّار المقبل، لم تشهد دوائرها أيّ ترشّح حتى الآن برغم أنّ موعد هذه الإنتخابات يبعد نحو 3 أسابيع فقط، ولم تشهد أيضاً أيّ نشاط إنتخابي، ما يؤكّد أنّ المعنيين بهذه الإنتخابات من مرشحين وأحزاب وقوى سياسية متأكّدين أنّ هذه الإنتخابات ستتأجل.
ويُنتظر أن يحظى إقتراح القانون المذكور بموافقة أغلبية القوى السّياسية التي ستصوّت لصالحه، من الثنائي الشّيعي (حزب الله وحركة أمل) إلى الحزب التقدمي الإشتراكي، وتيّار المردة، وكتلة التوافق الوطني ونواب مستقلين، فضلاً عن “تسرّب” نواب من كتل التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية وكتلة الإعتدال الوطني الذين سيصوّتون إلى جانب إقتراح القانون ليخرج بما يشبه الإجماع الوطني عليه، بعدما اتضح أنّ الجميع لا يرغب في إجراء الإنتخابات المحلية حالياً، والتمديد للمجالس البلدية والإختيارية عاماً جديداً بعد تمديدين سابقين في العامين 2022 و2023.
وبرغم أنّ بعض الأحزاب والتيّارات السياسية، وعلى رأسها القوّات اللبنانية وحزب الكتائب وبدرجة أقل التيّار الوطني الحرّ، أعلنوا مراراً رفضهم التمديد للمجالس البلدية والإختيارية، ودعوتهم إلى إجرائها في موعدها، فإنّه كان لافتاً أنّ مناطق نفوذهم لم تشهد أيّ ترشّح أو أيّ حَرَاك إنتخابي، سواء لمحازبيهم أو مؤيديهم، ما أعطى إنطباعاً واضحاً أنّ التمديد قد أصبح سارياً حتى قبل إقرار قانون التمديد.
إلى ذلك، وقبل موعد الجلسة التشريعية الخميس المقبل، بدأت المواقف السياسية تصبّ في هذا الإطار، وتدعم هذا التوجّه. آخر هذه المواقف ما قاله النائب فيصل كرامي أمس من أنه “لطالما حاضر علينا فريق سياسي بالـ raison d etatحين التمديد لقائد الجيش واللواء عماد عثمان، وقالوا لنا ونحن مقتنعون بما قالوه، أنّ الإستقرار في لبنان يتطلب هذا التمديد تجنباً للفراغ، فإذاً نسأل كيف ينطبق التمديد في تلك الحالة ولا ينطبق التمديد اليوم للمجالس البلدية. نحن كلنا أولاد بلد واحد، لذلك نحن ذاهبون بنيّة المحافظة على وحدة البلد واستقراره”.