لم يكَد لبنان يستقبل جثمان باسكال سليمان، حتى كانت جريمة قتل جديدة، ومريبة، تهز اللبنانيين. بعد خطف باسكال وقتله، وما رافق ذلك من توتّر وتشنج، سرى ليل أمس الثلثاء خبر مريب: العثور على جثة المواطن محمد سرور في إحدى الشقق في المونتي فردي بين بيت مري والمنصورية.
كان ذلك ليكون خبراً روتينياً في سجل الجرائم، أو عاملاً جديداً للتوتير. بعد خطف المسيحي باسكال سليمان وتوجه الإتهامات بداية إلى قوى شيعية، ها هو لبناني شيعي، يعثر عليه مقتولاً في منطقة مسيحية. الأخطر، مسارعة وسائل إعلام إسرائيلية وعربية، إلى الحديث عن أنه قُتل على يد "الموساد" الإسرائيلي، لصلتِه بتحويل أموال لحماس.
وما كاد يحل بعد ظهر الأربعاء، حتى كانَ خبرٌ مريبٌ آخر يأتي من قضاء زحلة. إحراق مركز للحزب السوري القومي الإجتماعي في بلدة جديتا والحديث عن رفع علم القوات اللبنانية عليه! القوات في زحلة استنكرت ودانت. الحزب السوري القومي رد بأنها طابور الفتنة. شخصيات سياسية دعت للتنبه. لكن، مع وافر الإنقسامات العقائدية والتاريخية بين الحزبَين الوارثين إيديولوجياتٍ متواجهة وتنظيمات عسكرية، يطرح كل هذا التزامن أسئلة مشروعة، أبرزها التالي: ما العلاقة بين كل تلك الأحداث، وهل تزامنها صدفة؟؟
السؤال يزداد مشروعيةً وحراجة، إذا بقيت في ذهننا المراقبة الإسرائيلية اللصيقة للبنان، والسعي للإستثمار في الإنقسامات، والحديث المتواتر عن حربٍ مدمرة لا تشبه سابقاتها.
كل ذلك، يستدعي من جميع اللبنانيين، خاصةً أولئك الذين يتذكرون مرارات الحرب، وفظائعها، التفكير بعيداً من العصبيات ورد الفعل العاطفية. وبعيداً من الإندفاع، والإنزلاق، لا بد من وعي لبناني يتجاوز الصراعات، سعياً لحماية الوطن الصغير، من نذر حرب وفتنة لا تُبقي ولا تذر...
وما دعوات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالأمس، إلا خارطة طريق لهذه الحماية المنشودة، انطلاقاً من أخذ العبر، والتمسك بالدولة ومؤسساتها الأمنية، والإبتعاد عن التحريض، وصولاً إلى رسم خط أحمر حول الجنوب وكل لبنان، مع إشراك المجتمع الدولي في هذا الواجب. فهل من تعقلٍ لبناني، ينقذ الوطن؟