أعطى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، يوم أمس، إشارة مضمرة إلى احتمال تأجيل الإنتخابات البلدية المرتقبة في شهر أيّار المقبل، بعدما كان يصرّ في أغلب مواقفه وتصريحاته السّابقة على أنّ الإنتخابات المحلية ستجري في موعدها، نافيا أيّ تأجيل لها.
واللافت أنّ موقف مولوي الأخير جاء من الصرح البطريركي الماروني في بكركي بعد مقابلته البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، عندما قال ردّاً على سؤال أنّ “قرار تأجيل الإنتخابات لم يُحسم بعد”، مؤكّداً ضمنياً بأنّ هناك مشاروات ما تجري لتأجيلها، مضيفاً وكأنّه يرسم “خارطة طريق” ومخرجاً للتأجيل بأنّ هذا الأمر يحتاج لـ”قانون” يجب إقراره في مجلس النواب ليصبح التأجيل أمراً واقعاً وقانونياً.
أمّا لماذا جاء موقف مولوي من بكركي دون غيرها التي زارها مهنئاً بالأعياد، فهو كي يقف على هواجس الكنيسة المارونية وأيضاً هواجس القوى السّياسية المارونية المختلفة حيال هذه الإنتخابات، وتحديداً بما يتعلق بانتخابات بلدية بيروت، وإنْ لم يصرّح وزير الداخلية ولا الكنيسة المارونية حول هذه النقطة تحديداً، بعدما أعلن مولوي بوضوح أنّ الإستحقاق البلدي سيجري وفق القانون الحالي، أيّ الأكثري، وهو قانون إذا جرت هذه الإنتخابات على أساسه في بلدية بيروت، فإنّ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وفق إستطلاعات عدّة، ستصبح من الماضي، في ظلّ غياب أيّ قوّة سياسية من شأنها أن ترعى مبدأ المناصفة بعد ابتعاد الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل عن المشهد السّياسي اللبناني، وعدم وجود من يُعوّض غيابه.
رمي مولوي، ومعه الحكومة، كرة التأجيل في ساحة مجلس النوّاب، الذي يبدو أنّه ينتظر تلقف إقتراح التأجيل كي يسير به، لم يمنع وزير الداخلية من تأكيد قيامه بواجبه، من باب رفع العتب، عندما أكّد أنّ وزارته “ملزمة بإجراء الإنتخابات البلدية وتطبيق القانون الحالي، الذي ينصّ على أنّ ولاية المجالس البلدية والاختيارية تنتهي في 31 أيّار المقبل، وأنّه سنبدأ في مرحلة أولى بدعوة الهيئات النّاخبة لهذه الإنتخابات، وأول محافظة ستكون جبل لبنان”، مضيفاً أنّه “نحن ملزمون بتطبيق القانون، وسنبدأ بجبل لبنان ثم الشّمال بعدها بيروت وصولاً إلى كلّ لبنان”.
في جوابه على سؤال وُجّه إليه، إكتفى مولوي بذكر المحافظات التي ستجري فيها الإنتخابات البلدية، وهي الشّمال وبيروت وجبل لبنان، من غير أن ياتي على ذكر محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، وهي المحافظات التي تتعرض منذ قرابة 6 أشهر لاعتداءات اسرائيلية، وهي إعتداءات أدّت وفق ما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس، في مستهل جلسة للحكومة، إلى سقوط 331 شهيداً ونزوح نحو 100 الف نازح، وتضرر قطاعي الزراعة وتربية الماشية، وكذلك القطاع التربوي نتيجة إغلاق 75 مدرسة نهائياً بسبب هذه الإعتداءات، ما يطرح سؤالاً: كيف يمكن والحال هذه أن تجري الإنتخابات المحلية بينما نصف مساحة لبنان تقريباً، تتعرض لاعتداءات، وكذلك نصف سكانه تقريبا إمّا نازحين أو مُهدّدين في حياتهم وأرزاقهم بفعل هذا العدوان؟.