يوم أول من أمس، أعلنت المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامّة، بأنّها أوقفت في مدينة طرابلس، خلال الفترة الممتدة بين 10 و23 آذار الجاري، 24 شخصاً بجرائم مختلفة، خلال تنفيذ شعبة المعلومات دوريات في المدينة وإقامة حواجز وكمائن ومداهمات، وأنّ الذين تم توقيفهم توزّعت التهم الموجّهة اليهم والجرائم التي ارتكبوها بين: إطلاق نار، ومحاولة قتل، وتسبب بإيذاء، وتعاطي مخدرات، ونشل، وسرقة، وحيازة أسلحة حربية دون ترخيص.
المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي برّرت في بيانها ما تقوم بها من حملات بأنّها تأتي “في إطار الإجراءات التي تقوم بها لتوقيف المطلوبين والمُخلّين بالأمن ضمن مدينة طرابلس خلال فترة شهر رمضان المبارك”، مضيفة أنّه “أعطيت الأوامر للقطعات المختصة لتكثيف دورياتها في مختلف مناطق هذه المدينة، والعمل على توقيف المطلوبين والمشتبه بهم بمختلف أنواع الجرائم”.
لكن هل تعتبر هذه الإجراءات والتدابير وما قامت وتقوم به القوى الأمنية كافية ليعود الإستقرار إلى طرابلس، وضبط الفلتان الأمني فيها الذي اندلع بشكل مريب ويثير كثيراً من الشّكوك منذ اليوم الأول لشهر رمضان، ليقضي مسبقاً على الآمال التي عُلقت على الشّهر الفضيل لتحريك الوضع الإقتصادي في عاصمة الشّمال، وانتشالها من ركودها، وإعادة قليلاً من الحياة وضخّ الروح في أسواقها؟
ما يدعو إلى عدم الإرتياح هو أنّ عدد المطلوبين الذين تمّ توقيفهم يعتبر قليلاً جدّاً، ولا يُترجم مسعى القوى الأمنية إلى ضبط الوضع في طرابلس، وجدّيتها في ذلك، خصوصا أنّه خلال إشكال واحد شهدته المدينة منذ اليوم الأول لشهر رمضان، من بين عدة إشكالات يومية، كان عدد المشاركين فيه أكبر من الذين جرى توقيفهم خلال أسبوعين من عمل القوى الأمنية، وفق البيان الذي أصدرته؟
وما يجعل أهالي المدينة يشعرون أنّ هذه الإجراءات والتدابير لم تؤد إلى أيّ نتيجة ملموسة، وأنّ الفلتان الأمني ما يزال على حاله، هو ما شهدته منطقة التربيعة في وسط المدينة القديمة قبل أيّام، أيّ بعد الفترة الزمنية التي أوردتها في بيانها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، إذ دارت معركة حقيقية بالأسلحة الرشاشة في المنطقة بين أصحاب مولدات إشتراك الكهرباء بسبب خلاف بينهم على تقاسم النفوذ في المنطقة، وقد أدّى الإشتباك إلى إحراق محل تجاري وسيّارة وبسطة، وإقفال المحال التجارية في المنطقة أبوابها وإلى هروب المتسوقين بجلدتهم من المنطقة مذعورين، وعازمين على عدم العودة إليها مجدّداً.
ما سبق يقود إلى أمرين: الأوّل أنّ الإجراءات الأمنية التي اتخذتها القوى الأمنية لم تردع المخلّين بالأمن عن الإستمرار في دبّ الفوضى والذّعر في المدينة وفي إلحاقهم الأضرار بمرافقها وأسواقها؛ والثاني أنّ القوى الأمنية لم تتخذ أيّ إجراءات إستباقية لضبط الأمور ووضع حدّ للفلتان الأمني في طرابلس، الذي ينذر بالقضاء على الأمل الضئيل الذي وضعه الأهالي والتجار وأصحاب المصالح لاغتنام شهر رمضان كما كانوا يرجون.