أخيراً.. وبعد طول إنتظار، إتخذت الحكومة يوم أمس قراراً بتمويل مشروع معالجة الإنهيار الذي وقع في جبل الشقعة في شكّا، المطل على الطريق الدولية التي تربط بين مدينتي طرابلس وبيروت، على أن يكون التمويل من المبالغ المتوفرة لصيانة الطرق لدى وزارة الأشغال، حيث تقوم الوزارة بتحويلها إلى الهيئة العليا للإغاثة، ولتقوم بعدها باستكمال العمل، ما سينهي مبدئياً معاناة آلاف المواطنين الذي يعبرون الطريق يومياً، منذ انهيار الجبل في 14 كانون الثاني من العام 2019.
هذه المعاناة التي استمرت طيلة 5 سنوات ونيّف، من المفترض أن تنتهي قريباً، بعدما أعلن وزير الأشغال العامّة والنقل علي حمية، عقب جلسة الحكومة، بأنّه “من المفترض أن يبدأ العمل بالمشروع في الأسبوع المقبل”، معتبراً أنّ “هذه خطوة مهمّة للحفاظ على سلامة الطرق وتحسين البنية التحتية في المنطقة”، بعدما كان الإنهيار المذكور قد تم تلزيمه إثر حصوله من قبل الهيئة العليا للإغاثة بتكليف من الحكومة في العام 2019، لكنّ الأزمة المالية التي عصفت بلبنان، وانهيار سعر صرف الليرة الوطنية التي فقدت الكثير من قيمتها، أوقفت الأشغال طيلة الفترة السّابقة.
وإذا كان مشروع معالجة الإنهيار المذكور ينطبق عليه المثل الفرنسي الشّائع: “أنْ تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً”، فإنّ أسئلة كثيرة فرضت نفسها بعد استفاقة وزارة الأشغال والحكومة والتشمير عن يديهما، لصيانة هذه الطريق الحيوي والهام نظراً لأنّه يربط بين محافظة الشّمال والعاصمة، من أبرزها ما يلي:
أولاً: هل يحتاج هكذا مشروع بالغ الأهمية إلى الإنتظار 5 سنوات قبل أن تجري معالجته، وتأمين التمويل له، وماذا كانت ستفعل وزارة الأشغال والحكومات المتعاقبة منذ الإنهيار، لو أنّ الطريق الدولي في المنطقة المذكورة قد أغلق بشكل تام، هل سيتم الإنتظار طيلة هذه السنين وعزل الشّمال عن بقية الوطن إلى حين إستفاقة المعنيين من سباتهم؟
ثانياً: إذا كان هكذا مشروع وحيد إستغرق إلتفات المسؤولين إليه طيلة هذه السنوات، فكيف سيكون الحال لو أنّ البلاد أصيبت ببعض عوارض الزلزال الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا في 6 شباط في العام 2023، ودمّر آلاف المنازل وتسبّب بانهيار مئات الطرقات والجسور والأبنية والمرافق العامة، كم سيستغرق إصلاح الأضرار ومساعدة المواطنين إذا كانت همّة وزارة الأشغال والهيئة العليا للإغاثة والحكومة على هذا النحو الخجول؟
ثالثاً: كيف سيكون تلزيم وتنفيذ المشروع المذكور، ووفق أيّ مواصفات ودفتر شروط، وهل سيتم إلتزام المتعهد بهما، وهل سيكون التنفيذ بمواصفات جيدة لمنع حصول إنهيار جديد، ومن سيراقب ما يجري من أشغال، وهل هناك ضمانة أن لا يتكرّر الإنهيار مجدّداً، وأن لا يشوب تنفيذ المشروع عيوبا كما جرت العادة؟..