2024- 12 - 25   |   بحث في الموقع  
logo بالصور: دُمّر بالكامل.. حريق ألواح شمسية يلتهم “كيوسك” في طرابلس logo الجيش تدخل.. غضب في مستشفى السلام بطرابلس بعد وفاة طفل logo القنيطرة: جرحى برصاص القوات الإسرائيلية في بلدة السوسة logo “طيران الإمارات” تُمدد إلغاء رحلات بيروت وبغداد logo بعد تحريض خامنئي.. إيران وسوريا تتبادلان التهديدات logo تهان بالميلاد ورأس السنة logo أمطار غزيرة وعواصف.. إليكم تفاصيل الطقس logo الراعي: الأحداث الأخيرة زادت القناعة بأهمية حياد لبنان
سوق النحاسين في طرابلس حيث يجتمع الفن والتراث والتاريخ!.. صبحية دريعي
2024-03-16 07:25:40

تتسابق الأسواق الطرابلسية في ما بينها على إثبات إرثها التاريخي.


أسواقٌ شكلت رافداً أساسياً لاقتصاد المدينة وأهلها وما يميز أسواق طرابلس أنّ لكلّ سوق من هذه الأسواق إسمه المأخوذ من نوع الصَنعة او الحرفة التي ينتجها ومن هذه الاسواق سوق النحاسين..


لم يكن سوق النحاسين في طرابلس يحتاج لمن يدل عليه فقرقعة النحاس وأصواتها التي تعلو في المكان تدلك عليه هو سوق لبيع النحاسيات وشاهداً ليومنا هذا على تاريخ مدينة طرابلس.


هذا السوق الذي بُني في عهد المماليك يمتلك شهرة كبيرة وواسعة، ولعلّه من أشهر أسواق مدينة طرابلس ويمتد من “حمام عز الدين” الى محلة “التربيعة” ومنها الي السراي العتيقة، ويعتبر بمثابة الحد الفاصل بين “سوق البازركان” ومحيطه، وبين “خان الخياطين” والاحياء التي تؤدي الي “سوق حراج” و”بركة الملاحة”.


تعرض السوق لتغيير جوهري منذ كارثة طوفان نهر أبوعلي في خمسينيات القرن الماضي، أدت إلى تقسيمه إلى نصفين وفتح الطريق أمام السيارات.


إلى جانب ما ساهمت به الحرب الأهلية (1989- 1975 ) في تهجير الحرفيين،غير أن قيمة الأعمال النحاسية وجودتها عادت لتبرز اهميتها فأضحت الأواني والأراكيل والمناقل والطناجر والتحف النحاسية وغيرها زينة تتفاخر ربات المنزل بجودتها وقيمتها المادية.


يحتوي سوق النحاسين على العديد من المحال المجاورة لبعضها البعض حيث يقوم الحرفيون الطرابلسيون بتشكيل القطع النحاسية و من ثمّ نقش الزخارف والكلمات عليها لتصبح قطع نحاسية فنية تحظى بإعجاب الناس وترضي مختلف أذواقهم،


وبطَرقات الحرفيين الماهرة يتحول معدن النحاس الخام إلى تحف فنية مختلفة الأشكال والألوان، فيتلون النحاس بين أحمر وأصفر والنحاس المغطس، كما تتم صيانة الأواني النحاسية القديمة وتلميعها لتستعيد بريقها.


هي مهنة جمعت بين الفن والصناعة فتحول سوق النحاسين الى تحفة تاريخية جذبت اللبنانيين والسياح العرب والاجانب وشكلت مهارة النحاسين علامة فارقة في الصناعة اللبنانية.


في محل الحج زهير طرطوسي يعم صوت الطرق على النحاس، وهو امتهن مع عائلته هذه الحرفة منذ أكثر من خمسين عاماً. طرطوسي يتحدث ل عن سوق النحاسين فيقول: “كان من أكبر الأسواق ومن اجملها ينبض بالحياة والحيوية يضم عشرات المتاجر ويمتلئ بأجمل النحاسيات من الحلل والصواني والتحف الفنية وكل ما يتطلبه المنزل اللبناني وحتى السياح القادمون من الخارج يأتون لشراء بعض التحف التي تنال اعجابهم “


ويتابع “إن النحاسيات لها اشكال مختلفة وهي فن بحد ذاته لاننا نصنع من النحاس تحفاً فنية رائعة واشكالاً مميزة من مزهريات ونراجيل وتحف منزلية واوانٍ للطبخ ومناقل وسيوف ودروع وصدور الصواني والثريات والفوانيس وارتيزانا ويعود بعضها الي العهود السابقة الفاطمية والشركسية والمملوكية بنقوشها المختلفة والقديمة”


ويتمنى طرطوسي “على المسؤولين ضرورة الحفاظ علي هذه الحرفة من خلال جمع سوق النحاسين والمعامل المتناثرة في مناطق عدة بطرابلس عبر اقامة سوق للتراث الطرابلسي يعيد لهذه المهنة رونقها ويحافظ عليها وعلي العاملين فيها”



أما عماد (أحد العاملين في هذه الحرفة) فيقول: اعمل مع والدي وعمي في هذه المهنة منذ 20عاما، وقد توارثناها عن اجدادنا، مبديا محبته للمهنة لانها حرفية وتراثية وتمثل الحياة في سوق النحاسين


ويضيف: “اقوم بنقش لوحات اشخاص على النحاس ثم ألبّسها بالذهب معتمدا على الادوات التقليدية الموروثة، ولذلك يكون العمل مميزا ونادرا، كما ارسم على النحاس اي شكل بعد ان اضع تحته قطعة من القماش كي تأخذ الشكل المطلوب، ثم اعاود الكرة من الجهة الثانية للنحاس كي تضبط الصورة، واستعمل في الرسم قلم خشب او سنديان او زنزلخت وبعد الانتهاء من الرسم واعطائه الشكل المطلوب اذا كان النحاس برونزي اللون ألمّع الشكل الظاهر النافر واترك القسم غير النافر والذي يصبح خيالاً “


لا تقتصر حرفة النحاس على الرجال فقط بل للنساء ايضاً دور في حرفة أحببنها وأبدعن بها“ فالسيدة فاطمة طرطوسي” تمكّنت من إثبات نفسها في صناعة التحف النحاسية وتقول”كان والدي يعمل في صناعة النحاس مع عمي وأولاده في يوم من الأيام تم فصل الشراكة بين والدي وأخيه لان ليس لديه أولاد ذكور يساعدونه في العمل الأمر الذي استفزني وجعلني أنزل مع والدي الى الورشة لمساعدته تعلّمت منه الحرفة وأصبحت فنانة ومبدعة فيها “


بين طرابلس وصناعة النحاس قصة تاريخ لحرفة قد تضاهي بجماليتها وقيمتها الذهب، وسوق النحاسين كغيره من الأسواق التاريخية في طرابلس يحتاج اليوم الى عناية الدولة ودعمها لتبقى رمزاً من رموز الصمود وحرفة تنتقل من الأجداد الى الأحفاد.





safir shamal



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top