في ظل مجاعة حقيقية وحال يرثى لها مِن شظف عيش يستظل شعب باكمله ركام دمار مدنه، مفترشآ بطانيات رثة ملتحفآ اغطية بِما تيسر مِن صوف جاعد، فيما الاعين الدامعة شاخصة الى سماء تسقط مساعدات غذائية من ضريع، بالكاد تسد رمق آلاف مِن مليونين، ودوائية لا تتعدى امصالآ ومسكنات يَصعد الرئيس جو بايدن الى منصة تحت قبة المؤسسة الدستورية الاولى والهيئة التشريعية الدستورية “الكونغرس الاميركي” في الجناح الشمالي لمبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة ليلقي خطابه السنوي عن (حالة الاتحاد) امام 535 مستمعآ مِن اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب ينتمون الى كلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري كما بضعة مستقلين..!
بصرف النظر عن تنسيق الخطاب ومفاصله حملت الترويسة (اللازمة المعتادة) سواء مِن منطلقات مبدئية ام لضرورات غزو وهيمنة ضمانآ لأمن العالم الحر عبارة: “الحرية الديمقراطية تتعرض لهجمات داخلية وخارجية..!
في فقرة اسرائيل وحماس اعلن «ان حماس منظمة ارهابية أقدمت في السابع مِن اكنوبر الماضي عَلى ذبح 1200 شخصا بريئا من النساء والفتيات والرجال والشباب وعانى العديد منهم من العنف الجنسي وأخذ 250 شخصا كرهائن، واصفا هذا اليوم بـ”الأكثر دموية للشعب اليهودي منذ المحرقة»..!
في مضمون العبارات الانشائية تمنٍ وطلب لا أمر ونهي، غالبة تُوحي بتضامن صوري او شكلي مع الشعب الفلسطيني مع دعوة الى وقف فوري لاطلاق النار محددة بستة اسابيع؛ معتبرآ (حماس تختبئ وتعمل بين السكان المدنيين ما يلقي عبئآ اضافيآ ومسؤولية أساسية عَلى اسرائيل لحماية المدنيين الأبرياء في غزة)..!
في رأي اعجزه حق وصواب، اشار الى أن واشنطن تقود جهودآ دولية لإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة؛ مضيفآ أنه اعطى توجيهاته لاركان الجيش الاميركي “قيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة لاستقبال السفن الكبيرة التي تحمل الغذاء والماء والدواء وملاجئ مؤقتة”، مشددا على أنه “لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض”..!
الفقرة الاخيرة لا يمكن ان تؤخذ بحسن النوايا فالنية “ملاك الاعمال” عَلى ما يقول الرسول الاكرم وعليها يكون القبول والرد، والثواب والعقاب.. اذ ان وراء الأكمة ما وراءها في مؤداها جملة اسئلة تُطرح، منها لا حصرآ التالي:
هَل المرفأ المستحدث عَلى شاطئ القطاع المحاصر هو فعلآ لتأمين مَدد المساعدات لسكانه الاحياء..؟
هل سيوافق رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عَلى المهمة الاميركية ويسمح بها..؟
هل سقطت هدنة شهر رمضان المبارك، ومنيت بالفشل المحادثات المعلقة في العاصمة المصرية القاهرة لتوطيد وقف دائم لاطلاق النار ما يسمح بحل شامل للقضية الفلسطينية…؟ الخ…! مع لحظ ان بناء رصيف المرفآ ليستوعب السفن الضخمة يستغرق اسابيع عدة ان توفرت اطقم العمل والمعدات، ما يعني استمرار العدوان وبالتالي جرائم الابادة الجماعية..!
مِن هذه المنطلقات لا يمكن استبعاد فرضية انشاء المرفآ عن امكانية استخدامه لاحقآ لإجلاء قيادة ومقاتلي حركة حماس بحرآ مِن القطاع الى احدى الدول العربية رُبما الجمهورية الجزائرية، وبالتالي افراغ قطاع غزة مِن المقاومة وتسليمه الى سلطة فلسطينية معدلة؛ ضمن تَسويَة ترضي نتنياهو وتحفظ ماء وجهه..! اذ ان مشهد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية يغادرون مدينة طرابلس عَلى متن سفن يونانية الى تونس وعلى رأسهم الرئيس ياسر عرفات عام 1983 لا يزال ماثلآ في الذاكرة..!
في السياق، لا يمكن تبرئة نتنياهو مِن رغبته وسعيه لانهيار محادثات وقف اطلاق النار قبل ايام مِن حلول الشهر الفضيل، فالمناخات السلبية تعممها وسائل اعلام العدو بالجملة، عارضة جملة عقبات تفرمل التوصل الى اتفاق الهدنة منها عودة النازحين الى شمال قطاع غزة، عرقلة ضخ المساعدات اليه، طلب اسماء الاسرى الاسرائيليين الاحياء مع بيان آلية الافراج عنهم دفعة واحدة، اضافة الى رفض انسحاب القوات الاسرائيلية بشكل كامل من القطاع الخ..
ما سيرفع منسوب احتمال شن الهجوم المحضر على مدينة رفح ومحيطها اضافة الى امتداد التوترات وتوسع المواجهات في الضفة الغربية والقدس.. يَبقى الامل ضئيلآ في نجاح الضغوط الدولية بالتوازي مع مشروع القرار الاميركي المقدم الى مجلس الامن الدولي القاضي بوقف اطلاق النار ستة اسابيع؛ اضافة الى ان كرة النار ستبقى مشتعلة طالما نتنياهو يركب رأسه معاندآ مكابرآ متماديآ في حماقته او جنونه..!
الكاتب: العميد منذر الأيوبي
عميد متقاعد،كاتِب وباحث